كعادة الخطباء والمبشرين أن يتنقلوا في المدن، يتنقل خطباء المنبر الحسيني في العشر الأوائل، من شهر محرم الحرام، من كل عام، لألقاء المواعظ الإرشادية الدينية ونقل الفتاوى الفقهية الشرعية، وذلك لنشر علوم الدين والإجتماع.
يُروى أن أحد خطباء المنبر الحسيني، حضر لألقاء محاضرات وعظية في إحدى المدن، وكان ممن يحضر محاضرات هذا الخطيب، عبدٌ مملوك مع سيده، للإستماع للخطبة والموعظة، فإستغل العبدُ الفرصة، وذهب إلى الخطيب بعد إنتهاء الموعظة، وطلب منهُ أن تكون محاضرتهُ القادمة حول عتق العبيد، ومالها من فضائل، لعل سيده يقوم بعتقه، خصوصاً وهو يرى سيده يأخذ بآراء الخطيب ويبجله.
جائت المحاضرة الثانية ولم يذكر الخطيب شيئاً عن عتق العبيد، وقضى الخطيب أيامهُ العشر ثم غادر المدينة ولم يتطرق إلى موضوع العتق أبداً، فظن العبد أن الخطيب نسي أمرهُ أو قد يكون تجاهله، ولكن بعد مضي عام، وحلول شهر محرم الحرام، جاء نفس الخطيب الى المدينة السالفة الذكر، وخصص محاضرتهُ الأولى حول فضائل عتق العبيد، فما كان من السيد إلا أن أعلن أنه أطلق عبدهُ وأسيره، وهو حرٌ بشهادة الحاضرين.
لكن أمراً أثار إستغراب العبد، وهو تأخر الخطيب عاماً كاملاً لطرح الموضوع، فذهب وطرح ما يجول في خاطره للخطيب، فأجابهُ: يا بني إن صمتُ العام الفائت كوني لا يصح مني أن أدعو إلى عملٍ أنا لم أقم به، فجهدتُ طول العام لأشتري عبداً وأقومُ بعتقه، ولما وُفقتُ إلى هذا العمل أتيت اليوم لأطرح موضعك وأنا كلي ثقة أن غيري سيفعله.
يطالبنا أصحاب الفخامة ومختار عصرهم، كما طالبونا من قبل، أن نثق بهم!
فمن الوقاحةِ فعلهم، ومن الغباء أن نثق بهم مرةً أُخرى، فأين هم من قول وعمل هذا الخطيب، الذي سردنا حكايته!؟
بالمقابل وجد الشعب من يثق بهِ، ومن هو مثال حكاية الخطيب أعلاه، إنها المرجعية الرشيدة المتمثلة بزعامة السيد علي السيستاني، الزاهد بالدنيا وما فيها، يلبس لبس الفقراء ويأكلُ مما يأكلون، ويسكن بالإيجار، ترك دار صباه، ملتحقاً بموطن جده وأباه، يدافع عن الحق والمظلومين أينما وجدوا، لذلك كان صدى فتواه، يصل إلى أخر بقاع العالم ومنتهاه، فيحدثُ في شرخاً وزلزالاً يقض مضاجع الظالمين العتاة.
بقي شئ…
لا عجب أن الفتوى التي تخرج من هذا الرجل العظيم ستسقط العروش يوماً ما.