وهي من البُعبُع بالمعنى الدارج أو العامي , أي الشيئ المرعب المخيف.
والمقصود بها التهويل وتحويل الحدث أو الظاهرة إلى غير ما هي عليه من القدرات لأغراض عدوانية شرسة , وذلك بتسخير قوة الهدف لتكون ضده.
ولتدمير أية حالة في زمن العولمة ذات التواصلات الفورية والتغيرات الآنية , لا بد من تحويلها إلى بُعبع مطلق وتلميعها بآليات التهويل والتأويل وبرامج الحرب النفسية الآثمة التي تقتل روح البشر وتحوله إلى حطام وركام.
فتُخلع الإرادة والعزيمة والمقدرة على المقاومة والتحدي والأمل بغد أفضل , وتساهم وسائل الإعلام المستأجرة والمسخرة لتمرير هذه الأضاليل الفتاكة في نفوس المواطنين وإيقاعهم في حفرة اليأس ومصادرة المصير.
فالإعلام من أخطر أدوات تدمير الوجود الوطني والإنساني في هذا العصر الشرس المتوحش المتقنع بالحضارة والمدنية , وهو واقع إفتراسي وتفاعلي تدميري على جميع المستويات.
فبواسطته يتم صناعة الويلات وتاسيس معالم التداعيات في أي مكان وزمان , وذلك بتسخير أبناء البلد لتحقيق أغراض مناهضة لوجودهم وبإرادتهم (الحرة) المُصادرة بدون وعيهم وإدراكهم لما يدور فيها ويجري حولهم , لغمسهم في أحواض إنفعالية وعاطفية تدميرية قاسية.
وما يتحقق في مجتمعاتنا أن هناك قوى وقدرات منهمكة في صناعات البعبعة التفاعلية ما بين أبناء الوطن الواحد , وتحويلهم إلى مفترسين لبعضهم البعض , ومنهمكين في الإتلاف الذاتي والموضوعي لوجودهم بأكمله.
وشركات صناعة البعبعة لا تختلف عن غيرها من الشركات الصناعية الأخرى ذات الخبراء والباحثين والمبتكرين والمُصنعين والمسوقين المهرة والإعلاميين الجهرة , القادرين على بيع ما تنتجه الشركة من الصياغات التدميرية , التي تحقق أرباحا فائقة لمصانع السلاح في الدول الصناعية التي يزدهر إقتصادها بكثرة بيعها للسلاح.
فالمجتمعات المصفودة بالويلات والصراعات القاسية لا تنتج سلاحا أو قطعة غيار واحدة , وإنما هي تشتريه من مصنعيه ومسوقيه بالأسواق السوداء والبيضاء , ومن تحت ألف طاولة وطاولة وفي المزادات العلنية والخفية المتاجرة بأرواح الأبرياء , التي صارت بضاعة المدّعين بالدين.
وعندما يتفاعل النفط والدين والسلاح والجهل والتضليل والخداع والتبعية والخنوع في وعاء مكاني , تتحقق نتائج مروعة من الصياغات التدميرية الشاملة لجميع موجودات ذلك المكان , وهذا ما يأتي أوكله في أروقة الصراعات العربية المظفرة بالخسران والبهتان.
وإذا لم تعي هذه المجتمعات أهمية تفاعلها الإيجابي , وإندماجها في صيرورة كيانية واحدة معتصمة بالوطن والمصالح المصيرية المشتركة , فأنها ستتحول إلى عصف مأكول , وثريد في صحون المدمنين على إبتلاع الشعوب , وإذابتهم في معدة العصور بعصارة حامضية فائقة التركيز!!