ثورة الحسين (ع) ثورة واقعية حدثت في التاريخ الاسلامي وكل احداثها دونت من قبل المؤرخين وبقيت الى يومنا هذا بشكل واضح وجلي ، وكل محقق إذا اراد ان يحقق في الثورة الحسينية لايواجه اية صعوبة وعقبة ، ومن الطبيعي ان شعائرها واقعية ملموسة ايضا بعيدة كل البعد عن الخيال والتلاعب والتزوير ، وان لصقت اية شعيرة لاتمت لثورة الحسين (ع) والدين الاسلامي الحنيف اية صلة تظهر بشكل سريع وواضح وبعملية حسابية بسيطة وذلك بمقارنتها مع القران الكريم والسنة النبوية واعمال واحاديث الائمة الاطهار(ع) ، لذا يجب على المعنيين والمحققين الاسلاميين وخاصة الشباب منهم غربلة هذه الشعائر العزيزة وفصل الصحيح والتاكيد عليها وابعاد المشوه والمغلوط والنهي عنها ، قد تظهر فيما بين هذه الشعائر الحسينية عادات وتقاليد ، وتمثّل موروثاً بشريّاً ، فمن المعروف أنّ العادات والتقاليد قد تتغيّر أو تُلغى بحسب ما يمليه التطوّر البشري ; لأنّ العادات والتقاليد تتأثّر بالبيئة وبالحضارات الأُخرى ، نعم هناك من الذين يطرحون هذه الإشكالات على بعض الشعائر الحسينية ، ويربطونها ببعض الطقوس التي كانت تمارسها الأُمم الأُخرى والحضارات الدينية والحضارات التي لا ترتبط بدين معيّن . وآخرون يرون أنّ بعض الشعائر الحسينية ماهي إلا مجموعات أُسطورية ترسمها وتشكّلها وتنتجها وتخلقها المخيّلة الإنسانية المثاليّة أو النزعة في الإنسان التي تنزع لحب البطل المثالي أو الشخصيّة النموذجية المثاليّة التي تجذب الجمهور إليها ، ومن يكون بطلا اسطوريا اولى من الامام الحسين واخيه العباس (عليما السلام ) وهما ابن اسطورة الاسلام الخالد البطل علي بن ابي طالب (ع) ، وهم عندما يطرحون هذا الإشكال لا يطرحونه باعتباره أمراً سلبياً محضاً ، وإنّما يطرحونه باعتباره يحمل بعض الإيجابيات التي يتربّى من خلالها الجمهور الذي يستفيد من سلوكيات هذه الشخصية المثاليّة الأُسطورية ، ويتعلّم منها النبل والشجاعة والإيثار، كما قد يغالي البعض من اتباع اهل البيت (ع) في الشعائر الحسينية ، يغالي الاخرون ايضا في تفسير هذه المغالات ويصل الامر ، ان البعض يفسر ويحلل هذه الشعائر ضمن مدارس علم النفس الحديث ويدخلنا في سجالات غريبة نوعا ما ومغال وذلك عندما ينتقد ظواهر الحزن والبكاء واللطم وبقية المظاهر في الشعائر الحسينية ، حيث يقولون: أنّ هذه الشعائر ظاهرة سلبية على المستوى الفكري والنفسي والاجتماعي ; لأنّها تكبت المجتمع وتسبّب العُقَد النفسيّة وتشلّ حيوية ونشاط النفس وتقتل روح الأمل وتشيع حالة اليأس والقنوط والإحباط في المجتمع ، ولها آثار سلبية على مستوى الروح العقل ، أليس عجيبا نوعا ما يا ابنائي هذا التفسير …؟؟؟!!!!
وقد يذهب المحبون والعاشقون لاهل البيت (ع) والمغالون نوعا ما ايضا لتفسير هذه الشعائر تفسيرا روحيا اكبر من هذا التفسير السلبي لشعائر الحسين بل يربطون هذه الطقوس الى عمق المأساة ويعتبرونه نوع من العقوبة التي يوقعها الإنسان على نفسه ـ على نحو التكفير عن الذنب ـ لأنّ أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) يشعرون بالتقصير في نصرة الحسين(عليه السلام) وتخاذلهم في الوقوف معه ، ولذلك فهم يوقعون بأنفسهم العقوبات البدنيّة والنفسيّة المتمثّلة في إحياء الشعائر الحسينية ، ويستشهدون بثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ، نعم حتى البعض من شباب المذهب الذين عاشوا في اوربا وامريكا ويدّعون انهم يملكون افكارا نيرة ومتجددة يؤكدون أنّ هذه الشعائر لا تواكب الزمان ولا تناسب العصر ، ولماذا لا يتم تجديد الطقوس ونبذ الأساليب القديمة ودفنها في مقابر التاريخ؟! وتبني الحداثة والتجديد في التعامل مع ثورة الحسين وشعائرها وفق اسس الحداثة والعولمة ، ونقول ياابنائي الحداثة والتجديد سنة لا بد منه ولكن من لا اصل له لا فصل له والحفاظ على الموروث كالحفاظ على المخزون وعرض المخزون بشكل حضاري وحداثوي مطلوب بل مفروض ونحن معكم في الحداثة والتجديد بهذا المقدار لا اكثر .
كل ما قيل واثير عن الشعائر الحسينية سواء من الاصدقاء ومغاليهم او من الاعداء ومغاليهم علينا مقارنة كل شعيرة من شعائر الحسين (ع) صغيرة كانت ام كبيرة ، مؤكدة كانت او متواترة ، قوي السند كان ام ضعيف السند ، مقارنته مع تعاليم الاسلام ،( فحلال محمد (ص) حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة ) ، وما بينهما منطقة فراغ يمكن ان يجتهد المجتهدون ، وحسب المصلحة الاسلامية العليا ، وأن العلماء الاعلام والمجتهدين العظام من المذهب يتابعون هذه الشعائر ليل نهار ، وهم يأمرون بالجيد الحسن المعقول وينهون عن السيئ القبيح المنبوذ وواجبنا نشر رسالة الاسلام وتعاليمه ونشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ، ومعارف الإسلام وأهل البيت(عليهم السلام) ، وفق هذه الرؤية فقط ستبقى شعائر الحسين في امن وسلام .