اليُسر ينتصر على العسر , والنور على الظلام , والخير على الشر , والفضيلة على الرذيلة , والمحبة على الكراهية , والألفة على الشقاق والتناحر , واللون الأخضر على الأسود , وتنقشع الغيوم وتتضاحك السماء , لتمنحنا البهجة والطمئنينة والشعور بالأمان.
والدنيا تتمسك بثوابتها البقائية المتوّجة بأعمال الرحمة والتكافل والتفاعل الإنساني السامي المبين.
وتمر في نهر الوجود البشري أمواج وأعاصير وزوابع , وتحصل فيضانات , وكل يمضي إلى مداه الأليم , لكنه ينكمش وينتهي , ويجري نهر الحياة بإنسيابية الأمواج المتهادية المنسجمة الإيقاع.
فلن يدوم ويتواصل إلا ما ينفع الناس , ولن يحيد عن هذا القانون أي عصر من العصور.
فالدنيا تمضي في رحلتها الدورانية , وفي كل يوم هناك جديد , وصيرورة ذات ولادة واعدة مؤسِّسة لمتوالية إنطلاقية ذات طاقات لا محدودة.
وما يئِست البشرية ولا أذعنت لجحيم الويلات وسعير التداعيات , وإنما إنتفضت في جميع الملمات ونهضت أقوى وأحكم وأعظم إصرارا على أن تكون.
وتجاربها القريبة تعضّد ذلك وتسانده , فعندما تتجول في طوكيو اليابانية وتتخيل محقها في الحرب العالمية الثانية , وتتأمل صورتها اليوم تجد أنها إنبثقت من تحت الركام , وكذلك برلين الألمانية , ووارسو البولونية , ومدينة براغ , وغيرها من مدن الأرض التي أزيلت عن بكرة أبيها في الحروب البشعة في نهاية النصف الأول من القرن العشرين.
هذه الدول والمدن والشعوب , لم تيأس أو تذعن أو تستكين , وإنما تلاحمت إراداتها وأفكارها , وتوحّدت كلمتها في طريق النهوض والتقدم والبناء , فكانت معبّرةّ أصدق تعبير عن مجدها الإنساني الوطني الحضاري.
ونحن اليوم يمكننا أن نكون أحسن وأقوى , ونوفر للأجيال الأسس الصحيحة لإنطلاقات حضارية معاصرة تليق بثرائنا المعرفي والحضاري , الذي علينا أن نترجمه إلى شواهد مادية وأخلاقية وسلوكية , مدونة بدستور جامع مانع يحرس مسيرة التفاعل المتطلع إلى الأفضل الصالح الدائم السليم.
نعم سنكون , وتلك إرادة الأرض والسماء , وديدن الأكوان , وإصرار الزمان , وعزيمة الإنسان , الذي يأبى الذل وما يوما إستكان.
نعم سنكون , فقد بلغ السيل الزبى , وإندحرت العواصف في ذراها , وما عاد في الوجود متسع للخراب والدمار والخسران , ونداء سنكون يحاول التحرر من سينه والتحول إلى “نكون”!!
فهيا بنا جميعا لتحقيق إرادة “نكون” , لأننا إمتلكنا الأهلية النفسية والفكرية والعملية , لقيادة دفة سفينة مصيرنا المبحرة في غاب الوجود الأرضي , الذي يستنفر فينا طاقات “نكون”!!
وليكن عامنا الجديد عامَ “نكون”!!
ولكم أطيب الأماني والأمان والسلام من قلب “نكون” الواعد بالخير واالمحبة والوداد الوطني السعيد!!