24 نوفمبر، 2024 6:47 ص
Search
Close this search box.

شركة فورد ( الأســـــــدية ) !!

شركة فورد ( الأســـــــدية ) !!

كلما حدث ويحدث بعراق ما بعد سنة 2003 هو من عجائب الزمان ، فلا يوجد أكثر من اجتماع المختلف ، وجمع المتناقض ، وحدوث صور لا تخطر ببال أحد ، لا بعلم السياسة ، ولا بعلوم الاقتصاد أو الاجتماع ، حيث توجد قواعد وأسس لتلك العلوم تتطور نحو الأفضل عادة من أجل تقديم الأفضل والوصول للمبتغى الأرقى .

ولكن بعراق الديمقراطية الأمريكية كل شيء مختلف ، ينتهي بنتيجة واحدة ، ووحيدة ، هي صناعة فاسد من أموال حرام ، ملطخة يداه بدماء الأبرياء ، ومن ثم يصبح وجهاً معروفا بالأعلام ، ويؤسس حزب أو تكتل ، ويصبح له أنصار ويفتتح فضائية أو صحيفة أو إذاعة .

يتحول الحافي بين ليلة وضحاها إلى رجل أعمال ، ويمسك مسبحة لا تفارقها أصابعه ، وبعضهم يضع وشماً على جبينه ، ليثبت به للآخرين أنه لا يفارق صلاة الليل !

قبل نهاية سنة 2006 بدأت شركة فورد الأمريكية لصناعة السيارات بالتفكير جدياً في إعلان إفلاسها الرسمي ، كي تتخلص من ثقل الديون التي إصابتها ،نتيجة متغيرات أسواق السيارات العالمية وذلك بسبب غزو الأسواق من قبل دول ناشئة وأخرى دول كبرى ولكنها غير محترفة بصناعة السيارات أو منافسه تقليدياً لهذه الصناعة ، حيث دخلت الأسواق العالمية سيارات خفيفة ورخيصة بسعرها ، لا تملك متانة حقيقية ، ولكنها اقتصادية كثيراً باستهلاك الوقود وبأسعار موادها الاحتياطية ، وأصبحت مفضلة لدى المستهلكين بسبب الظروف الاقتصادية العالمية . ولكن الشركة الأمريكية التي توشك على إعلان إفلاسها ، تتسلم عرضاً مغرياً يدعمها مالياً ويعيدها بقوة للأسواق لتعيد تغيير جذري لمستوى متانة صناعتها التقليدية من أجل مواكبة ومنافسة السيارات الأرخص .

لقد رتب عدنان ألأسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية بحكومتي المالكي السابقتين عدة لقاءات سرية مع ممثلين عن شركة فورد الأمريكية في ألمانيا للتفاوض ، وتقديم عرض مغري جداً للشركة يقوم ألأسدي بالتعهد من خلاله للشركة بأن يبرم معها عقداً لتوريد مختلف أنواع السيارات والشاحنات والصهاريج الصغيرة والمتوسطة من شركة فورد لفترة لا تقل عن عشرة سنوات وبأسعار أكثر بكثير من قيمتها الحقيقية ، لصالح وزارة الداخلية العراقية ، مع تقديم سلف تشغيلية لا تقل عن 30% مقدما بعد توقيع العقد لأي صفقة يتم التعاقد عليها ، مقابل أن يحصل ألأسدي على وكالة حصرية لفترة العشرة سنوات باسم أحد أقاربه الموثوقين يحصل من خلال تلك الوكالة على نسبة 20% من أرباح أي صفقة يتم توقيعها .

وافقت شركة فورد على هذا العرض ، ممهورةً بتزكية السفير الأمريكي ببغداد ، وقد تم توريد ألاف السيارات التابعة للشرطة الاتحادية ، أو أفواج الطوارئ ، أو الشرطة المحلية ، وحتى ما يسمى ( بقوات سوات ) وبدأ التجهيز يطال جزء كبير من وزارة الدفاع ، من آليات كبيرة

وتناكر للماء وكرينات وغيرها ، ويستطيع المواطن البسيط أن يلاحظ ذلك يومياً في جميع شوارع العراق !

حينما تستمع لأحدى مقابلات عدنان ألأسدي على قناة العراقية الفضائية ، وهو يتكلم بثقة أنه دعم وزارة الداخلية من ماله الخاص لأنه تاجر ، ويمتلك شركات للذهب وللحوالات والصيرفة بالسويد ، قد يقتنع المشاهد أو المستمع البسيط لكلامه لأنه لا يعرف شيئاً عن خلفية الرجل .

ولكن حينما نكون نحن أحد اللذين يعرفون عدنان ألأسدي من أيام عمله السابق كمضمد صحي بدكانه الصغير يمارس عمله بعد دوامه بمركز أبي الخصيب في مدينة أبو الخصيب بالبصرة ، وقبل أن يترك منطقته مع عائلته بسبب القصف الإيراني للمنطقة بالثمانينات ، وينتقل للعيش بقضاء الرميثة ، بجوار أخته المتزوجة بالمدينة ، ومن ثم يتزوج من الرميثة ، والتي هجرها للدنمارك ليعمل بخيمة صغيرة في أحد ساحات كوبنهاكن يبيع الخضار هو وولده حسنين ، وكنا نشتري منه الخضار من أجل أن ندعمه مادياً ، كونه عراقي ونتعاطف معه ، في وقتها ، ولكن بعدما تسلم منصبه بوزارة الداخلية ، وخلال أشهر قليلة ، تحولت أوضاع عائلته تحولاً دراماتيكيا ، حيث أشترى عقارات وفتح لأبنه حسنين شركة كبيرة بمدينة مالموا السويدية المجاورة شركة للصيرفة والحوالات ، ومن ثم أفتتح شركة لتجارة الذهب .

لسنا في وارد الطعن أو تشويه سمعة الرجل ، ولكننا نتألم على عراقنا الذي لا يملك أن يدافع عن نفسه ، فأصبح مرتعاً للسراق واللصوص والقتلة ، وما يجرحنا أكثر أن يكون هؤلاء أنفسهم هم قادته وأمناء ثروته ! كيف ولماذا ؟ هل شح الرجال ؟ ولماذا يتوافق جميع السياسيون الحاليين على عدم إقرار قانون الأحزاب ؟ الذي سيسلط الضوء على موارد الأحزاب وتمويلها ؟ ولماذا لا يقر قانون من أين لك هذا؟ إذا كان فعلا لدينا سياسيون مخلصون يحرصون على بلدهم ، وإذا سقنا مثال بسيطاً لمسئول أمني كبير قد فعل فعلت لا تغتفر ، ولكنه أصبح عضو برلمان ويمتلك حصانة بعدم الملاحقة القانونية ، فهل ستصبح تلك الحصانة بوابة لسرقة العراق ونهب ثرواته ؟؟ أنه مجرد سؤال ؟؟ لأن عدد اللصوص أصبح لا يطاق .

أحدث المقالات

أحدث المقالات