تحدثنا عن ضرورة التعليم والتعلم في جزئنا الاول من موضوعنا اعلاه ونكمل اليوم مابداناه بعنوان (تعليم الطفل معرفة ربه ورسوله واهل البيت (عليهم السلام )
يعتبر تعليم الطفل معرفة ربه اول خطوات التدين عنده , ومعرفة الخالق من المعارف الفطرية عند الانسان , فهي مودعة في خلجات نفسه واعماق ضميره ,ولالتحتاج الا الى عرضها بصورة جذابة ومشوقة.
وحقيقة الايمان الفطري اكدتها بحوث العلماء ,وفي هذا الصدد ننقل قولين من اقوالهم:
قال المسيو بوشيت (ان اعتقاد الافراد باسره في الخالق قد نشا قبل حدوث البراهين الدالة على وجوده ,مهما صعد الانسان بذاكرته في تاريخ طفولته ,فلا يستطيع ان يجد الساعة التي حدثت فيها عقيدته بالخالق ,تلك العقيدة التي نشات صامته وصار لها اكبر الاثار في حياته) .
وقال برودون (ان ضمائرنا قد شهدت لنا بوجود الله قبل ان تكشفه لنا عقولنا).
ومعرفة الله تعالى هي السبيل الوحيد الواقعي لصيانة الطفل ومطلق الانسان من الانحراف ,لانها اساس الدين والتدين ,وكما ورد عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام )(الدين يعصم ,من دان تحصن ,صيانة المرء على قدر تدينه ,سبب الورع صحة التدين ,بالهدى يكثر الاستبصار ).
وقد اثبتت المسيرة الانسانية هذه الحقيقة ,والشوهد التاريخية مستفيضة ,حيث لاعاصم من الانحراف الا الايمان بوجود مطلق يراقب الانسان بعد احاطته التامة به .
وقد اكد العلماء على دور الايمان بالله تعالى في تربية الانسان واكدوا على ان (من اهم القيم التي يجب عليك غرسها في الطفل الايمان بالله مما سوف يعطيه الامل في الحياة والاعتماد على الخالق ويوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف المآثم .
وتعليم الطفل معرفة الله تعالى يفضل ان تكون بالتدريج ضمن منهج متسلسل يتناسب مع العمر العقلي للطفل ,ودرجات نضوجه اللغوي والعقلي ,وقد حدد الامام الباقر (عليه السلام )هذا المنهج (اذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له قل لا اله الا الله سبع مرات ,ثم يترك حتى تتم له ثلاث سنين وسبعة اشهر وعشرون يوما , فيقال له قل محمد رسول الله سبع مرات ,ويترك حتى يتم اربع سنين ثم يقال له قل صلى الله عليه واله سبع مرات ويترك حتى يتم خمس سنين ثم يقال له ايهما يمينك وايهما شمالك ؟فاذا عرف ذلك حول وجهه الى القبلة ويقال له اسجد ,ثم يترك حتى يتم سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفيك فاذا غسلهما قيل له :صل ثم يترك حتى يتم تسع سنين فاذا تمت التاسعة علم الوضوء وضرب عليه وامر بالصلاة وضرب عليها ,فاذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله تعالى له ولوالديه ان شاء الله ).
وهذا المنهج التعليمي قد اثبته العلم الحديث الذي يؤكد على ان في السنة الثانية والثالثة (يكتسب كلام الطفل طابعا مترابطا مما يتيح له التعبير عن فهمه لكثير من الاشياء والعلاقات .وفي نهاية السنة الثالثة يصبح الطفل قادرا على استخدام الكلام وفق قواعد نحوية ملحوظة ,وهذا يمكنه من صنع جمل اولية صحيحة ).
والطفل في هذه المرحلة يكون مقلدا لوالديه في كل سيء بما في ذلك معرفة الله تعالى ,فاذا حدثاه عن الله تعالى يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله تعالى حرفيا .
ويرى العلماء ان الطفل الذي لايسمع شيئا عن الله تعالى او لايعرف شيئا عن فكرة الاله اثناء مرحلة العمر التي تبدا في الثالثة وتنتهي في السادسة ’فانه طبعا لايملك اي صورةى عن الله تعالى ولاتتكون لديه اي مشاعر عن الخالق العظيم لكن الاحاسيس التي يشعر بها نحو والده ستكون بلا شك لها تاثير عظيم في ما يختاره من معتقدات دينية فيما بعد ).
والطفل في هذه المرحلة يميل دائما الى علاقات المحبة والمودة واللين فينبغي احاطته بالحث واشعاره بالود لان هذه المعاملة تجعله يتقبل افكارا الوالدين اللذين يمنحانه الحنان والحب , وعلى راس هذه الافكار معرفة الله تعالى والايمان به ,ويفضل ايضا تاكيد الصفات الخاصة بالرحمة الالهية والمغفرة وتجنب صفات العقاب والانتقام والعذاب الالهي الا في بعض حالات الاضطرار ,لكي تتكون صورة جميلة في ذاكرة الطفل عن خالق الكون العطوف الرحيم , وبالتالي يزداد تعلقه بالله تعالى .
والافضل بل المطلوب التكلم امام الطفل في خلق الله تعالى وعجائب مخلوقاته ,وتجنب التكلم في ذات الله تعالى لانه يزيد الانسان تحيرا كبيرا كان ام صغيرا .
ولنا متابعة.