لم ننتظر من رئيس البرلمان العراقي د.سليم الجبوري ان يدعو الى اسقاط كل القضايا القانونية بحق شخصيات سنية .. الجبوري الذي ذيل دعوته بمفردة خطرة تدل على الوجوب والالزام “يجب” , اكد في مفردة اخرى لاتقل خطورة وتدل على الجمع والشمول وهي “كل” .. اي كل الشخصيات السنية التي عليها قضايا قانونية ..
رئيس السلطة التشريعية في العراق يشكك بالسلطة القضائية ، ويتجاوز صلاحياته ليعلن صراحة “يجب اسقاط كل القضايا القانونية” عن هذه الشخصيات السنية التي يطلب الجبوري تجاوز قضاياها القانونية والتهم الموجهة اليها مبررا ذلك بان لها نفوذا كبيرا في المجتمعات العشائرية في المناطق الخاضعة لحكم المسلحين.
اذا لاقيمة لدى رئيس البرلمان العراقي لدماء الضحايا الذين سقطوا نتيجة جرائم تلك الشخصيات التي تحدث عنها , ان لم يكن بالفعل المباشر وقيادة الفصائل المسلحة الاجرامية , او بالتحريض الطائفي واثارة النعرات بين ابناء الشعب الواحد , مستخدمين الكراهية والمناطقية وبعض الاعراف العشائرية البالية.
الجبوري وللاسف وصف القضايا القانونية الموجهة الى شخصيات سنية بانها “غير حقيقية” وهنا يفقد ثقته بالقضاء تماما وباحدى السلطات المستقلة .. يبدو ان لا خلاص لنا نحن العراقيين من هذه النزعات ، وهذه التوجهات الفئوية ، امام بديهة تقول يجب عدم توجيه اية تهمة الى اية شخصية سياسية او عشائرية سنية مهما فعلت حتى وان كانت الادانة والتهم الموجهة بالقتل العمد ، ومعززة بالادلة المادية. فهؤلاء انما يقتلون لوجه الله.
هذا المنطق الذي كان سائداً زمن رئاسة النجفي للبرلمان العراقي يبدو ان الجبوري ذاهب للسير بالاتجاه نفسه , فالسنة فوق كل شيء وضحاياهم يجب ان يكفوا عن المطالبة بالثأر او اقامة الدعاوى ضدهم.
فالذين ارتكبوا جريمة سبايكر بريئون ..لانهم لم يقصدوا قتل الابرياء من الجنود المنسحبين ، بل كانوا يمارسوا هوايتهم في القتل ، ولا يجب توجيه التهم اليهم لان ذلك يؤثر في المصالحة الوطنية ، وقتلة سجناء بادوش كان غرضهم انقاذ اولئك الضحايا من العذاب ومرارة السجن فاطلقوا عليهم رصاصات الرحمة ، كما كان يفعل مجرمو نظام الطاغية صدام من البعثيين وفلول فدائيي صدام الذين كانوا يفدون شخصه ولا يفدون العراق.
اذن المعادلة في العراق “ان لاسلام ولا استقرار” مالم يتم تجاوز الجرائم التي حدثت في السابق والتي تحدث الان والتي ستحدث مستقبلاً وعدم ملاحقة مرتكبيها وعلينا ان نقبل مرة اخرى بطائفيين وقتلة ودعاة فتنة ، امثال الهاشمي والعلواني والجنابي والدايني والرفاعي ومن لف لفهم …علينا ان ندمجهم مجددا بالمجتمع املا في استقرار الوضع الامني الذي يدار باصابع خفية لاتخلو من اسهاماتهم عندما كانوا في السلطة يمارسون صلاحياتهم ويستخدمون الاجهزة والعجلات الرسمية والباجات لتنفيذ اعمال ثبتت بالشهادات والادلة امام القضاء.
اليوم السيد الجبوري الذي لم يحضر مؤتمر الارهاب في اربيل ، وهذه حسنة تسجل له ، يريد ان يعيد العجلة الى الوراء بعد ان استبشرنا خيراً برئاسته للبرلمان ، فهو يعلق سبب دعوته على الفترة السابقة ، ويستخدم مثل كل السياسيين المستجدين شماعة رئيس الوزراء السابق ، لتسويق رسالة بائسة كان من سبقه يحاول تسويقها وما زال البعض يفعل ذلك ، دماء الضحايا مازالت تفور ، ولم تبرد بعد ، وان ماورد على لسان الجبوري في اجتماع لشخصيات سنية عقد في اربيل منتصف شهر تشرين الثاني عام 2014 ، اي قبل شهر من انعقاد مؤتمر اربيل الذي لم يخرج بشيء يمكن ان يحسب على الخط الوطني .. انما يثير التساؤل كيف نبني العراق بهكذا رجال مُشككين ، ان الله عز وجل يمهل ولا يهمل ، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.