29 ديسمبر، 2024 11:14 م

العراق والسعودية.. وجدان لا تنفصم عراه

العراق والسعودية.. وجدان لا تنفصم عراه

فصل الأشقاء الآن الخطوة الهوجاء التي إرتكبها صدام.. عن موقف الشعب الرافض للغزو.. حد إعدام 150 ضابطا إمتنعوا عن إحتلال الكويت
إطلعت على المحاضر الإعلامية للوفد الدبلوماسي السعودي، القادم الى بغداد، للعمل على إتمام فتح سفارة للرياض، في بغداد، وقنصلية في اربيل، بناءً على الجهد الذي بذله رئيس الوزراء د. حيدر العبادي، خلال حضوره المؤتمر الدولي لمحاربة الإرهاب، الذي عقد في المملكة.
لمست رغبة حقيقية وجادة لإعادة العلاقات، إيذانا بقلب صفحة الماضي، يتداخلاته الشائكة، التي لم تتح فرصة لتوضيح المواقف، إنما تشتت للرؤى وتبددت المحاولات السلمية التي تتضاد مع نفسها، مستحيلة الى إستفزازات متبادلة.. غير مقصودة.
ألم أقل أنها شائكة التداخل!؟ بل عتمة أضاءتها مبادرة العبادي، التي أعادت الذاكرة الى العام 1981، حين كان العراق، سيادي العلاقة، مع دول الخليج، مرشحا لتبوء موقع متقدم في “مجلس التعاون الخليجي” بحكم الانتماء الجغرافي والمصلحة السياسية، بإعتباره مصدا ينوب عن أشقائه، في إيقاف المد الثوري السائح فيضا من نظرية “ولاية الفقيه” التي داهمت إستقرار المنطقة، مطلع الثمانينيات.
 
إنتفاضة آذار
إقدام الطاغية المقبور صدام حسين، على غزو دولة الكويت الشقيقة، العام 1991، حماقة أقصت العراق، من وشائجه الإقليمية ومحيطه الانساني، محاصرا بعقوبات دولية، في أعقاب هزيمة عسكرية، تلتها إنتفاضة آذار، التي رد عليها بضراوة فظيعة أوجرت بالشعب، ووقف العالم يتفرج؛ لأسباب طائفية…
فصل الأشقاء الآن، الخطوة الهوجاء التي إرتكبها وحش صنعوه بأيديهم، ثم إنقض عليهم، عن موقف العراقيين الرافض للغزو، حد إعدام 150 ضابطا إمتنعوا عن إحتلال الكويت.
إنهم يؤاخذون شعبا مغلوبا على أمره، بجرائر ساسة، متهورين.. ومهووسين بالطروحات والإجراءات غير المسؤولة، قبل وبعد 2003.
 
أخطاء متوالية
توالت الأخطاء، موسعة الفجوة، حتى ياتت أكبر وأعمق من المعالجات.. توترت العلاقات العراقية – الخليجية، وإنفصمت عرى الدبلوماسية.. العراقية – السعودية.
تبادل الإتهامات، بين الدولتين، إبان دورتي حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أحبط أية محاولة، لرأب الصدع، وتفتتيت العقد، فتشنجت الإحتقانات، داخلة في طور اللارجعة…
ولجت ردود الفعل الحادة، نفقا لا داخل ولا خارج له، ضاعت النوايا والهمم، بين أركانه المتلاشية، وغلق كل واحد منهما الباب بوجه أخيه…
لكن ما أن تولى د. العبادي، رئاسة الوزراء، حتى قدم على إخوته خيرا، فلقي من الملك عبد الله بن عبد العزيز.. رحمه الله، ترحاب أخوة يحنون على أخ عاد من تيه ضلالة، كي يلقى نفسه بين أهله.
 
إيقاظ الأصالة
أولى الإشارات لإثبات صدق النوايا، هو إعادة فتح أبواب التمثيل الدبلوماسي، في إطار رغبة جادة، في تبادل السفارتين، سعيا للتفاهم بشأن القضايا العالقة.
تأكد ذلك من وضوح مشاعر الوفد السعودي، ونظيره العراقي، وهما يتحاوران بلغة نابعة من وجدان متشبع بالتواشج العشائري والمصاهرات، من أعلا مستوياتها؛ فالملك الراحل.. عبد الله بن عبد العزيز.. طاب مقاما في الجنة، متزوج من أميرة عراقية.. كريمة المحتد.. سليلة قبائل شمر الموصلية.
ثبت أن عمق الإنتماء في العلاقات بين البلدين، أقصى ثباتا من طوارئ الاحداث العابرة، لذا تمكن العبادي بزيارة واحدة، من ايقاظ أصالة الأخوة السعودية، ففاضت المملكة خيرا بالتفاهم؛ لفتح آفاق بناء جديد، يؤسس عليه مستقبل، يخدم مصلحة الطرفين.
 
رفعة وعي
فالتفاهم يسير بين الخيرين، وأملنا وطيد بشخص الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لما نتوسمه بسليل رفعة الملوك أصالة، ذي الرفعة الواعية، في الانفتاح على المستقبل المتحضر.
التعاون المبني على إحترام الخصوصيات، وتبادل المنفعة، والتآزر تكافلا في الملمات، من شأنه تذليل العقبات الإقتصادية، وتخطي التحديات الأمنية.. “داعش” وسواها، بجهد أقل، لتحقيق منجز أكبر، مما لو تفرد بنا العدو، كل على حدة، إستذكارا لحزمة السهام، التي استعصت على الكسر، ريثما فرطت واحدا واحدا، فكسرت تباعا بسهولة؛ لأن الله يحب للمؤمنين أن ينتظموا صفا، في العبادة والبناء و… سواهما.