26 نوفمبر، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

شتان بين العبادي والمالكي

شتان بين العبادي والمالكي

-1-
اذا كانت (آلة الرئاسة سعة الصدر) – كما قال أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) – فانّ قرار د. العبادي في اسقاط الدعاوى القضائية المقامة على رجال الصحافة ، يأتي متناغما مع هذا المبنى السليم .

انك تستطيع ان تقلع الشر من صدور الآخرين اذا ما قلعتَه من صدرك..!

على أنَّ الرأي الآخر ليس شرّاً على الاطلاق …

-2-

وتجلّى للجميع عبر الأيام المائة الماضية – أن د. العبادي ليس مأزوماً نفسياً ، وانه رجل عقلاني وطني، منفتح على كل القوى الفاعلة في العراق، من قادة دينيين ، وزعماء سياسيين ، وأكاديميين ومثقفين ، ورجال اعلام وصحافة ومواطنين …

وبهذا الانفتاح استطاع احراز النجاح ، رغم كثافة المصاعب والعوائق ، والمحاولات اللئيمة التي لم تنقطع لايصاله الى طريق مسدود ..!!

-3-

إنّ الامام الصادق (ع) – فيما روي عنه – يقول :

{ أحب اخواني اليّ مَنْ أهدى اليّ عيوبي }

وحاشاه من العيوب …

انه ارادنا ان نستقبل النقد البنّاء ، كما نستقبل باقة الورد المهداة الينا، ذلك أن النقد البنّاء لايخرج عن كونه إصلاحا للمسار ، وتقويماً له .

-4-

وكاتب السطور ، استمع مرّة الى متحدث في حفل تأبيني ، تناوَلَهُ بِذِكْرٍ سيءٍ لا يمت الى الحقيقة بصلة، مما اضطر المسؤول عن ذلك الحفل انْ يكتب ورقة الى عريف الحفل يقول له :

إنّ ما طُرح لا يُمثّل وجهة نظر المؤسسة المقيمة للاحتفال، وانما يمثّل وجهة نظر قائِلِه فقط ..!!

وهنا انتفض أحد أصدقائنا – وهو طبيبٌ لامع صاحبُ مكانةٍ متميزة – وجاءني قائلاً :

ما رأيك في أنْ أَرُّدَّ عليه ؟

قلت :

اتركْهُ ، ولا تُعر كلامه اهتماما …

وتسألني الآن :

لماذا ؟

هل كان ذلك لتغليب النزعة الأخلاقية وما تقتضيه من تسامح وعفو فقط، أم كان لدواعٍ أخرى أيضاً ؟

والجواب :

انك حين ترّد عليه ، توفر الفرصة لكّل المستمعين أنْ ينقلوا ما قال وما قيل في الرد عليه لمن لم يكن حاضراً في الاحتفال ..

وهذا يعني :

انك تريد ان ينشغل الناس بالقال والقيل ، والادعاءات الممزوجة بالأباطيل .!!

وهذا أمر واضح البطلان …

-5-

وبصراحة :

انّ اقامة الدعاوى القضائية على رجال السلطة الرابعة، ينطلق من خلفية معيّنة، وقضايا مركوزه في ذهن صاحب الدعوى .

انّ تصورات “المسؤول التنفيذي المباشر ” عن نفسه ، وعن قدراته وملكاته ومواهبه وانجازاته هي التي تدفع به الى اقامة الدعوى على الاعلاميين المخالفين له .

انه يعتبر ” الأقلام ” المضادة له كالسهام …

وانها بَدَلاً من أنْ تلمّع صورته ، وتكرّس وجوده في وجدان الناس ، تعمد الى تسليط الأضواء على فشله، وكشف الثغرات والمواخذات الكثيرة التي تكتنف مسيرته …

وهذه هي الخطوط الحمراء عند ذوي النزعة التسلطيّة التي تأبى ان تُمَسَّ بشعرة ، لانها فوق الشكوك والشبهات …!!

-6-

انّ قواميس الاخلاق تشير الى أنَّ الوضع الأمثل لمن يُساء اليه ان لايكتفي بالتسامح والعفو بل بمقابلة الإساءة بالاحسان ..!!

ولا يتنازع اثنان في أنَّ مُقيم الدعاوى على رجال الإعلام ، لو عمد الى ذلك ، لأستطاع ان يتفادى النقد الساخن الذي لم ينقطع حتى بعد انتهاء

ولايته ، ولن ينقطع أبداً، حيث لم يُصدر منه ما يدّل على الاعتراف بالخطأ، فضلاً عن الاعتذار عما سببّه للبلد والمواطنين من أزمات وويلات …

-7-

انّ رجل الدولة لابُدَّ ان يتميّز بقدراته على الاستيعاب والإغضاء ، كما قال الشاعر :

ليس الغبيّ بسيد في قومه

لكنّ سيد قَوْمِهِ المتغابي

وعليه أيضا :

أنْ يُتقن فَنَّ الاصغاء الى الآخرين ، والانتفاع بطروحاتهم، بَدَلَ المسارعة الى معاقبتهم .

 

*Husseinalsadr2011Yahoo.com

أحدث المقالات