من ساحات اللطم والعويل والدماء وتجريح الرؤوس بالقامات وبالأطبرة “طُبَر” وبسلاسل غلاظ, وبعكس ما نصحت به مرجعيّتنا الرشيدة ؛ ثمّ الانتقال فجأةً برشاقة وبخفّة قلّ نظيرهما لقبلات الساعة “12” وسط ظلام “كضّ اخوك لا يطيح” قبل إنارة المصابيح بدقيقة من عبور منتصف الليل على أصوات قرع أجراس الكنائس والتزمير ونثّار البُلك والنفّاخات والأشرطة بلون “الليلاكي” والشمبانيا “احتمال شمبانيا خالية من الكحول على غرار البيرة” مهرجان مفرح حقّاً عسى ولعلّ يضعون أقدامهم على أعراف عالميّة جديدة ينسى الاتباع ومتشّددو السنّة ولو قليلاً من الاحزان وصلابة الدماغ عالم بريغمان عالم عمر الخيّام وعوالم لهيوارت , منكانا , أبو نؤاس جُمانة زبيدة مادونا جوليانا .. المهم لا نعلم أيّة شركة , باعتبار العراق أصبح بلد تدير شؤون مفاصله شركات عديدة من جميع دول كوكبنا , لذلك فرغت أموال الشعب , شركة تنظيف شوارع شركة لأرزاق الجيش شركات لشؤون الجيش “باعتبار مؤسّساتنا العسكريّة اتّحاديّة” شركة لتبني طباعة المناهج الدراسية التعليمية للروضة وللمتوسطة وللاعدادية وأخرى للجامعيّة وشركة للوازم والقرطاسية خاصّة بأجهزة الدولة من النوع الراقي “بلكان ودافنشي” شركة تدير الحدائق العامّة شركة تدير عمليّات استيراد الشتلات والورود , أمّا الاستيراد “ينبجي عله حاله” فبالطبع لا توجد سوى شركات النفط ! , شركات لتزيين العاصمة شركة للحدائق “الخاصّة” وأخرى المنطقة الخضراء وشركة تجميل “تزويق” أو بالأحرى تزييف , تزييف المظهر الحقيقي لوجه العاصمة بغداد بكاشي الحمّامات التركي بألوانه ! وبالحجر الأرصفة الإيراني البشع اللون والهيأة والخامة والحجم والشكل والتنفيذ , أين طابوقنا “الفرشي” الذهبي السومري البارد في الصيف والحار شتاءً ؟ لا نعلم ! , وبالمناسبة حتّى أرصفة مدن سوريّا ,
وهي سومريّة أصبح تجديد أرصفتها بنفس هذا الحجر المقزّز ! ففي ضاحية صحنايا الوادعة من ريف دمشق مثلاً تمّ رصف أرصفتها القديمة والرائعة ذات الأحجار الرومانسيّة الشكل الهادئة اللون “رصاصي بازروراق خافت قريب من الفسيفساء” أضاف لها زمن رصفها الطويل رونقاً زاد من جمالها وكم أشعر بتلذّذ غريب يسري بقدميّ وأنا أدوس بهما عليه صباحاً ماشياً بحذائي المدهون جيّداً صوب محلاّت الزعتر واللبنة والزيتون والجبنة لأتعوّد على التخلّص من افتراس كتاكيت البيض والحيوانات بحجّة الذبح الحلال ! ؛ تلك الأرصفة غُطّيت بهذه الكدمات الإيرانيّة الثقيلة , وصدق من قال الحمار عندما يتزوّج الحصان ينجبان بغلاً “خالٍ من بذور الانجاب والحمد لله !” لا حمار ينجبان ولا حصان , هو ما يحصل لبغداد عندما تكون العاصمة الآراميّة العريقة عبارة عن بغل , يشرف على زفافها “بعد الدخلة 2003” إيرانيّون وأتراك وغيرهما , لا ندري أيّة شركة , ليس القصد معرفة اسم الشركة , لكنّنا نسأل هنا باستغراب على ما تقوم به هذه الشركات ويترك العراق أبناءه المليؤون عبقريّة وحيويّة أدهشت العالم فكادوا له كيدهم ليبقى عاطلاً يتسكّع بأرصفة الفيس بوك والمقاهي , على الأقل كان نظام البعث البائد فرضاً عليه تعيين الخرّيجون وكافّة العاطلون إن توقّفت المشاريع للتغطية على الحروب الّتي دمّرت العراق , واليوم , فهذه شركة تدير “ديكورات” قاعات اجتماعات رئاسات البلد الكارثيّة الثلاث , يظهر “مقاصد” هذه الشركة أو يمكن ما يعمله ذوقها يُفصح عن ما يكنّه سرّها , نلاحظه من طريقة تصفيف وسط طاولة الاجتماع الطويلة “الجزرة الوسطيّة” والأكثر غرابة و “فانتازيّة” طاولة اجتماعات السيّد الجعفري تليق بمفاهيمه العميقة للحياة , وقد رأينا أيضاً ماذا وضعت الشركة من نباتات “حشيشيّة” اللون وسط طاولة أمين العاصمة الوسيم بعبوع , وأغرب ما وصلنا قبل يومين من “تزيين” , هي مكيدة بدل ما تكون تجميل وفتح شهيّة للمسؤول وبين أصابعه قلم إمضاء لمصير آخر من مصائر العراقيين ؛ ملئ فراغ الجزرة لطاولة اجتماع السيّد رئيس الوزراء العبادي كما ظهرت بالخبر المصوّر قبل ثلاثة أيّام بتشكيلة لونيّة “قرمزيّة” وأغطية بيضاء “فرشت بطريقة التعقيج” وبحوض عميق يصلح لسباحة الأسماك والأطفال معاً بدل المستنقعات “وهي فكرة طرحها أجده واجب لاجتماع قادم قد يبحث شحّة مياه نهرينا” , وُضع بدل الماء نثّار “منتظم” من الزهور ذات تشكيلة ألوان تليق بأعياد الكريسمس “بظنّ مصمّمها بالطبع” استقرّت الزهور بطريقة “الزكزاك” على أرضيّة من قماش أبيض حريري وبطريقة التعقيج الانسيابي” , لكن , في الحقيقية لو أخضعنا الألوان ونظام “التعقيج المموّج” نخرج بنتيجة “نفسيّة” واحدة عكسها منظر الطاولة , أنّها ألوان لمأتم ! نعم , ألوان جنائزيّة , وكأنّه مظهر مقصود لحتف عراقي موعود ! , فاللون القرمزي اشتهر به بعض مخرجو أفلام الرعب كجورج سوليزر وجيمس وان وبالأخصّ الموضوعي “الفريد هتشكوك” في تصوير مشاهد أموات تراود منامات المرعوبون بإخراج مثير للفزع منامات أبطال أفلامه الرئيسيّون كالعملاقان جيمس ستيوارت وغريغوري بيك أو “بطلات” لكن بأدكن يغطّي شفاههنّ .. تأمّل عزيزي القارئ مشهد طاولة الاجتماع للدكتور العبادي أعد مشاهدتها تأمّلها برويّة متجرّدة من خلفيّة لونيّة تلازمك .. ماذا أقول ؟ .. هل أقول للمالكي دخل في الموضوع ! لا .. الرجل متواضع في فهم القيم اللونيّة لتشكيلات الحياة المختلفة , وهي مصيبتنا الكبرى سياسيّونا , المحدثون أعني الطارئون , لا يفهمون من الحياة سوى لونين , الأخضر , والأحمر ..