17 نوفمبر، 2024 8:51 م
Search
Close this search box.

اقتسام العراق بين داعش وإيران

اقتسام العراق بين داعش وإيران

في جميع دول المعمورة هناك جملة من الرموز الوطنية التي تعكس وحدة المجتمع وتمثل سيادة الدولة ، وأن أي مساس بقيمتها أو التقليل من شأنها كفيل بإثارة حفيظة أجهزة السلطة المعنية ، ليس فقط للدفاع عن سلامتها والحفاظ على كرامتها فحسب ، وإنما لإيقاع القصاص بكل من تسول له نفسه الإساءة إليها أو التطاول عليها ، كائنا”من يكون وتحت أي ظرف من الظروف . هذا ما يحصل عادة لدى جميع الدول الصغيرة والكبيرة ، المتقدمة والمتخلفة ، الإسلامية والعلمانية ، الديمقراطية والدكتاتورية . باستثناء (دولة) العراق العتيدة التي أضحت مطية لكل راكب ومستباحة لكل ناهب ، سواء من هؤلاء السرّاق وشذاذ الآفاق الذين نصّبتهم الهمجية الأمريكية في الداخل ، أو من أولئك الذين طالما تربصوا شرا”بالعراق أرضا”وشعبا”وتاريخا”وهوية من الخارج ، بعد أن أتاح لهم الغزو الأمريكي الغاشم نفث سمومهم وحقن جراثيمهم في كيان هذا البلد الجريح ، بحيث بات آيلا”إلى التذرر إلى دويلات متنازعة والتبعثر إلى جماعات متصارعة . أكتب هذا وفي حلقي غصة مما شاهدته وقرأته من على مواقع التواصل الاجتماعي ، التي لم تبرح تبث مشاهد مثيرة للقلق وباعثة على الاستغراب بخصوص صمت حكومتنا وتجاهل ساستنا حيال التجاوزات الإيرانية المتواصلة – تحت يافطة مساعدة العراق على مكافحة الإرهاب – ليس فقط في الشأن السياسي وصناعة القرار السيادي فحسب ، بل وكذلك في الاستهانة برموزنا الوطنية والمساس بحرمتها من خلال رفع الأعلام الإيرانية على مداخل المدن العراقية ، فضلا”عن لصق صور الشخصيات السياسية والدينية الإيرانية في الأماكن العامة ، هذا بالإضافة إلى رفع لافتات كبيرة في بعض شوارع بغداد الرئيسية ، تمثل بعض التنظيمات الحزبية الإيرانية ذات الطابع الطائفي . هذا في حين إن تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية ماض – على قدم وساق – في عمليات (تدعيش) المؤسسات والعلاقات والذهنيات ، في الشطر الآخر من الجغرافية العراقية ، كما لو أن دولة (الخلافة) أضحت حقيقة واقعة تفرض وجودها بقوة الشكيمة ورجاحة التنظيم وزخم الدعم وشراسة الطباع . وبين تدخل القوة الناعمة (الإيرانية) في الوسط والجنوب ، والقوة الخشنة (الداعشية) في الغرب والشمال ، فان رموزنا الوطنية – وبسبب من خذلانها السيادي وبطلانها القيمي – لم تعد قادرة على لعب دورها في التوحيد الاجتماعي وممارسة وظيفتها في التجانس الثقافي . بقدر ما باتت ضحية للمتاجرة في أروقة السياسة الموبوءة بالفساد ، وأداة من أدوات التعبئة الطائفية والتضليل الإعلامي . والحقيقة إن الحكومة التي لا تحترم رموز دولتها ولا تهتم لمصالح شعبها ، لا ينبغي لها أن تتوقع من أيا”كان أن يبدي أي ضرب من ضروب الاحتراز من التطاول على الأولى والتحايل على الثانية ، طالما إن أهل الشأن المعني بعيدين كل البعد عن صونها من عبث العابثين وإبعادها عن إساءة المسيئين ، وجعلها بالتالي عنوان هيبة الدولة وإطار وحدة المجتمع !!.

أحدث المقالات