في ليل مجدب لم يكن فيه إلا نورك البهي وكوكبة من أهل بيتك وأصحابك وأنت تجلس بوقار تتأمل بأمة جدك رسول الله-ص- وهي تتراجع بإنحطاط وكوارث الفساد والظلم والتفرد بالسلطة والإستهتار بالمال العام فتعاهد ربك بالمضي بنار الثورة ونورها وتراهن كل الخائرين والضعفاء والمستفيدين أهل السحت والدنيا لتحلق بعيداً من حيث لايراك حتى خيالهم وأفكارهم السقيمة تبتسم للموت وكأنك تقول له سأقضي عليك كي أخلَّد ذكراً مابقيت السماوات والارض، إن الاعتقاد بالنجاح وأداء العمل يكفي لأن يجعلك تقدم على الفعل فكيف وقد أتقنت فن القيادة والأداء الإلهي الملكوتي لم تكتب كلماتك مصاغة أو مدروسة بل في كل كلمة كانت تأتيك بوحي قدسي نصيحة ووعظاً وبلاغة فأعجزت الحروف كما أعجزت الموت وعجز كل شيء مادي وأعييت الألسن وأبكمت الأفواه ولم يكن من يتصورك حراً قائداً للأحرار تنازل أعدائك بالإنصاف والعدل وترشدهم للحرية وترسم للاجيال طرق غير مألوفة ولا قبلك معروفة، إن أعدائك تصوروا أن النزال حسم بنصف يوم وتصوروا انتصاراً مبتور لايتعدى نجاح القطط في صيد فرائسها ولم يدركوا ان الأمور بالخواتيم فالدعي بقي دعياً وابن سفاح فلا أخدش تاريخك فزينب-ع- نادتك يا ابن مرجانة وكذا زين العابدين-ع-فهذا ليس ظلماً لك لأن من الظلم لك أن لانذكرك بالتاريخ وقد تصورت بأن الصراع مع أميرك يزيد إنما هو عسكرياً فقط … كلا فتغيير الوجوه ليس هدفا للحسين-ع والثورة وانما حركة سيد الشهداء-ع- كانت تغيير السلوك والاتجاهات الفكرية وهذا تحقق فوراً بعد يوم عاشوراء، إن الذين ناغمتهم روح الامام القدسية وحركتهم الدماء الشريفة هم رجال ذوي مواقف خالدة لأن دمائهم إختلطت بدم الخلود الأبدي وربما إن من لم ينصروك لم يذكرهم التاريخ كرجال ابداً.
ان مقاييس الثورة لاتعرق المكان والامن والأمان بعكس مقاييس الدولة العاجزة والمشلولة والتي تعتمد سماسرة السحت الحرام، ان الثورة والتغيير لايستمر بشكله التغييري الا اياماً او اشهراً اذا طال ولم تخلد حركة تغييرية مطلقاً سوى حركتك سيدي فأنت كدحت ونصبت وأعطيت وجاهدت وصليت وبكيت ووعظت كل من في كربلاء فتارة تلتفت لأصحابك وأهل بيتك وتارة لأعداءك تعظهم بكل ثقة وكأنك رسول الى قوم لايفقهون وهل انت الكبش العظيم الذي فدي لله كي يخرجنا من الظلمات الى النور فكبش إبراهيم فدا به ولده إسماعيل وأنت فديت دين جدك بكل شيء أولادك وأهل بيتك وأصحابك ونحرك الشريف ورأسك المقدس انك محوت الخوف والتردد والطمع والاستهتار بالحقوق وأعدت كل شيء لمكانه ولمسماه بانهمار الدماء طهرت الدولة الاسلامية ورسمت خارطة الانسانية شعوباً وأرعبت حكاماً جائرين انك أعدت الدين والانسان حراً عزيزاً بعد أن كان منبوذاً ضائعاً بمتاهات القمار واللهو والفجور، ان صمام الامان لن يوضع من الخونه وان صياغة توجهات الامة وصياغة الانتفاضة ضد تقديس غير المقدس او رفض رمزية رموز المنبوذين والاغبياء والمخدرين لتعريتهم وهنا لابد من اتقان الخطاب التوجيهي لكل شراذمة واتباع السلطة وتوضيح حقيقة يدركوها بخوف وخشية وعجز ولابد من صعقهم بما لم تستوحشه نفوسهم وطريقة استنهاضهم وتفجير كوامن الخوف بالدم الطاهر وهذه هي نظرية الصدمة لاعادتهم للطريق السوي ويكون فصلا حديا بين الضمير الحي والنفس الامارة بالسوء كي يدركوا ان المترف ليس رجلا صالحا مهما فعل وان المجرم المتهم ليس بالضرورة هو من خرج عن الحاكم مهما كان وعرضت سيدي كل أخلاق الله في كربلاء فكنت كيوم القيامة محاسباً كل الحكام والرعية لتحديد سلوكياتهم تجاه الله وعبادته بطرقه التي يريد لابطرقهم المرسومة، وكما قيل ان كل ثائر لابد ان يدرس ثورتك كي يدرك ان لا فائدة بحداد لايصنع مطرقة ، ان الحسين-ع- وضع كل النقاط على الحروف لتصبح جملا مفيدة مقروئة حتى للاميين فالاغلب كان لايرى الا خطوط بعقله لايمكن تجاوزها خوفا ورعبا او ضبابية في رؤيته ولعل من اعقد اساليب القناعة هي ضرب الرأي بالرأي كي يتولد رأياً جديداً في الاغلب سيكون صائباً وزراعته اوغرسه في القلوب الضعيفة والانفس المتلونة المهزوزة فسعيت رمزاً خالداً ونفخت فصارت أنفاسك ربيع أخضر وحاربت فخلقت ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر ضد من قاتلك و مازالت مرارته في أذواق الظلمة وأتباعهم وهم في عروشهم الخاوية مذعورين فاشرق وجهك الكريم ربيعا خالداً ودمك المطهر ثورة خالدة استهوت غاندي وهتلر وجيفارا ومارتن لوثر في التغيير فانت رمزنا وقائدنا وذكراك سيبقى علما في كربلاء الدم والسيف والانسانية والاخلاق والمثل والخلود الابدي.