18 ديسمبر، 2024 8:40 م

أمّة لا أقرأ!!

أمّة لا أقرأ!!

أمّةٌ وُلِد فيها سيّد الكائنات وحبيب رب الأكوان أجمعين , يرفع مشاعل “إقرأ” , فأخرجها من الظلمات إلى النور.

وفي يوم ميلاده الكريم , تجدها أمة لا تقرأ , ولا تعمل بمعاني رسالته الرحيمة الهادية للطريق الصالح المبين , المنوّر بالرحمة والمحبة والرأفة , والعطف الإنساني المطلق على كل مخلوق فوق التراب.

أمة وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين , تتحول مجتمعاتها إلى جمرات إنفعالية عاطفية عمياء تتصادم وتتقادح لتستحيل رمادا , وهباءّ منثورا.

هذه الأمة لا تملك إلا الأقوال والمديح , وترديد ذات الكلمات , وما تعلمت كيف تعمل بدينها السليم , وإنما حشرت الأفكار والتهيؤات والتكهنات في جوهر الدين , حتى أصبح المسلمون لا يعرفون من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا إسمه , فأعمالهم تذبح الدين على مقصلة التلاحي والجهل بالدين.

كانت الأمة تتناطح بكل ما فيها من مسميات وتوصيفات , وتتبع الأهواء وتعمه في الضلال , وقد عادت إلى دون ما كانت عليه , قبل أن تتنور قلوب أجيالها بأنوار السماء.

وهكذا ترانا نسمع أقوالا عن سيرتك المعطرة , وأعمالك السامية , وما نجد فعلا من حولنا يشير إلى أننا نعرف ديننا.

يا رسول الله , المسلم يقتل المسلم بدم بارد , ويكفّره وينتهك حرماته ويُهجّره ويخطفه ويمتهنه ويعاديه , وفقا لأفكار الغلو والتطرف والعدوان.

يا رسول الله , النفس الأمّارة بالسوء أصبَحت دينا , وقوة فاعلة في حياة الناس ومقررة لمصيرهم , حتى هجر الناس مواطن الدين , وتشردوا في أصقاع الآخرين , الذين يرحمونهم ويحمونهم من مخالب أفكار الدين , التي تسعى لإفتراسهم ومحق وجودهم بذرائع البهتان والدجل والضلال.

يا رسول الله , نعيش زمنا بلا رحمة ولا إنسانية , ولا تكافل وتوادد , وإنما رايات الدين تُرفع للعدوان على الدين , والمسلمون ينهالون على وجودهم بطاقات إنتحارية تدميرية لا يجرؤ عليها ألدّ أعدائهم.

يا رسول الله , قلتَ أباكم واحد , وربكم واحد وكتابكم واحد ونبيكم واحد , لكننا نحسب الواحد وفقا لإنحرافات مَداركنا , حتى أصبح لكل منا “واحد” , ومَضينا نتواكل ولا نتوكل , ونتقاتل ولا نعتصم بحبل الله ورسوله وكتابه.

يا رسول الله , أضحت خطبنا نواحا وبكاءً , وإسلامنا دموعا وسفك دماء , حتى ضج منا الحجر , وأنكرتنا أقوام عصرنا , وحسبتنا من الموجودات المرفوضة المبغوضة , التي تثير التوجسات والشكوك , فما جئنا بعمل صالح , وتمادينا بنشر ما هو طالح , ولا مِن غيرة على الأمة والدين , وما عندنا إلا قول التظلم والتشكي والفعل المهين!!

يا رسول الله , غاب التُقى , وصار الفساد هو الهدى , والعدوان مذهب ودين , والإسلام القويم على رفوف الراحلين , فهل بقي عندنا دين؟!!