الحياة بمعناها الحقيقي مبادئ وقيم والتزام وما عداها إيقاع , وهي بمجموعها الميزة الوحيدة من قفزت ببني البشر من فوق الحيوانيّة وعبرت الغريزيّة إلى الانسانيّة .. بغض النظر عن نوعيّة الأهداف والمبادئ والقيم وماهيّتها , هنّ فقط أو بواحدة منهنّ ما تُميّز الجنس البشري عن سائر الخلق ففي مبادئ الإسلام على سبيل المثال ما يستدعي أتباعه للالتزام وقيم تصلح لذات الالتزام ومبادئه إحدى بوّابات إيفاء معنى الحياة حقّها , مراميها احترام مسبّبات الوجود , وقطاف وعي راسخ بالخلود هو خلاصة الوعي , فاحترام الحياة يعني هناك خلود , فلا معنى للالتزام أو للوجود خالي من خلود , فالحياة تبدأ بلفظة حبّ , بكلمة يعني , والخلود حبّ أبدي يبدأ خلقه بكلمة , فلولا قفز الخلود كأمنية تفرض وجودها على العقل كموجود مع باقي الموجودات ما وعيها قلبه وما فهم أنّ هناك مسمّىّ آخر للموت يطرق بابه ! , ومن حسن طالعنا هذه الأجيال أنّنا بتنا على مشارف اقترابنا من تحقيق حلم أبديّ سيعلن قريباً أبديّة الحياة , فعمليّة تكرار الموت ثمّ الحياة ثمّ الموت ثمّ الحياة لابدّ وهنالك ورائها مغزىً لهذا “الإيقاع” المتبادل بتنا اليوم نتحسّس ملامحه ونتفهّمه وقد انكشف نصف سرّ الموت نتيجة التعايش الطويل معه , سنفهمه كلّه حين يتحقّق الكشف عن كامل مبرّرات الخلود , إيقاع كهذا ذو هدف يرمي إلى مزج الحياة مع الموت , والموت بهذا ممكن أن يكون:
“عمليّة تجديد للحياة كلّما حملت ومع تسارع إيقاع التنافر “الضدّي” غايته انسجامهما” .. هنالك كائن ما يرقب “تلاشي الإيقاع” بامتزاج الضدّين , وهذا ما يبعث على الاطمئنان , وبيئة العراق طبعتها قبلة حياة فولدت أوّل عشائريّة في التأريخ لجنس اسمه بشري من جنوبه , لغاية ما كانت خامة بيضاء نقيّة , لبنة لخامة الأبديّة وقمّة “الاسلاميّة” صحيح هي بداية التشقّق عن المكنون ببيئة أمّيّة لكنّها واعية القلب وببرّيّة الضمير وهي الشيعيّة الحقيقة “الرفض الإيجابي” ومن قبل أن يُوجد الإسلام بمعناه “الهجري” , فحين داهم البريطانيّون العراق لم يدخل العقل الجنوبي “الشيعي” عمليّة حسابيّة قد تقذف به “لمصلحيّة أنانيّة” بل هبّ “المَكنَويّ” الساكن قلب كلّاً “منهم” وانتفض , اصطفّ مع من تماهى معه عبر قرون اصطفّ مع “المؤمنين” كما يفهمه في ضميره وترك خطأ التقدير إن حصل , لله , “بالدفع” ضدّ “الكفّار” , هي التنفيذ دون انتظار أو استفسار, هي الشعرة ما بين الإسلام الحقّ وما بين الكفر , هي اللحظة الّتي سبق واخترق منها الإسلام نصف زمن الوجود , هي اللحظة الّتي أتمّ القلب وعيه دون الغوص داخل بحور كتب التاريخ أو الفلسفة , وقضي الأمر “شيعة” العراق كانوا الوحيدون الّذين وقفوا جنباً لجنب مع رفيق الدرب والعقيدة “العثماني” نسوا مساوئه معهم وتعاليه “هي في سبيل الله” يعزون الحلب التركي لجيوبهم حتّى ألغوها من ملبسهم ,
نسوا “التتريك” نسو كوارث تضحياتهم “السفر برلك” يوم لم يستقرّ بعد عشائر الغربيّة تماماً ! نسوا كلّ ذلك بلحظة واحدة .. اصطفّ إلى جانب “الكفّار” جزيرة العرب والشام ونصف العراق وإمارة الأردن , وعمل بعكسهم شيعة العراق , اجتمع سنّة المسلمون ضدّ الاتراك “إخوانهم في المذهب” إلاّ شيعة الجنوب أوفوا ما يمليه عليهم الدين حقّ الوفاء فكتب لهم التاريخ بماء الذهب ولن يُمحى طالما هناك وجود .. فهل في أفق الاتراك شيء اسمه “إنصاف” بعيداً عن المصلحيّة والأنانيّة ولو لومضة من الزمن , هلا عضدوا مسعى العبادي وساعدوا العراق في النهوض كدولة جارة اسلاميّة شقيقة تقف جنبهم يوم المحن حين يخذلهم أبناء الدين , كدولة عراقيّة للجميع تعبر الطائفيّة نحو “الشيعيّة الحقيقيّة” الرافضة للظلم الشيّقة لأخيها المسلم أينما كان ..