في السياق التاريخي العام معروف ان ايران ( العنصرية الفارسية ) كانت ولا تزال تحرّض الشيعة في عموم العالم المسلم بدعوى المظلومية تارة والاضطهاد الفكري والعقائدي والاجتماعي تارة أخرى , مستخدمة وسائلها الخبيثة في ذلك معتمدة على الحيلة والاغراء في إعداد وتدريب مجاميع صغيرة من الافراد ( النوع ) قياداة دينية تغرقها بالمغريات متخذة منها أداة لتحريك ( الكَم ) كتل بشرية كبيرة . ايران دائماً تعمل وبشكل حثيث على ترسيخ مفهوم خاطئ لدى الشيعة ؛ أن ايران هي الشيعة والشيعة تعني ايران ؛ تحاول ترسيخ هذا المفهوم لدى الشيعة والسنة , والهدف من ذلك استخدام التواجد الشيعي في المحيطين العربي والاسلامي لتحقيق مآربها العنصرية واطماعها في الهيمنة والاستحواذ متخذة من الخيمة الاسلامية مأوى للصراع مع من تريد ووقت ما تريد ؛ وهي صاحبة المبادرة والخيار في ذلك ؛ وكذلك جعل السنة ينظرون بعين الريبة الى الشيعة بأعتبار تحريكهم من ايران .عندما نتسائل من يحرك عموم الشيعة وكيف عبر مراحل التاريخ أو في زماننا هذا , في العراق مثلاً مجموعة من رجال الدين في الغالب يقودهم شخص واحد وعدد من السياسين المرتبطين بما يطلق عليهم (المراجع) الذين لا يتجاوزون عدد اصابع اليد وهذا الواقع ينطبق على لبنان واليمن والبحرين والباكستان وكل دولة فيها مسلمين شيعة . العنصرية الفارسية متورطة تاريخياً في تاجيج الصراع الطائفي لغرض استثماره ومتورطة حالياً أيضاً في هذا المضمار .
أيران اليوم على خطأ كبير وخطير يحيق بها قبل ان يحيق بغيرها في استخدام هذا النهج ( الاسلوب الميكافيلي ) وعليها ان تعي وتفهم بأن هناك اختلاف كبير وواسع بين البعد التاريخي والواقع المعاش في الكثير من الامور منها الجغرافية والاقتصادية والثقافية والسياسية .أذا استطاعت العنصرية الفارسية ان تمرر نهجها هذا الذي تعمل به بدون خسارة على المستوى العقائدي والتفاعل والوئام للشيعة مع السنّة , مَرَدهُ في ذلك صراع بين دولتين مسلمتين جارتين دولة صفوية ودولة عثمانية ؛ متجاوزين في مقالنا هذا الثقافة السرية المجبولة على الشيعة والتشيع في أواخر القرن الثالث الهجري الذي كانت تقوم به وتتبناه وتعمل عليه العنصرية الفارسية ؛ اليوم غير الامس تَمسّك ايران بالعمل في هذا النهج خطأ تاريخي كبير وخسارة كبيرة من الصعوبة تجاوزها لأيران وشعبها خصوصاً وللشيعة عموماً , اليوم لا وجود لدولة عباسية أو عثمانية سنّية الموجود اليوم دول اسلامية عربية وغير عربية تنتهج اساليب حكم مختلفة . الولاء والمرتكز فيها ( وطني ) وليس ديني أو قومي , هذه الحقيقة ينبغي ان نفهمها ونقبلها ونتعامل معها بوضوح وبدون مواربة , المواطن الموجود في العراق عراقي قبل ان يكون مسلم سني اوشيعي او مسيحي او ازيدي او كردي او تركماني . تحريك ايٍ من هؤلاء دون الآخرين يعتبر خطأ تاريخي لايمكن القبول به , وهذا يُلزِم الاداراة الحاكمة في كل الدول المعنية ان تتعامل وتتفاعل مع الكل بمفهوم ( الاواني المستطرقة ) الماء في مستوى واحد مهما اختلفت اشكال واحجام الأواني التي تحتويه . الخروج على هذا الحال من اي الاطراف سيتعرض الى ضرر بليغ في معتقده وذاته ويدان من الجميع , على هذا الاساس ايران تضر نفسها كدولة تقول وتجاهر بأنها اسلامية دولة وسط محيط اسلامي متعدد الدول 57 دولة والشيعة سيتعرضون للضرر ايضاً لأنهم جزء من كل في محيط هذه الدول . من الحكمة ان لا تتقاطع ايران مع هذه الدول ولا تجني على الشيعة فيها بل عليها التعايش والتفاعل معها وجعلها ظهير قوي في تعاملها مع المحيط العالمي , هذا الموضوع لا يخلو تماماً من ان هناك من الشيعة يعون هذا الحال أفراد ومراجع دينية وسياسين لكن للأسف قوة تأثيرهم ضعيفة في المجال الشيعي الحيوي ويتركز هؤلاء على الاغلب في العراق ولبنان . مثل صبحي الطفيلي في لبنان والسيد الصرخي و الخالصي و السيد المرحوم عبد الكريم المدني في العراق
علينا ان نتفائل بأن مفهوم جديد بدأ يتبلور بين شعوب المحيط الاسلامي أن مفهوم المواطنة ينبغي ان يطغي ويسود على المفاهيم الطائفية والعنصرية والدينية والقومية والحزبية , هذا الموضوع يبدو اليوم أكثر وضوحاً وقناعة بسبب ما يحدث من مآسي وكوارث داخل المحيط الاسلامي كسبب وكنتيجة للنهج الايراني . دول العالم التي تدعم ايران في فعلها هذا تتسبب بشكل مباشر في اذية ايران والشيعة في عموم العالم الاسلامي سواء هذا الفعل مقصود معلوم لذاته او غير مقصود , على كل المثقفين والواعين عليهم الدعوة لبناء ثقافة سياسية دينية قومية ترتكز على المواطنة اولاً واخيراً وللمواطن الحرية في اختيار اعتقاده ومفاهيمه الخاصة به على ان لا يتسبب بالضرر للآخرين . الوطن سفرة طعام وسكن ومأوى يلوذ به الجميع ويأكلون من خيراته وعليهم صيانته والدفاع عنه , هذا المفهوم ليس دعوة للتقوقع او الاستخفاف والانكفاء على بقية المفاهيم بل جعل المواطنة قاعدة انطلاق ومثابة قوية للتفاعل القومي والديني والانساني . بمفاهيمها الصحيحة والمشروعة على ان لا ننسى على اي ارض نقف . من بداية استلام خميني لمنصة الحكم في ايران جاهر بالعداء والعدوانية من خلال ماجاء في الدستور الايراني والشعارات التي يرفعها يقول الدستور ( ايران دولة اسلامية تتخذ من المذهب الاثني عشري منهجاً لها ) يعني ذلك التناقض مع الاخرين من المسلمين السنة والشيعة مثل الزيدية والاسماعيلية . وايضاً هناك فقرة في الدستور الايراني تقول ( لأيران الحق في مساعدة المستضعفين في العالم ) وهذا تدخل علني في شؤون الدول الاخرى , على هذا الاساس ايران تحدد من هم المستضعفين وعلى مزاجها الخاص . شعار تصدير الثورة يعتبر ايضاً تدخل في شؤون الغير وشعار تحرير القدس يمر عبر كربلاء , تدخل في شؤون العراق أمور لا معنى لها سوى أعطاء المشروعية الذاتية في التدخل في شؤون الآخرين دون حق , هذا الحال اول سماته وتباشيره الحرب مع العراق . العراق كغيره من الدول العربية تفاءل بالثورة الايرانية على امل ان تحذو منهجاً تعاونياً غير عدواني مغاير لمنهج الشاهنشاهية الايرانية وعلى فرضية علاقة الخميني بالحكومة العراقية الجيدة بأعتبار ان الخميني كان لاجئاً في العراق أقام فيه 14 عام . لكن الذي حدث عكس المتوقع . في تصريح لرفسنجاني سمعته اثناء حرب الخليج الثانية يقول فيه ( القومية حالة سخيفة يجب تجاوزها والعمل بالحالة الاسلامية ) طيب وأذا كان العمل داخل الحالة الاسلامية بالمذهب الشيعي الاثني عشري ، اليس ذلك مشابهاً للعمل بالقومية من ناحية الفصل والدلالة , على النظام الايراني الحالي ان يترك العمل بالتقية والتكتيك ونظرية حصان طروادة او الطابور الخامس , أذا استطاعت ايران ان تحقق بعض المكاسب في عدد من المواقع التي يتواجد فيها الشيعة فسيكون ذلك خسارة كبيرة في المستقبل لأيران وللشيعة . كل الذي تقوم به ايران والشيعة الموالين لها أحزاباً وافراداً لايصب في مصلحة العرب والمسلمين بل يصب في مصلحة الولايات المتحدة واسرائيل والموالين لهم .