الشفافية ، مصطلح متداول بكثرة قولا وفعلا في القاموس السياسي الغربي ، ويُعد مقياسا لديمقراطية تلك البلدان ، ويعني ان كل الطبخات السياسية ، تمر أمام مرأى ومسمع الرأي العام ، بمعنى أن لا توجد كواليس تجري خلفها الأحداث ، وما مبنى المستشارية الألمانية الزجاجي ، الا تجسيد رمزي وفعلي للشفافية .
دخلت كلمة (الشفافية) كمَعْلم من معالم العراق الجديد مع سياسيي الصدفة ، ويا ليتها لم تدخل ، اذ ازدادت أجواءنا عتمة وظلاما وغموضا ، وبفضلها اسدل ستار ثقيل ، ثقل دم السياسيين الذين لعبوا بالبلد ، بيننا وبين صفقات جهنمية لهؤلاء القوم .
واذا كانت الشفافية الأوربية ، لا يعبر أمامها دولار واحد ، دون معرفة وجهته ، ولا تَصرّف واحد لسياسي دون مسائلة ، فالشفافية لدينا لا تعدو غير رماد يُذر في العيون لأعمائها عن جبال من الأموال المنهوبة ، وعن مشاهد دموية سوريالية ، عن طبخات تفوح منها رائحة الفساد والخيانة ، الشفافية لدينا نافذة مشوّهة لا نميز من خلالها بين الفيل والبعوضة ، والسياسي المتشدق بها ، يضحك علينا في قرارة نفسه !.
منذ شهور ، تتحدث ألسنة الحكومة الناطقة عن تحرير بيجي ولا تزال ، وتتسرب انباء من هنا وهناك ، عن معارك لا تزال جارية ، وجثامين الشهداء اليومية من هناك لا تزال متواترة ، ولا ندري ، هل تحررت أم لا ؟! ، لم يظهر ناطق حكومي واحد يشفي فضولنا عن ملابسات الطائرة الروسية التي تحمل اسلحة ، بأيصالات سكائر في مطار بغداد ! ، هل طائرات (السوخوي) ، عراقية كانت محتجزة لدى (أيران) ثم أفرجت عنها ، أم مشتراة من (روسيا) ، هل تبرعت بها أيران ، أم ماذا ؟ ، وبأي مقابل ؟ .
حدث بمستوى سقوط (الموصل) ، كان الأجدر به أن يُطيح برؤوس القيادة العسكرية وأركانها بأعلى المستويات ، ونُفاجأ بتلك القيادات التي ارتضت بالعار تلو العار وهي تدلي التصريحات المتضاربة ، وكل يرمي التهمة على غيره ، الأولى بهم أن ينتحروا لو كانت لديهم ذرة من الرجولة ومبادئ الجندية .
أين وصلت التحقيقات الخاصة بفساد صفقة الأسلحة الروسية ؟ لا أحد يعرف ! ، كيف السبيل لغسل عار (سبايكر) الذي لا يحتمل التأجيل ولا التأويل ؟ .
ابتدأ السيد (العبادي) ، بحملات مباركة لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد ، منها طرد (جنرالات الفشل) المسؤولين عن تدنيس سمعة الجيش ، لكننا تفاجئنا أنهم يمارسون نشاطهم المعتاد من على شاشات الفضائيات !..
مبروك لكم أيها العراقيون بالشفافية الملطخة بالدم حتى صار النظر من خلالها متعذرا ، الا لعنة الله على الشفافية ، وسنين الشفافية ، ومن أدخلها في قاموسنا .