من الطبيعي عندما يعمل المرء يُصيب أو يُخطئ .فإن أصاب شُكِرَ على صنيعه ومعروفه وله حق الثواب .وإن أخطأ فإن كان خطأه غير متعمد أو سوء تقدير أو إهمال يُلام على إهماله وسوء تقديره .أما إن ثبت تعمده فالعقاب جزاؤه والقانون هو الفيصل .
منذ أن سقط النظام في 2003 ظهرت على الساحة السياسية مجموعة مكن لها القدر والأحتلال الهيمنة على مقادير الأمة ومصادرة إرادتها. فتحولنا من ديكتاتورية فردٍ مستبد الى ديكتاتورية أمراء الحرب والطوائف .الذين كتبوا لنا دستوراً ظاهره جميل وحضاري .وباطنه ألغامٌ ونزاعات.وسنوا لنا قانون إنتخابات يمكنهم من البقاء ممسكين بخيوط اللعبة السياسية وبتلابيب الشعب الواهن القوى وقد خرج من نارٍ ودخل في أتون.
كان بلدنا 18 محافظة ولا نقول إنها كانت تنعم بالسلام والصفاء والرخاء. فالحال كان واضحاً ولا داعي للخوض فيه لأننا نأنف العودة إليه. والحال اليوم أسوء .فأصبحنا اليوم 12محافظة. تخضع شكلياً للسلطة المركزية. أما فعلياً فكلٌ يغني على ليلاه .والعلاقة مبهمة بينها وبين المركز وفق دستور متعدد التفسيرات .وتتلاعب أهواء أمراء الحرب والطوائف الجدد بمقدراتها. إتفاقات وصراعات وتشكيلات حكومية حسب المصالح الكتلوية والمادية هي الأهم فالأستيلاء على مصادر الثروة والسلطة بتصرفهم ومن حقهم دون منازع. وماحصاد الشعب إلا الذل والجوع والبطالة, وإرهابٌ يسيل الدماء ووطنٌ يتشظى ويضيع والرابح الأمراء الجدد. فقد ولى زمن السلطان الأوحد الأمجد الضرورة .وحل محله زمن أمراء الحرب والطوائف. يغيِّرون مواقعهم الحكومية ويتقاسمون ملكية الشعب . ويعاملونه كممتلكات خاصة ورعية لا شركاء في الوطن دون حياء.
إقليم كردستان مستقلٌ واقعاً .وإحتَلَّ أراضٍ عراقية خارج حدوده وتحول لقوة إستعمارية كولنيالية.ويتصرف بإستعلاء مع الوطن الأم .والمحافظات الغربية سلمها بعض القادة ,وربما أمراء الحرب والطوائف الى داعش الغبراء بأبخس الأثمان ,مع أسلحة ومعدات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. وتحول الشعب الى لاجئ في وطنه ونازحٍ من داره وفاقدٌ لكرامته.وعاد العراق القهقرى الى بلد محتاجٍ فقير متهالك تتقاذفه أمواج الأرهاب والفساد.
سنة مضت والعراق بدون ميزانية فقد إختلف أمراء الحرب والطوائف عليها فتعطل كلُ شيء.وسنة جديدة قدمت وأسعار النفط تراجعت بشكل مخيف ومفاجئ والمستقبل مبهم فقد يحتاج الفرد الى بيع ممتلكاته كما فعل أبان الحصار .
قد يرمي البعض تهمة تردي أوضاع العراق ويحمل المسؤولية لحزبٍ إستلم السلطة أورئيس منه. ولا نقول إن هذا الحزب أو رئيس الوزراء سواء من سبق أو لحق غير مسؤول ولم يخطئ. ولكن الواقع والصحيح هو إنهم جميعاً مسؤولون بكتلهم وقادتهم. فلم يكونوا إلا أمراء حرب وطوائف تقاسموا السلطة وإشتركوا في غنائمها جميعاً .وما خلافاتهم في العلن إلا ذر رماد في العيون أو طمعاً ورغبة في إعادة نسب قسمة الغنائم . فلو كان هذا الخلاف صحيحاً مبنياً على أسسٍ وطنية لإنسحبوا من الوزارة وإستقالوا من مجلس النواب والمناصب الحكومية. وأعلنوا البراءة الفعلية الواقعية والعملية من كل ما جرى. ولكن يموت الديك وعينه على المزبلة.
بطرفة عين ضاعت الموصل وتكريت والرمادي وديالى وأجزاءٌ أخرى من العراق مهددة بالضياع. فما الذي منع ويمنع من إجراء محاكمة علنية شفافة وكشف المستور. ولماذا بقيت الأسرار مخفية عن الشعب .ومن يخفيها أو يمنع الدولة وأجهزتها عن تفعيل القضاء والقصاص من الجناة والثأر لشهداء الأمة في نينوى وسبايكر والأنبار وديالى وبقية الأرض العراقية ؟.إنهم أمراء الحرب والطوائف.هم من يمنع هذا لأن المسؤولية تطال الجميع. ومن يمنع من إقامة محكمة خاصة للمتورطين بالفساد ونهب المال العام .إنهم هم أمراء الحرب والطوائف.فما مِنْ فاسد سارق كان أو مرتشٍ إلا وهو مرتبط بأمير من أمراء الطوائف والحرب أو ذنب له .ألمْ يسألْ أيُّ رجل قضاء أو مؤتمن على حقوق الشعب وأمواله عن مصادر ثروات هؤلاء الهائلة ؟؟. إن رائحة الفساد تزكم الأنوف ومخجلة جداً . والشعب يعرف ماضيهم وقدراتهم وماكانوا عليه . فَمِنْ أينَ لهم هذا ؟؟فيا سادتي أمراء الحرب والطوائف إن تعتقدون إنكم أحسنتم وأجدتم وعملتم من أجل الوطن فجزاكم الله خير الجزاء. فالنتيجة واضحة فإتركوا شعب العراق وشأنه. يرحمكم الله ويحسن إليكم. وإن تعتقدون وتقرون بالخطأ فالمسامح كريم .فنحن نسامحكم إن تركتمونا وشأننا وإعترفتم بالخطأ فالأعتراف بالخطأ فضيلة . وسنصلح ما أفسدتم أو فشلتم فيما كلفتم به. وبالتأكيد فشلكم بائن واضح لا جدال فيه.فالكرة في ملعبكم.
لن يستطبع السيد رئيس الوزراء الدكتور العبادي من وقف الفساد ,وهدر المال العام وتحقيق العدالة منفرداً ,مهما فعل . فسيعيقون عمله . ويثبطون عزيمته .ويحاولون إفشاله . ففوتوا الفرصةعليهم , قبل فوات الأوان .وقفوهم إنهم مسئولون.