عندما تنبري قناة فضائية للدفاع عن العراقيين و مصالحهم العامة , يصبح من حق العراقيين عليها طرح بعض الملاحظات على أدائها بين الحين و الآخر , قناة ” البغدادية ” أصبحت القناة رقم ( 1 ) عند الشعب العراقي مواطنين و مسؤولين أيضا و خاصة برنامجها الشهير ” ستوديو التاسعة ” , الذي يقدمه السيد انور الحمداني , هذا البرنامج الذي يشاهده ملايين العراقيين يوميا و ينتظرون ميعاده بلهفة كونه ” يسلط الضوء ” على جرائم و خطايا من حكموا العراق بعد الاحتلال . هذه القناة هي الوحيدة , من بين عشرات القنوات الفضائية العراقية , التي تسمي الأشياء بأسمائها و تضع النقاط على الحروف عند تداولها مشاكل البلد و خاصة ملفات الفساد المالي , و لعبت دورا مهما في إضعاف فرصة المالكي في الحصول على الولاية الثالثة , و البث من القاهرة كان عاملا قويا من عوامل النجاح إن لم يكن هو الأقوى و السبب واضح , الإعلام الفاشل تبتعد عنه الناس و يلفه النسيان و الإعلام الناجح يستقطب الأضواء و تلاحقه العيون و الآذان , و هذا النجاح بدوره يرتب مسؤولية إضافية على هذا الإعلام كي لا يتراجع بل يستمر في هذا النجاح و يبقى متربعا على القمة , و بعد هذه المقدمة البسيطة أرجو أن تتقبل ” البغدادية ” بضعة ملاحظات مصدرها الحرص على ديمومة نجاحها لما فيه الخير للجميع :
عندما يقوم مسؤول كبير في الدولة بإصدار قرارات نافذة تؤدي إلى ضياع وطن و تدمير شعب و على مدى سنين عديدة , قرار يتبع قرار , و عندما يزول ولي نعمته ينزع جلده و يعقد مؤتمر صحفي يحاول أن يظهر من خلاله بأنه المدافع الأول عن أموال العراقيين قائلا ( لقد تحرك القضاء ) … الله أكبر … الله أكبر … صلوات على النبي … صلوات على النبي ….. كاشفا عن سرقة مبلغ تافه لا يمثل سوى نقطة في بحر مقارنة بسرقة معظم ال 750 مليار دولار في الزمن الأسود للمالكي , هذا ما فعله القاضي مدحت المحمود في محاولة رخيصة لاستغفال العراقيين ! لماذا لم يتحرك القضاء الذي كان تحت إشرافك طوال ثمان سنوات و أنت تعرف جيدا كل ما يجري في البلد ؟ و ما حكاية هذا المؤتمر الصحفي ؟ إذ لم يشاهدك العراقيون يوما تعقد مؤتمرا صحفيا , مؤكد إن هذه ليست صحوة ضمير , بل هي محاولة فاشلة لركوب موجة التغيير الحاصلة الآن ( و ستحاول الكثير من الرؤوس الكبيرة ركوب هذه الموجة قبل فوات الأوان ) , إذ أين كان هذا الضمير طيلة سنوات عديدة ؟ ديناصور القضاء هذا يقف وراء كل الفواجع و المصائب التي دخلت بيوت العراقيين بكافة مذاهبهم و قومياتهم , و كان بإمكانه أن يفعل الكثير لإيقاف نزف الدم و المال , لكنه لم يفعل سوى العكس , ولو لم يتحرك المالكي مرغما عن كرسيه لما تحرك هذا القضاء راكبا الموجة , و لبقي على حاله يدار هاتفيا من قبل المالكي , إتهم فلان و برأ فلان و إحبس فلان و إطلق سراح علان , و القرارات التي أصدرها هذا الديناصور بالضد من مصلحة الشعب كثيرة , و لعل أبرزها و أخطرها هو القرار الفضيحة بعد انتخابات 2010 و الذي جعل اياد علاوي الفائز خاسرا و الخاسر نوري المالكي فائزا , هذا القرار الذي من نتائجه و تبعاته ما يمر به العراق الآن حيث ضياع ثلث الوطن و مئات الألاف من الشهداء و ملايين المهجرين عدا الأبرياء القابعين في السجون زائدا ميزانية خاوية .
و العتاب على البغدادية , عتاب دافعه المحبة طبعا , إنها لم تسلط الضوء على سكوت هذا القاضي عن استهتار المالكي الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم , بل كان أداة المالكي في ( التأطير القانوني ) لما كان يصدره المالكي من قرارات ظالمة لا يتسع المجال لسرد تفاصيلها لكثرتها و يعرفها العراقيون جيدا , البغدادية أظهرت المؤتمر الصحفي للقاضي مدحت المحمود أكثر من مرة و لعدة أيام مما أدى إلى تقديم رسالة خاطئة للمشاهد توحي بان هذا القاضي يريد محاربة الفساد , و كان يمكن عرض المؤتمر الصحفي مرة واحدة فقط من باب إرسال معلومة أو خبر للمشاهد بدلا من التكرار الذي يرسخ المضمون و هو مضمون كاذب و مخادع لأن مدحت المحمود آخر من يحق له الكلام عن مصالح العراقيين .
هذه هي الملاحظة الودية الأولى لقناتنا المفضلة ” البغدادية ” , و ربما ستتبعها ملاحظات ودية اخرى قادمة في أيام قادمة … و أجمل تحية لرجال و نساء القناة الشجعان .