ليس معتادا في العراق وعلى مدى السنوات الماضية ان يتم قراءة الموازنة المالية وإقرارها قبل نهاية اي سنة انما جرى العرف والأحداث واختلاق الازمات وتبادل الاتهامات ان يتم تأخيرها الى مدة لا تقل عن ثلاثة الى أربعة اشهر في اقل تقدير.ولو راجعنا مواعيد اقرار الموازنات المالية للسنوات الماضية باستثناء السنة الحالية التي تعتبر سنة مالية منهوبة لوجدنا ان جميع السنوات أقرت فيها الموازنة اما في شهر نيسان او آذار على أحسن تقدير.
الموازنة المالية لعام 2015 ربما ستكون استثناء اذا ما سارت الأمور على ما هي عليه من التوافق والانسجام والمراجعة لان المؤشرات الأولية تتحدث عن إمكانية إقرارها مطلع الشهر الأول من السنة الجديدة بعد ان تم قراءتها قراءة اولى هذا اليوم دون مشاكل تذكر وقد يكون السابع من كانون الثاني المقبل موعدا نهائيا لإقرارها وبالتالي ستأخذ طريقها الى التنفيذ مع بداية الشهر الأول من العام الجديد وهي حالة نادرة واستثنائية نتمنى ان تكون تقليدا سنويا وليس العكس كما كان يحدث في كل عام.
موازنة عام 2015 ليست بالموازنة الانفجارية كما هي موازنة عام 2014 التي لم تقر ولم يعرف ابناء الشعب العراقي اين ذهبت أموالها ومن هي الجهات المسؤولة عن صرفها،لكنها”اي موازنة 2015″ في حدود الإمكانيات المالية المتوفرة بعد تراجع أسعار النفط الى حد قياسي اثر بشكل كبير على أبواب الصرف التشغيلية والاستثمارية دون ان يصل التراجع الى حد الانهيار او الانكماش الكامل.
موازنة العام القادم موازنة استثنائية وفق المنظور السياسي لانها لم تدخل في باب المزايدات الرخيصة ولم تدخل في باب الشد الطائفي ولم تصل الى بوابات مجلس الوزراء في بغداد او في اربيل كما حدث في موازنة هذه السنة وكادت ان تؤدي الى حرب عالمية بين مكونات الشعب العراقي بعد ان اتخذ التحالف الكردستاني ودولة القانون موقعيهما في تحشيد انصارهما يقود كل منهما نائب او نائبة أجادوا وأبدعوا في مهمتهم الطائفية المريضة والتي أصابت مصالح البلد العامة والخاصة بالشلل والزهايمر.
ليس غريبا ان تقر الموازنة المالية لجمهورية العراق في وقتها المحدد من قبل مجلس النواب الذي كان في جميع فصوله عاجزا عن اداء مثل هذا الدور،لان التغيير الذي حصل في السلطة التنفيذية ترك ظلاله الايجابية على مجلس النواب وعلى قراراته المفصلية وجعله يتحمل المسؤولية الكاملة اتجاه حقوق ابناء الشعب العراقي،طالما ان الموازنة هي الوجه المادي لقيمة الدولة واستقلاليتها وديمومتها.
التساؤل الغير بريء هو هل كان بالامكان اتمام الموازنة في هذا الوقت وقراءتها قراءة اولى واحتمال اقرارها في السابع من الشهر المقبل لو ان المالكي لا زال رئيسا للوزراء ام ان موازنة العام القادم ستكون شبيهة بعام 2014 خاصة مع انخفاض الاسعار وصعوبة المناورة والتدوير وكثرة المشاكل والخلافات.
الشيء المؤكد ان قرب الانتهاء من اقرار الموازنة وفي هذا الوقت القياسي انما يمثل ثمرة ناضجة وواقعية من ثمرات التغيير الذي كنا بامس الحاجة اليه.