المقابلة التي عرضتها قناة البغدادية مع الفريق الركن مهدي الغراوي ” قائد الشرطة الأتحادية ” على ثلاث حلقات , والتي جرى فيها تسديد نبال الإتّهام له بالتسببّ في سقوط الموصل , وقد شاركتْ وسائل إعلامٍ أخرى في هذا التسديد دونما عرض وإبراز دليلٍ موثّق عن مسؤوليته في اسباب السقوط , ومن قبل أن يبدأ القضاء العسكري او اللجنة البرلمانية في التحقيق معه .
التفاصيلُ وجزئيات التفاصيل التي وردت في تلك المقابلة كشفت عن مفارقاتٍ ومداخلاتٍ ومعلوماتٍ جديدة تفاجأَ بها الجمهور والرأي العام في الداخل والخارج , وقد شكَّلتْ فيما شَكّلتْ ما هو اقرب الى السبق الصحفي ” العفوي او التلقائي ” الغير مقصود للفضائية البغدادية جرّاء ما فاجأنا به الفريق الغراوي بمعلوماتٍ تثير الدهشة .! , لكنه ايضاً إتّضحَ أنّ لهذه المعلومات أبعادٌ مخفيّة وكأنها تدخل في ” خانة ” الألغاز و الطلاسم .!؟ إذ وعلى سبيلِ مثالٍ منتخبٍ واحدٍ , فهل يستوعب العقل البشري بكلا شَقّيهِ العسكري والمدني بأنَّ معركة الموصل مع داعش لم توجد فيها دبّابة واحدة .! حسب رواية السيد الفريق , وهو لم يكن مسؤولاً عن ذلك وإنما قيادة الجيش , ثمّ لماذا لمْ تتواجد ايّة دبابة في هذه المحافظة الساخنة من قبل إندلاع المعركة , ولماذا لمْ يتم إرسال الدبابات عند بدء وأثناء اشتعال المعركة .!؟
وعلى الرغمِ من أنّ الفريق الغراوي تَسَلّمَ مسؤولية قائد العمليات في الموصل قبل اربعين يوماً من بدء المعركة < وهي فترةٌ ليست كافية للتعرّف على ضبّاطه وإمكانياتهم ومستوياتهم العسكرية , بالأضافة الى التعرّف على قُدُرات الوحدات العسكرية التي تتبع قيادته الجديدة ومستوياتِ تسليحها وتجهيزها ومدى استعداداتها لخوض ايّ معركةٍ مقبلةٍ مفترضه , ومع ضرورة الأخذ بنظر الإعتبار بأنّ مركز الثُقل العسكري في ايةِ معركةٍ يجبُ أن يكون للجيش وليس للشرطة الأتحادية التي تتبعُ الى وزارة الدفاع من الناحية الأدارية , إلاّ أنه وبعيداً عن كلّ ذلك , فأنّ عموم الجمهور قد لاحظَ ضُعفاً بائناً منْ قِبَلِ الغراوي أثناء حديثه وإجاباته في الحلقات الثلاث في المقابلة , كما وبأستثناء أنه لا يجيد فنّ الحوار والحديث أمامَ الأضواء والإعلام , لكنه كان واضحاً أنّ التأثيرات النفسية للإتهامات المُسبقة الموجّهه اليه قد كان لها انعكاساتها السيكولوجية الهائلة على أدائه او كلامه في المقابلة المتلفزه , بالرغمِ من أنّ ايّ قائدٍ عسكريٍّ آخر لمْ يكن ليتقبّل عباراتٍ شديدة اللهجة مثل التي استخدمها مقدِّم المقابلة او المحاوِر معه ..
حديثُ قائد الشرطة الأتحادية وبما كشفهُ من غرائبِ الأمور لدى القيادة العسكرية العليا المتمثّلة بالفريق أوّل ركن ” علي غيدان ” قائد القوة البرية , والفريق اول ركن ” عبود كنبر ” معاون رئيس اركان الجيش , لابدّ أن يفتحَ ملفّاتٍ غامضة في داخلها ملفّاتٌ وملفّات أشدُّ إبهاماً , ومسبقاً نقول , ونحنُ مسؤولون عمّا نقول , بأنّ اللجنه التحقيقية البرلمانية المكلّفة بأجراء التحقيقات مع القادة الكبار وضباط الوحدات العسكرية المتواجدة في محافظة الموصل أثناء المعركة , ستكون عاجزةً بالمطلق وسيصيبها الشلل النصفي والكامل للوصول الى اية نتيجةٍ موضوعية وحاسمة في تحديد مسؤولية التقصير والهزيمة في معركة الموصل , وإنّ ابسط اسباب هذا العجز والشلل هو أنّ اللجنة التحقيقية هذه لا تفقهُ شيئاً في الفقه العسكري ! وفتاواه وتخصّصاته , بالأضافةِ الى شجونٍ سياسيةٍ كبرى يتعلّقُ بعضها بالقيادات الكردية ودورها قبلَ وأثناءَ وبعدَ اندلاع المعركة ! كما ويتعلّقُ الجانب الآخر منها بالقائد العام للقوات المسلحة ” نوري المالكي ” والذي لا يزال دوره مبهماً ازاءَ تبليغاتٍ وتحذيراتٍ مسبقه له منْ قِبَلِ السيد مسعود البرزاني حول تحشّدات داعش بنيّةِ احتلال الموصل , ثمّ إذ نقولُ ونكرر أن البلوغَ الى نتيجةٍ عادلةٍ ودقيقةٍ حول احداث الموصل هو اكبرُ من مستوى وقُدُرات اللجنه البرلمانية التحقيقية , فلابدّ أن نحسبَ ونحتسب لأختراقاتٍ أمنيّةٍ وعسكريةٍ كان لها دورها الفاعل في سرعةِ سَحبِ وإنسحابِ القَطَعاتِ العسكرية من < كركوك > وليسَ من الموصل , لكي تدخلها قوّات البيش مركه بهدوءٍ وسلام .!
الموضوعُ بلا شَكٍّ مُتَشعِّب , وتتخلّله دهاليزٌ معنويةٌ وغير معنوية , وهو اكبرُ من الفريق الغراوي ومما ادلى وأفصحَ به من معلوماتٍ فائقة الأهمية , لكنَّ الحَلَقَةَ المفقودة ! في المقابلةِ ذاتِ الثلاثةِ أجزاءٍ مع الغراوي < وهي الحلقة الأبسط والأسهل > في مسلسلِ خفايا احتلال او تسليم الموصل لداعش , فيكمِنُ فقدانُ او إفتقادُ هذه الحَلَقَة : – في كيفيّةِ حصولِ قناةِ البغدادية على التسجيلات للمكالمات الصوتية المتبادلة بين كبار القادة العسكريين أثناء المعركة ” والتي جوبِهَ بها الفريق الغرّاوي .! والتي لمْ تُثِرْ إستغرابه , ولم تُلفِتُ نظره .!؟ ” , مع العلمِ أنَّ مثلَ هذه المكالمات بين القادة العسكريين تخضع لإجراءاتٍ فنيّةٍ مُؤَمَّنه وصارمة لكي لا تستفيد منها داعش ولا اجهزة مخابرات لدولٍ اخرى مجاورة وكذلك الولايات المتحدة ” حسبما مفترض ” !!
لسنا هنا في حالةِ تحريضٍ ضدَّ قناة البغدادية عن كيفية حصولها على تسجيلات المكالمات السريّة بين القيادات العسكرية < والتي من المفروضِ أن تكون عِبرَ الشيفره العسكرية وليس كما سمعناها باللهجة الدارجة > , كما على الرغمِ من أنّ هنالك توجّهٌ لإستصدارِ قانونٍ يحمي ويعفي الصحافة والإعلام من الكشفِ عن مصادر معلوماتهم , لكنّه الى جانب ذلك , فهنالك خرقٌ أمنِيٌّ واستخباراتيٌّ وعسكرّيْ يتعلّقُ بكيفيةِ إستراقِ او تسريبِ معلوماتٍ ومكالماتٍ في غاية السرّيه الى وسائل الإعلام , والى وسيلة إعلام واحدة ومحددّه .! ولماذا ليس الى سواها ايضاً .! , هل بأستطاعةِ وزارتي الدفاع والداخلية وبدوائرها المخابراتية والأستخباراتية ووكالاتها ومخبريها السّريين العباقرة والفطاحل , لأنْ تكشفَ ” مصدر ” تسريب تسجيلات المكالمات المتبادلة بين القادة أثناء لمعركة وقبلها وبعدها .!؟ , دونما ادنى شكٍّ , فأنَّ ذلك سوف لن يحدث ..!
الخشيةُ الأكبرُ لاتقتصرُ عن كيفيةِ ضياع الموصل او تضييع محافظة الأنبار وملحقاتها من اقضيةٍ ونواحٍ و قرى , بل الخشيةُ من فقداننا لمحافظاتٍ أخرى < منْ دونِ معركةٍ !! > تحتَ مسمّىً او ما يُسمّى نشازاً بِ : < اقليم .! > , والعملُ جارٍ لتنفيذِ ذلك بقَدَمينِ وساقينِ منذُ عام 2003 , ويبو أنَّ موسمَ الحصادِ امسى واضحى وباتَ قريباً …!