خلال استضافة قناة الفضائية البغدادية، (لرئيس) الكتلة البرلمانية للتحالف المدني الديمقراطي، السيد مثال الالوسي، في برنامج ستوديو التاسعة الذي يقدمه الاعلامي أنور الحمداني مساء الخميس المصادف 4/ 1 / 2014. تحدث السيد الالوسي عن الفساد والمفسدين والفاشلين الذين اوصلوا البلاد الى ما نحن عليه من ضياع لللانفس والارض والاموال، وكان مصيبا في تلك الطروحات ، الا ان العبارات التي اطلقها على بعض السياسين، بعيد عن الخطاب السياسي للديمقراطيين الحقيقيين، الذين يبتعدون في خطابهم عن العبارات الجارحة، بحق أي كان، بل يأتون بالحجج والوثائق الدامغة التي تدين هؤلاء بالفشل والفساد كما تفعل البغدادية.
لكن الذي أنا بصدده، هو ما تفوه به الالوسي في نهاية البرنامج، بترحمه على نوري السعيد ووصفه لحكومات العهد الملكي السعيدي البائد نعم البائد، بأنه كان نظاما (برلمانيا دستوريا)، لكوني وعائلتي من ضحايا ذلك النظام الدكتاتوري الرجعي البائد، حيث اعتقلت في حزيران عام 1955 وتعرضت الى الضرب والاهانة على يد جلاوزة نوري السعيد، ولم اكن ابلغ من العمر آنذاك اكثر من خمسة عشر عاما، كما تعرض للسجن والابعاد لمدد طويلة أخي الاكبر ونسيبي. كل تلك المارسات التي تنتهك حقوق الانسان حدثت من قبل النظام الملكي السعيدي البائد، لكوننا كنا مناضلين في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، أقول للسيد الالوسي وغيره من مزوري التاريخ الذين يحاولون حجب حقيقة ذلك النظام بالغربال، عن عقول الاجيال الجديدة التي لم تعش تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق السياسي، عبر الادعاء بأنه كان نظاما برلمانيا دستوريا.
ان العبارات الانفة الذكر التي جاءت على لسانه، انها لعمري اكبر اهانة للحزب الشيوعي العراقي (حليف!) الالوسي في التحالف المدني الديمقراطي ولتاريخ نضاله المجيد وتضحياته الجسام ولكافة القوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية (لا ديمقراطيي هذا الزمان) من الحزب الوطني الديمقرطي والديمقراطيين المستقلين وغيرهم ممن عانوا الامرين ابان النظام السعيدي المقبور.
ولا اريد أن اطيل في مداخلتي هذه على القراء الكرام، سوف اكتفي بذكر بعض المحطات التاريخية المهمة التي تثبت القمع الوحشي وانتهاكات حقوق الانسان في العهد الملكي السعيدي البائد.
ان اركان ذلك النظام مسؤولون عن قمع انتفاضة فلاحي سوق الشيوخ وقتل عدد من الفلاحين المطالبين بحقوقهم المشروعة ذلك عام 1935 وان ذلك النظام مسؤول عن قمع الحركة القومية التحررية للشعب الكردي بقيادة الطيب الذكر مصطفى البرزاني، واعدام اربعة من الضباط المشاركين في تلك الحركة، وهم الشهيد النقيب مصطفي خوشناو ورفاقه الثلاثة، وهو مسؤول عن تشريد مئات العوائل البرزانية الذين هربوا مشيا على الاقدام الى الاتحاد السوفيتي تعرضوا خلاله الى هجمات ثلاثة جيوش من دول متحالفة وهي جيش نوري السعيد وجيش الشاه المقبور والجيش الطوراني التركي، وذلك النظام مسؤول على دماء عمال النفط االتي اريقت على ثرى كاورباغي في كركوك عندما وقفت شرطة النظام الملكي السعيدي الى جانب شركة نفط الشمال الانكليزية وقمعت الاضراب السلمي الذي قام به عمال الشركة مطالبين بحقوقهم المشروعة، وان النظام الملكي السعيدي مسؤول عن قمع وثبة الشعب العراقي في كانون الثاني عام 1948 والذي استشهد خلاله عدد من الشباب المشاركين في التظاهرات السلمية وفي مقدمتهم الشاب الشهيد جعفر الجواهري شقيق شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري، وغيره من الشباب، وان نوري السعيد وعبدالاله مسؤولين عن اعدام الضباط الاربعة، العقيد صلاح الدين الصباغ وزملائه في عام 1945 عندما اصرا على اعدامهم امتثالا لطلب اسيادهم الانكليز لمشاركتهم في حركة مايس الذي حدثت ضد الاستعمار البريطاني.
ان نوري السعيد مسؤول عن اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي الاماجد، فهد، حازم، صارم، عندما اوعز باعادة محاكمتهم حين تم تشكيل حكومته نهاية عام 1948 وقد تمت محاكمتهم امام المجلس العرفي العسكري، بالرغم من انهم كانوا محكومين على نفس التهمة امام المحكمة الكبرى، واجريت تلك المحاكمة الصورية الجائرة بدون السماح لمحامين للدفاع عنهم ولم تستغرق المحاكمة الا دقائق معدودة وتم تنفيذ الحكم عليهم بداية عام 1949 وعلقوا على اعواد المشانق في ساحات بغداد، ان النظام الملكي السعيدي مسؤول عن قمع انتفاضة تشرين عام 1952 واعلان الاحكام العرفية وانزال الجيش في الشارع واعتقال المئات من الشباب وقادة الحركة الوطنية، منهم الزعيم الوطني الديمقراطي المرحوم كامل الجادرجي والشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري كذلك قادة الحزب الشيوعي آنذاك، بهاء الدين نوري ورفاقة الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد من قبل المحكمة العرفية
العسكرية برئاسة العقيد عبد الله النعساني، هل يريد السيد الالوسي المدافع عن ذلك النظام القمعي المزيد فأليه ذلك، اقترف النظام الملكي السعيدي جريمة كبرى في عام 1953 عندما فتحت شرطته وسجانيه النار على السجناء السياسيين العزل في سجني بغداد والكوت، واستشهد اكثر من عشرين سجينا وذنبهم الوحيد هو مطالبتهم بحقوقهم المشروعة كسجناء سياسيين، واليكم مثال آخر على دستورية وديمقراطية ذلك النظام، عندما جرت الانتخابات النيابية عام 1954 وفاز فيها 11 نائبا عن الجبهة الوطنية من مجموع عدد نواب المجلس البالغ 136 مقعدا، اصر نوري السعيد على حل المجلس عند تكليفه من قبل الملك بتشكيل وزارته الجديدة، ولم يكن قد مضى على انتخابه سوى اسابيع قليلة، واجريت انتخابات جديدة تحت ظل الحراب، قاطعتها معظم القوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية (الحزب الوطني الديمقراطي) والقوى القومية (حزب الاستقلال) فاز فيها اكثر من 90% من النواب بالتزكية وكان معظم الفائزين من الاقطاعيين الاميين واطلق الشعب العراقي على ذلك المجلس (مجلس الموافج)، ثم قام السعيد في نفس العام بحل الاحزاب السياسية المجازة واغلق كافة الصحف الوطنية، وشن حملة فصل من الوظائف والكليات والمدارس شملت عددا كبيرا من اساتذة الكليات ومن المربين والموظفين والطلاب وجريرتهم الوحيدة انهم معارضين ديمقراطيين مسالمين، ولم يكتف بهذا الامر بل تعداه الى سوق هؤلاء النخبة المثقفة الى معسكر السعدية ليخدموا كجنود اعتياديين والشيء المضحك ان تهمتهم كانت انهم متشردين بعد فصلهم من وظائفهم!! وكان من ضمن تلك النخبة على سبيل المثال لا الحصر، الدكاترة الراحلين، ابراهيم كبة وفيصل السامر وصفاء الحافظ وصلاح خالص، والاستاذ نصير الجادرجي والمربي الكبير نجيب محي الدين والشاعر الكبير مظفر النواب والفنان الكبير يوسف العاني والعشرات من غير هؤلاء المناضلين، في عام 1956 أبان العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر بعد تأميم قناة السويس، اندلعت مظاهرات سلمية اشترك فيها مئات الطلبة ومواطنين آخرين، اثر ذلك اعلن نوري السعيد الاحكام العرفية وقام بقمع تلك التظاهرات بالنار والحديد واستشهد في خلالها عدد من المواطنين، من ضمنهم
الكادر الشيوعي عواد الصفار والطالب الشاب ناجي نعمة السماوي وغيرهما، كما استشهد في مدينة النجف عدد من الشباب وتم اعدام المناضلين الشيوعين علي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس في مدينة الحي، وقد قامت حكومة نوري السعيد باعتقال الشخصية الديمقراطية البارزة المرحوم كامل الجادرجي بعد عودته من مصر واحيل على المجلس العرفي العسكري وحكم علية بالسجن لمدة ثلاثة اعوام وجريرته الوحيدة هو أنه ارسل رسالة الى الملك يستنكر فيها موقف حكومة السعيد من العدوان الثلاثي على مصر وقيام الطائرات البريطانية بالعدوان على مصر انطلاقا من مطار الحبانية الذي كان آنذك تحت سيطرة القوات البريطانية، وزج بمئات المواطنين في السجون والمعتقلات، كانت السنوات الاربعة الاخيرة من نظام نوري السعيد، اعواما مظلمة، فلا احزاب ولا صحافة حرة ولا نقابات مهنية وعمالية ولا مجلس نيابي حقيقي، والسجون والمعتقلات كانت مملوءة بمئات المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية.
هذا كيل من سيل يا نائب الشعب مثال الالوسي وهناك الكثير الكثير من الامثلة لا يتسع المجال لتدوينها بل تحتاج الى مجلدات من الكتب لتدوين انتهاكات حقوق الانسان في ظل النظام الملكي السعيدي.
ان مثال الالوسي وجه اهانة كبيرة فيما تفوه به، للتاريخ النضالي للقوى الوطنية والديمقراطية كما انه اساء اساءة بالغة لذكرى شهداء الحركة الوطنية واليسارية العراقية الذين سقطوا في سوح النضال ضد الاستعمار وعملائه واعوانه، واساء الى ثورة 14تموز المجيدة ومنجزاتها الكبيرة واساء الى قائدها، رمز الوطنية والنزاهة الشهيد عبد الكريم قاسم.
أخيرا اتوجه الى رفاقي واخواني في قيادة التحالف المدني الديمقراطي اصالة عن نفسي ونيابة عن عائلتي وجيراني واصدقائي ومعارفي الذي دفعتهم للتصويت لقائمة التحالف واوفوا بوعدهم، اطالبهم باعادة النظر بتشكيلة التحالف على ان يقتصر على القوى الديمقراطية الحقيقية وعدم فتح ابواب التحالف لمن هب ودب، والانفتاح
على جماهير الشعب الساخطة على سياسات القوى المتنفذة الموغلة في الفساد والفشل والمحاصصاتية، بدلا من ضم جهات ليس لها علاقة بالديمقراطيين الحقيقيين بل ان خطاباتهم تبتعد كثيرا عن حصافة ولياقة القوى الديمقراطية والغرض منها دغدغة مشاعر الجماهير البسيطة، كما اطالب النائب السيدة شروق العبايجي بان تصدر بيان استنكار لتصريحات مثال الالوسي لان تلك التصريحات فيها اساءة الى التاريخ النضالي لعائلتها حيث تعرض والدها الشخصية الديمقراطية المرحوم توفيق العبايجي وعمتاها ناهدة وانعام الى الاعتقال والملاحقة من قبل جلاوزة من يدافع عنهم مثال الالوسي، وتعلن انها الوحيدة ممثلة للتحالف المدني الديمقراطي في البرلمان.