23 نوفمبر، 2024 4:59 ص
Search
Close this search box.

في دهاليز السياسة

في دهاليز السياسة

-1-
عالم السياسة حافل بالكثير الكثير من الأسرار والغرائب ، وليس كلُّ ذلك بواضحٍ لعامة الناس …

فثمة مواقف قد لايُحسن فهمَها وتفسيرها الاّ رجال السياسة دون غيرهم، وقد يَحارُ الآخرون في الوصول الى كنهها …!!!

-2-

ومما لاشك فيه أنَّ مَنْ بيدهم زمام الحُكم، يختلفون في المشارب والمسالك، ففيهم من لايحتمل بروز أحدٍ سواه ، حتى اذا كان من أكثر الناس نفعاً للوطن والمواطنين ..!!

إنَّ الحسود اللئيم، لا يُطيق أنْ يرى الانتصارات والنجاحات تكتب في صحيفة غيره على الاطلاق .

وانّ المستبدين لَيُؤرقُهمُ سطوعُ نجمِ الرجال الأشداء الأقوياء من ذوي الكفاية والدراية والتجربة …

-3-

وبالامس القريب ، كان الطاغية المقبور يفتعل المبررات للقضاء على قادة كبار في حزبه، لا لشيء الاّ لخوفه منهم … وخشيته من منافستهم له.

وما قضية (عبد الخالق السامرائي) بغائبة عن أحد ..!!

ألم يًقتُل خال وِلْدِه (عدنان طلفاح) حين أحسّ بانّه قد يكون بدِيلا عنه ؟

والأمثلة في هذا الباب كثيرة

-4-

واليوم وقد طوى العراق مرحلة صعبة، كانت السلطة الحقيقية فيها محصورةً بيد رجل واحد، وقد خطّط للامتداد عبر الولاية الثالثة ، واعتبر مَنْ لا يرضى بذلك، خارجاً على كل السياقات السياسية والقانونية ..!!

نجد أشخاصاً كان لهم حضور على المسرح السياسي والاجتماعي في ظلّ الحكومة السابقة ،وربما صدرت منهم تصريحات ظاهرُها الإشادة بمن انتهت ولايتُه ،

فهل هم من رجال المرحلة السابقة بكلّ ما اتسمت به من سمات سلبية وممارسات مليئة بالأخطاء والخطايا ؟

أم أنهم من رجال التغيير والاصلاح ؟

-5-

إنَّهم ممن استطاع أنْ يتحاشى الاصطدام بالخطوط الحمراء المرسومة من قبل (المسؤول النتفيذي المباشر السابق)، ويعبر القنطرة بفضل ما أوتي من فطنة …

وانهُ لم يكن راضياً بما وقع ، ولكنه لم يكن قادراً على التغيير حينذاك، ولكنه لم يستسلم ، وأعدّ العُدّة للخلاص مغلفة بستار من الكتمان …

-6-

ومن المفيد ان ننقل هنا قضية (عمارة بن تميم اللخمي) مع الحجّاج

فقد بعثه الحجّاج الى (ابن الاشعث) وحينما انتصر عليه ، حَسَدَهُ الحجّاج، وعرف (عمارة) ذلك فظل يقول :

” أصلح الله الأمير …،

من شرفتَه شَرفُ

ومن صغّرتَه صَغرُ

وما ابن الاشعث وخلعُه ..”

وبقي على أمثال هذه الكلمات، المغموسة بتعظيم الحجاج ظاهريا ، حتى استدعى (عبد الملك بن مروان) الحجّاج (فسار معه يلاطفه ولا يكاشفه)

وحين قامت الخطباء بين يديْ عبد الملك في أمر الفتح – والقضاء على ابن الاشعث – قام (عمارة) فقال :

” يا امير المؤمنين :

سل الحجاج عن طاعتي وبلائي ،

فقال الحجاج :

يا امير المؤمنين :

لقد أخلص الطاعة ،

وأبلى الجميل ،

وأظهر البأس ،

من أيمن الناس نقيبةً

وأعظمهم سيرةً ،

فلما بلغ آخر التقريظ ، قال عمارة :

أرضيتَ يا امير المؤمنين ؟

قال :

نعم ، فرضي الله عنك ، قال عمارة :

فلا رضي الله عن الحجّاج …

ولا حفظه ولا عافاه ،

وهو الأخرق السيء التدبير ،

الذي افسد عليكَ العراق ،

وألّب عليك الناس

وما أوتيت الاّ من خرقه وقلّة عقلِه …

وجهله بالسياسة ،

ولك يا امير المؤمنين منه أمثالها إن لم تَعزِلْهُ

فقال الحجاج :

مَهْ ، ياعمارة فقال :

لامَهْ ، ولا كرامه

يا امير المؤمنين :

كلُّ امراةٍ لي طالق ،

وكلُّ مملوك لي حر

إنْ سرتُ تحت راية الحجاج أبداً ، فقال عبد الملك :

ما عندنا أوسع لك “

نثر الدر للآبي ج5 ص90-91

-7-

لقد كان الخوف من (المسؤول التنفيذي المباشر السابق) يدفع الكثيرين الى التزام الصمت ، ويدفع آخرين الى ايهامه أنهم معه وما هم كذلك..!!

-8-

وحين توفرت الفرص للكشف عن الأخطاء والخطايا، والمفارقات التي غصّت بها الفترة الممتدة ما بين (2006-2014)، أمكن للمواطنين ان يقفوا على شيء منها ..!!

على أنَ الغاطس منها هو الأكثر ..

ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم .

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات