15 نوفمبر، 2024 6:34 ص
Search
Close this search box.

العراقيون مصدومون مما يتصفحه أطفالهم

العراقيون مصدومون مما يتصفحه أطفالهم

كتب أيسر جبار : لم يتوقع بعض العراقيين عندما اشتروا لأبنائهم أجهزة كومبيوتر لوحية، تساعدهم في تنمية قدراتهم الفكرية والدراسية، أن تتسبب في ندمهم فقد اكتشفوا أنّ الأبناء يتخذون الأجهزة من أجل غايات أخرى في كثير من الأحيان. 
يقول علي صبيح (38 عاماً) وهو أب لثلاثة أطفال، “ابني سيف يبلغ 8 أعوام. اشتريت له قبل 4 أشهر جهازاً لوحياً كي يستفيد منه علمياً، ويبتعد عن اللعب في الشارع بسبب الوضع الأمني الراهن. ومن أجل استفادة أكبر ربطت الجهاز بالإنترنت، وحمّلت له بعض الألعاب وتطبيقات دروس التقوية في اللغة الانكليزية وصوراً تعريفية عن الأرقام والحروف والحيوانات”. ويضيف: “أشاهده يتصفح تارة ويلعب تارة أخرى. لكن قبل شهر وجدت الجهاز على الأرض، وما إن شغلته وتصفحت فيه حتى وجدت مقاطع إباحية، وأخرى لمسلحين يقطعون الرؤوس ويعذبون رهائن”.
يقول صبيح إنّه صدم ولم يعرف إن كان عليه معاقبة ابنه أم يعاقب نفسه هو وزوجته لإهمالهما له. وبعد الحديث ما بين الوالدين قررا إخفاء الجهاز وعدم السماح له باستخدامه مجدداً.
من جهتها، تقول أم جيهان إنها هي من أقنعت زوجها وألحت عليه لشراء جهاز هاتف ذكي لابنتهما (11 عاماً)، من أجل الاطمئنان عليها، خصوصاً أنّ مدرستها بعيدة. وتضيف: “لكنني، بعد فترة أحسست أنّ تربيتي لابنتي طوال هذه السنوات ذهبت هباء. فقد وجدت بالصدفة في هاتفها صوراً وكلاماً لا يمكن أن تكون لبنت في عمرها. وعند مواجهتها بذلك أكدت أنها أخذتهم من صديقاتها بالمدرسة”. تقول أم جيهان إنّها وجدت نفسها في حيرة، هل تخبر الوالد بما جرى أم تخفي ذلك عنه وتتصرف؟ لم تخبر الوالد كي لا تكون العاقبة وخيمة على الطفلة، إنما استبدلت جهازها الذكي بآخر لا يملك تلك الخصائص.
في المقابل، يقول الباحث الاجتماعي رؤوف عز الدين أحمد إنّ حرص الآباء على اقتناء أولادهم تلك الأجهزة يعود لأسباب كثيرة، منها الدلالة على عدم تقصيرهم في شيء مع أبنائهم، ومواكبة الحداثة الإلكترونية، والتباهي أمام الآخرين بذلك. ويتابع أنّ هنالك نوعاً آخر من الآباء يحرص على تعليم أطفاله منذ صغرهم كيفية استخدام تلك الأجهزة، كي لا يفوتهم شيء، ولا يكونوا مختلفين عن أقرانهم.
لكنّ أحمد يلفت إلى أنّ بعض الآباء لا يهتمون بخطورة الإدمان على هذه الأجهزة التي ربما تؤدي إلى التغير في السلوك التربوي، وتدفع الأطفال إلى الفهم الخاطئ للجنس الآخر. ويوصي الأهل باليقظة والتقرب من أطفالهم والتناغم معهم في إيجاد الحلول التي توصلهم إلى بر الأمان، من أجل تجاوز هذه المرحلة العمرية.
بدورها، تعارض أستاذة علم النفس في جامعة بغداد صبيحة قاسم منع الأطفال من استخدام الأجهزة. وتقول إنّ “تحفظ الآباء بشكل مفرط يؤدي عادة إلى منع أطفالهم من استخدام تلك الأجهزة. وهو شيء خاطئ لأنّ ذلك سيدفعهم للبحث بقوة ومن دون تردد عن معرفة سبب المنع، من منطلق إشباع الذات والفضول”.
وتضيف أنّ عملية إشباع الذات تلك “عادة ما تكون بعيدة عن الأسرة. لذا يجب أن يسمح للطفل والمراهق باستخدام الأجهزة، لكن بالترافق مع إرشادهما بخصوص عواقب مشاهدة المواقع المسيئة، حتى ينكسر حاجز الفضول والتردد لديهم، ولا يشاهدوها في الخفاء”.
عدا عن المشاكل السلوكية النفسية، هنالك مشاكل أخرى. يقول إبراهيم أحمد (29 عاماً) لـ “العربي الجديد”، إنّ الجهاز اللوحي الذي اشتراه لابنه مؤمل (5 أعوام) تسبب بمشاكل صحية لعينيه. ويضيف أنّ “مؤمل كان يلعب بالجهاز أكثر من 10 ساعات يومياً، وكنا فرحين بذلك، لأنّه لا يشاكس في البيت، لكن الخسارة كانت في عينيه”.
من جهته، يقول المستشار العلمي في وزارة الصحة بيادر جميل إنّ “الاستخدام المفرط للأجهزة اللوحية فيه الكثير من المشاكل الصحية، الناتجة عن الجلوس لمدد طويلة أمام الشاشة. فمنها ما يصيب شبكية العين، ومنها ما يصيب أعضاء مختلفة من الجسم، كالتسبب بتراكمات الدهون في منطقة الخصر والأرداف بنسبة قد تصل إلى 50% عن الأشخاص الذين يداومون على المشي بصورة منتظمة”.
وبعيداً عن المستهلكين، يؤكد وكيل إحدى الشركات العالمية المنتجة لهذا النوع من الأجهزة، زيد عواد الطائي أنّ “الشركات التي يستورد منها العراق، تحرص على توفير رقابة سرية على الأجهزة التي تعطى للأطفال، ما يمكّن الأهل من حجب المواقع غير المرغوب بها. فضلاً عن السماح للأطفال باختيار عدد كبير من المواقع التي يمكن الاستفادة منها. بالإضافة إلى وجود برامج خاصة بتصفية نتائج البحث على الإنترنت، وحجب كل ما لا يرغب فيه أولياء الأمور”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة