وسط تداعي الأزمات بين الحين والآخر، وتكرار الإخفاقات الأمنية في الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، وكذلك الممتلكات العامة، مازال البحث عن الحلول بأنصافها وأرباعها وأعشارها، هو الشغل الشاغل للمتخصصين في هذا المجال، وقطعا من بين هؤلاء من يأخذ البحث على محمل الجد، ولايرتضي إلا بأكمل الحلول وأتمها بما يحيط الخروقات بأسوار منيعة، تقي البلاد والعباد شر عمليات التفجير الإرهابية . لكن..! هناك آخرين -وهم كثر- يستسهلون -متعمدين غير غافلين- الحلول الأقرب، ولهم في هذا مآرب وحاجات مادية ودنيوية.
من أنصاف الحلول في الجانب الأمني قبل سنين، جهاز كشف المتفجرات سيئ الصيت، الذي خدع فيه مستوردوه أنفسهم والعراقيين، فكان ماكان من خسارة أموال طائلة هي قطعا (من ضلع المواطن) كما راح ضحية العمليات الآلاف من الأبرياء.
ومن أنصاف الحلول الأخرى هي الكلاب البوليسية، مع أن كل الحل يتمثل باختيارها فيما لو كان تعامل الإنسان بما تتطلب مهنته كما هو في دول العالم، إلا أن الخوف في هذا الحل يتملك العراقيين الذي سيقعون ضحية الاختيار ان كان سيئا. فقد اعلنت بالأمس محافظة بغداد عن وصول 25 كلبا كدفعة أولى من الكلاب البوليسية المدربة على كشف المتفجرات، ضمن صفقة تتضمن 100 كلب.
أذكر حكاية أراها تنفعنا مادامت الكلاب ستدخل حيز الدفاع عنا، إذ يحكى ان رجلا كان لايصطحب معه في ذهابه وإيابه الى عمله وفي تجواله في مدينته إلا كلبا مربوطا بسلسلة بيده، فبات محط انتقاد ابناء المحلة الذين كان لايصطحب أحدا منهم البتة. فكان أن سألوه يوما عن السر في اختيار الكلب دونهم لمصاحبته فأجاب: هذا خير من صحبة الأشرار.
ويحكى أيضا ان رجلا كان يقضي صباحات أيامه جالسا على قارعة الطريق منفردا مع كلب له مدة عام كامل، مثيرا بهذا استغراب أهل المحلة ودهشتهم. وذات صباح وجدوه جالسا وحده دون كلبه، إلا أنه سارع واختفى عنهم هنيهة، وإذا به يعود الى مكانه مصطحبا معه ذات الكلب، وكدأبه في العام الفائت أصبح كل يوم يجالسه منفردا. وبعد مرور عام سألوه عن السر في هذا فقال: قد انفردت بالكلب عاما كاملا محاولا تعليمه الغدر فلم أفلح، فقررت ان انفرد به عاما ثانيا لعله يعلمني الوفاء فافلح هو.
ولست أدري هل تفلح الكلاب في القادم من الأيام في حل مشكلة التردي الأمني في البلاد؟ أم ستزيد الطين بلة! ولست أعلم هل ستكون كلابا أصيلة تتحلى بالوفاء كما هو معهود بها؟ أم ستكون الغلبة لغدر الإنسان كما هو معهود به، فيعلِّم الكلاب على تمرير العبوات والمتفجرات مقابل (عظمة) او (لحمة) لها، وربما (ورقة) له!
إن الخروقات الأمنية السابقة التي حصلت في محافظات العراق من دون استثناء خير دليل على الاهمال والتهاون من قبل أفراد الجيش والشرطة وباقي الأجهزة الأمنية. وكما يقول المثل: (كلب جوال خير من أسد رابض). فالمطلوب ان يفعّل أي دور لجهاز او حيوان او حتى نبات لتوفير الحماية المطلوبة، مادام الإنسان لايقوى على تحمل مسؤوليتها، وهذه المرة أمل المواطنين كبير جدا جدا بالكلاب، فشكرا للكلاب إن حافظوا على حياتنا..!