18 نوفمبر، 2024 4:38 ص
Search
Close this search box.

نازحو تلعفر يد على الزناد ويد لخدمة زوار الاربعينية..

نازحو تلعفر يد على الزناد ويد لخدمة زوار الاربعينية..

على خلاف الأعوام الماضية لم يضطر عشاق الحسين ع من مشاية تلعفر لقطع مئات الكيلو مترات سيرا على الأقدام للوصول الى كربلاء في مثل هذه الأيام !
وانما الظروف وضعتهم في قلب الزيارة الأربعينية حيث يعشقون وكأن القدر قد اختار لهم هذه المقاربة بينهم وبين من يحبون ويعشقون ويذوبون في خدمة زوار الحسين حين كانوا يبتهلون الى الله سبحانه وتعالى :
– يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ..
في حين كانت الزيارة في الاعوام الماضية تختلف كليا عن زيارة هذه السنة للأهمية الايمانية والعقيدية والاجتماعية لممارسة طقوس الاربعينية في توجه الملايين نحو الامام الحسين عليه السلام ليس عند التلعفريين فحسب وانما عند المسلمين وغير المسلمين في العراق ناهيك عن اهتمام مسلمي العالم .
التلعفريون في هذا العام يمرون في حالة خاصة وحرجة في ظل واقع امني مرير اذ يشهد سيطرة تنظيم ” داعش ” على محافظاتهم ومدنهم وقراهم اضافة الى مناطق العراق الغربية والذي تمركز بشكل خاص في قضاء تلعفر وسنجار وربيعة وزمار وغيرها من المناطق التابعة لها .
ولم يصدر اي عمل عدواني من عشاق الحسين في تلعفر والمدن التي يقطن فيها الشيعة في سهل نينوى واطراف الموصل من الشبك والتركمان على الرغم من تنوع المجتمع الموصلي من عدة قوميات تمثل مذاهب وطوائف مختلفة ” شيعة وسنة وكرد ومسيحين و شبك وأيزيديين ” يسودهم التفاهم والمحبة والانسجام التام منذ عدة قرون وحتى يومنا هذا إذ تمارس كل طائفة شعائرها وطقوسها حسب طريقتها الذي توارثت عليه من الأجداد منذ الاف السنين .
وكان شيعة تلعفر الذين يشكلون نسبة 60% من سكان القضاء قد دأبوا على ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية باعتدال وامان وسلام بدون التجاوز على هذا او ذاك .
 وعلى الرغم من بذل الدماء النازفة ودفع مئات القرابين والدمار وحرق الزرع والضرع بواسطة الاحزمة والسيارات المفخخة كفاتورة حتمية ثمنا لحب الحسين وعشق آل البيت (ع) منذ سقوط نظام الطاغية الذي لم يقصر طيلة ثلاثة عقود  في حق هذه المدينة من اهمال وتهميش ليستمر اعوانه وازلامه من فدائيي صدام  من تكملة مشوار قتل هذه المدينة التركمانية البطلة بكل اشكال الدمار بعد سقوطه .
 
 تشكل زيارة الاربعين بالنسبة لهم سر وجودهم فهم يقطعون كل سنة الالاف الاميال لأداء الزيارة المقدسة مع اخوانهم من باقي المحافظات إذ يتوجه قسم منهم الى أبعد نقطة في العراق في البصرة الفيحاء للتوجه منها سيراً على الاقدام للأمام الحسين عليه السلام ، وقسم الى النجف الاشرف وهكذا دواليك .
بعد سيطرة داعش على القضاء ونهبهم وسلبهم للممتلكات وخطفهم الابرياء والقتل على الهوية نزح سكان المدينة بمسيرة ماراثونية باتجاه مدن ومحافظات العراق المختلفة ولكن الغالبية العظمى منهم استقروا بالوسط والجنوب وبالتحديد في الحسينيات الممتدة على طول الطريق الرابط بين النجف الاشرف وكربلاء المقدسة فأصبحوا بحال يرثى لها بعد أن كانوا آمنين في ديارهم  مخلفين ورائهم اموالاً واملاكاً وحلالا بشكل لا يتصوره العقل ولا يدخل بالحسبان .
ومع اقتراب موعد الزيارة الاربعينية أمسى هؤلاء النازحون في حيرة من امرهم بعد أن ازدادت الضغوط عليهم امام ضرورة اخلائهم للحسينيات لغرض استقبال الزوار القادمين من كل حدب وصوب ولكن بفضل بركات الامام الحسين عليه السلام الذي ألهم هؤلاء النازحون لتسخير انفسهم وقدراتهم البسيطة لخدمة زواره ، على الرغم من قلة امكانياتهم المادية الا انهم لم يترددوا لحظة بتقديم الخدمات لزوار ابي عبدالله الحسين (ع) كل حسب طاقته فتوزعوا بين اللجان والمواكب الخدمية إذ أخذ منتسبو القوات الامنية التلعفريون مع الحشد الشعبي لحماية المدينة ضمن تشكيلات قوات الفرات الأوسط من الجهات الحدودية لمواجهة  أي خطر محتمل من الجماعات الارهابية والتكفيرية فيما انخرطت النسوة في الخدمة ايضا بالرغم من صعوبة حالهن من الثكالى والأرامل اللاتي فقدن ازواجهن أو فلذات اكبادهن يساعدن بالطبخ بالمواكب فيما الشباب اقدموا على العمل والتطوع وتقديم  كل ما يملكون من قدرة في تنظيم المواكب وتجهيزها بكل ما تحتاج جنباُ الى جنب مع أصحابهم أما الأطباء ومعاونيهم أخذوا على عاتقهم الدوام بالمفارز الطبية المنتشرة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة وغيرها من الخدمات الضرورية بهذه المناسبة العظيمة .    
الأمر الذي أثار اعجاب الزوار الآخرين من بعض الزوار العراقيين وحتى المغتربين وغيرهم من الجنسيات المختلفة الذين ابدوا اعجابهم العميق لما لمسوه  من الروحية العالية لهؤلاء النازحين الذين يقدمون جميع انواع الخدمات للزوار من جهة ويعلنون اصرارهم لتحرير مناطقهم من ايدي عصابات داعش الارهابية على الرغم من وضعهم الصعب وكأنهم ذائبون في حب الحسين ومنصهرين في خدمة وكيف يكون النصر بشكل عملي وكأنهم في كلية الحسين الجامعة استعدادا  لمعركة التحرير القادمة  زوار الحسين رغم كل الذي حل بهم من مآسي وويلات ولكن هيهات منا الذلة .
التلعفريون في اربعينية هذا العام انما يتعلمون دروسا في الشجاعة والصبر والصمود والثبات ليقولوا للعالم بأن احفاد ثورة العشرين قادمون لتحرير نينوى وتلعفر في القريب العاجل وخاصة بعد استكمال لوائين من القوات المسلحة والداخلية من ابناء تلعفر على تدريب قتال المدن العنيف لاسترجاع ديارهم واراضيهم  العزيزة ومنه النصر .

أحدث المقالات