24 نوفمبر، 2024 12:08 م
Search
Close this search box.

القُبول الإضطراري للتعايشِ مع أزهارِ الشّر ….

القُبول الإضطراري للتعايشِ مع أزهارِ الشّر ….

ينحو بودلير في واحة من النصوص التي أسماها (كآبة ) والتي إحتوتها مجموعته الشعرية (أزهار الشر ) إلى الذاتية الروحانية عبر اشتراك حركاته التي ينقلها إلى جسد النص وقد أراد التعبير عن موضوعاته النفسية وفق ماأستقرت عليه مخيلته التي وجدت بأفعال الحيوانات المتشابهة وجدت ذلك القريب القابل لنقل مالدية من تلك الإحساسات، فالتذمر هو حالة منطقية تعبر عن عدم التوافق مابين عالمين عالماً يراه الشاعر لايصلح لأي شيء والعالم الآخر يراه مؤثراً بقوة وجوده وما يتركه من أثار تدميرية إزاء إضطرار قبوله والإجبار على التعايش معه ،

والعالم الأخر عالم الروح القلقة التي تخلق سعادتها دون مؤثر خارجي إلا الحاجة للانفعال العميق بمصاحبة الرؤيا السوداوية المتناسقة التي تعبر توالداتها عن الحيز المشرق الذي يتم البناء من خلاله وعليه للظفر بإحتقان النفس في المساحات الغير معلومة تحت تكثيف ثقل الكلمة المستخدمة لإجادة وصف الفعل الكوني وهي حالة قد صورها الخيال واستقرت في المخيلة وتم إنتاجها مجددا تحت تأثير الظرف الآني المحتفى به لتدلل غزيرة بودلير الإنتاجية على القدرة من مغادرة الالتقاط الآني للمشهد وإهمال فخامته المزيفة التي لاتدوم طويلا ولا تعطي مايتلاءم مع الذاتية الروحانية المتنقلة عبر المسالك الحيوية للتأثير غير المباشر فيما يصنع المعنى من متقاربات أو متضادات خارج إطار التنسيق المألوف للمعاني الشائعة في اللغة الملازمة لصورها المتشابهة ،تلك هي محاولة بودلير في غرضه شحن النفس بكآبته الانفعالية كي تسود وحدة الانسجام بين المناخ اللاواحد والذي يبدو للقارئ أحيانا بأنه وحدة عضوية مترابطة كون

ذلك الإنشاد يحفل بمفردات القلق والسأم وما يصاحب ذلك من مخرجات تتصف بصفات عالم بودلير الكئيب :

حين تنبح السماء الواطئة الثقيلة

فوق روح موجوعة ، فريسة القلق الطويل

وينهمر الأفق علينا

نهاراً أشد سواداً

فالأرض زنزانة رطبة

والأمل وطواط

يصدم الجدران بجناحه الجافل

ضاربا رأسه بالسقوف المهترئة

إن اختفاء البعد الميكانيكي في النص وكذلك التقنية المصحوبة بالمخاطر جعلت النص جعلت النص تتحدث فيه الأفكار والأصوات ترسم

المشاهد والتحسس الموسيقي ينم عن اقتدار سليم في تنظيم القفزات داخل المشاهد

وهي تولد إمكانية لتفهم الفعل المأساوي شعريا بحيث يكون الإيحاء لاشآن له بمحددات ذلك الفعل سوى استلهام المتغير وغير المقبول منه على أساس لايصح التأمل إلا بعد فصل أي مزاوجة تتم على أساس رغبة اللغة المتداولة التي تخفي أحيانا بعض الرمزية بين طياتها لكنها رمزية غير منتجة بما يراد أبعد من وظيفتها وبذلك يكون ذلك العناء مصدرا للتفكيك ثم الإلغاء ثم الخلق المنفصل عن مجمل العوامل المؤثرة التي تحول دون الوصول إلى ضخامة المعنى

إن بودلير في (كآبة ) يمنح الكلي كليته عبر لحظة غير محددة وقد تكون في البدء غير متوافقة مع ما يريد وخلاصته أن لديه أبعاد قادرة على جمع مايريد وقادرة مناطقه الإيوائية على تغذية تلك الحاجات التي تتناسل من مخيلات الشقاء والتعاسة والبؤس وإدراك النهايات المفجعة :

عربات الموتى الطويلة

بلا طبول

أو موسيقى

تسير ببطء داخل روحي

والأمل مقهور . يبكي

والقلق الوحشي الظالم

يزرع رايته السوداء

فوق جمجمتي المطأطأة

إن الاشتراك والتقارب يولد الانسجام ، والانسجام يعطي الفرصة للانجذاب

والانجذاب يمنح الصورة الشعرية قدرا أكبر من التكيف مع قريناتها من الصور المنتشرة في مساحة المخيلة الأمر الذي يؤدي الى الوصول الى

أكثر من خيار لاستخدام المناسب والمُرضي ضمن الحزين والمؤلم المتدفق من إحساس الروح وقبول غموضها ورائحة عطرها الحزين ،

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات