20 سبتمبر، 2024 7:28 ص
Search
Close this search box.

عشائر تلعفر والعد العكسي لتحريرها من داعش

عشائر تلعفر والعد العكسي لتحريرها من داعش

لم يكن سقوط مدينتا الموصل وتلعفر وباقي المناطق العراقية  بيد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ” داعش ” وليد الساعة وانما جاء نتيجة لعمل مخطط ومبرمج عملت عليه دوائر مخابراتية لدول كبيرة واقليمية عديدة بالتنسيق مع جهات واحزاب  في الداخل العراقي منذ سنوات طويلة لغرض تهيئة الظروف المناسبة  لإدخال مولود  مخابراتي – ارهابي مركب هجين من شأنه أن يتناغم مع جزء من المجتمع العراقي وينعم بترحيب وغطاء  طبقة من السياسيين البراغماتيين .. ولسنا هنا بصدد تعريف داعش وشرح منهجهم واهدافهم لان ممارساتهم على ارض الواقع واخبارهم امست واضحة ملموسة للقاصي والداني والصغير والكبير والمثقف  وغير المثقف ذلك لان نشاطاتهم الاجرامية وصلت حدا لا تطاق ولا يتصورها عاقل او متزن  في سلوك وحشي غريب حملت حتى المتعاطفين معهم للتبرء منهم ومن جرائمهم التي لا تفرق بين هذا أو ذاك اوبين هذه الطائفة أو تلك .
مجتمع تلعفر وعشائرها نالوا الكثير من ارهاب داعش قبل وبعد دخولهم الى العراق اذ انهم  شبعوا من الهجمات الارهابية التي شنت عليهم من قبل سلفهم تنظيم القاعدة على مدى عشر سنوات ونيف ، الذي أجرم بشكل غير مسبوق ، وجاء داعش ليكمل صفحات القاعدة  بخطط محدثة ومنظمة تدل على دعم دولي وإقليمي كبير .
 على الرغم من استبسال ابنائها وعشائرها الشريفة ومقاومتها الباسلة امام قوات داعش  القادمة من الحدود السورية  المفتوحة ، فقد استطاعت داعش احتلال تلعفر المكشوفة الظهر (الواقعة في ابعد واضعف نقطة من الناحية العسكرية واللوجستية بالنسبة للقوات العراقية ) في وقت كانت العلاقة فيه بين اقليم كردستان وداعش تمر في شهر عسل ، على عكس العلاقة مع الحكومة المركزية  التي كانت بأسوأ حالاتها !
دخل التنظيم الى المدينة بتواطؤ وتعاون بعض النفوس الضعيفة ونتيجة تخاذل بعض العناصر المتخاذلة فاتبع منهج تفجير الحسينيات والمساجد والمزارات المقدسة عند الشيعة مما أوحى للطائفة المذكورة باستهدافهم المباشر مما اضطرهم للنزوح من مناطقهم التي عاشوا بها منذ الأزل الى المناطق القريبة ومنها قضاء سنجار ذات الخليط المتجانس من التركمان والعرب والكرد والايزيديين .
لم يكتف داعش بالتفجيرات وقتل المدنيين العزل فحسب بل تعدى ذلك الى اختطاف  النساء والأطفال بعد قتل رجالهم وشبابهم ، ناهيك عن اعمال النهب وسلب اموال واملاك الناس وحرق المكتبات الشخصية والعامة التي تؤرخ تراث المدينة وتأريخها بعد تهجيرهم .
ولم تسلم الطائفة الاخرى من ابناء السنة من نيران داعش وجرائمهم على عكس تصورات  البعض  ، بعد أن  فرضوا شروطاً واحكاماً قاسية على أبناء هذا المكون من تقاليد وازياء غريبة وفرض جهاد النكاح والجزية والضرائب واجبارهم على  توفير السكن لهم لأنشاء دولتهم الاسلامية المنشودة الممتدة من سوريا الى العراق على الطريق الرابط بين حلب والموصل عبر امتداد ربيعة .
مع مرور الأيام ادركت بعض العشائر السنية في تلعفر خطورة الواقع الظلامي الجديد الذي ينتظرهم بالقادم من الايام خاصة بعد قيام عناصر التنظيم الطلب من الاسر التلعفرية  العريقة التبرع ببناتها لغرض جهاد النكاح لعناصرها المرتزقة من الاجانب الافغان والسعوديين وغيرهم الذين قدموا الى المدينة من كل حدب وصوب !
رغم قساوة وبطش داعش الذي ادخل الرعب والخوف في قلوب التلعفريين الا أن بعض العشائر الأصيلة في تلعفر بدأت تتململ وترفض هذه التصرفات الهجينة على سبيل المثال لا الحصر قيام عشيرة العباسيين برفض طلبهم ورفض تصرفاتهم في لحظة تاريخية تسجل لهم ، بعد أن كان التنظيم قد الزمهم بأحد الأمرين اما التهجير وترك منازلهم واملاكهم أو التبرع بنسائهم خدمة لدولتهم الاسلامية المزعومة ولأن هذه العشيرة  ذات أصول وتاريخ لا ترضى بالذل والسبي لفلذات أكبادهم فقد أختار قسماً منهم النزوح الى اطراف تلعفر وبالتحديد الى منطقة سنجار إذ بلغ عدد الأسر النازحة منهم اكثر من ستين أسرة فيما قبلت فئة قليلة منهم للخضوع والخنوع والاندماج مع افكار التنظيم وشاركوا معهم بحربهم ضد القوات الامنية بعد أن تبين زيف وادعاءات داعش وبطلان هدفهم واستخدامهم كدروع بشرية وممارسات يندى لها الجبين .
عشيرة العباسيين الاصيلة التي اعلنت تمردها على داعش كانت الاولى التي أعلنت معارضتها لداعش وموالاتها للوطن ولم تكن الأخيرة وانما كانت محفزة للأسر والعشائر السنية الاخرى  لاتخاذ الموقف التاريخي المشرف من تصرفات داعش .
في الوقت الذي يشهد فيه هروب امراء داعش من الأجانب نحو الأراضي السورية وبالأخص بعد انتصارات الجيش العراق والحشد الشعبي بتحرير آمرلي وجرف الصخر وبيجي والسعدية وجلولاء ، وتزحف نحو محافظة الموصل  ، لتحرير كامل الأراضي العراقية المستباحة من قبل داعش .
تعيش العشائر السنية الاصيلة  في تلعفر اليوم مخاضا لمقاومة داعش وتحركا شعبيا ملموسا مع ارتفاع الصيحات وتشكيل  المجاميع الوطنية من ابناء محافظة نينوى  من العرب السنة والشيعة والايزيديين والمسيحيين  والشبك لتحرير مدينة الموصل وتلعفر سنجار وسهل نينوى تزامنا مع مقتل الامراء البارزين لداعش وهروب البعض الآخر ، بدأت وفود العشائر التلعفرية تجري اتصالاتها مع القوى الوطنية  طلبا لتسليح ابنائها  ومساندتها للتخلص من هذه العصابات التي عاثت بأرض تلعفر فسادا اسوة بتدريب اكثر من عشرين ألف شاب من ابناء تلعفر المهجرين الذين توزعوا على عدة مراكز للتدريب العنيف .
امام تصاعد المشاعر والنشاطات والتدريب  والتحرك العشائري لتحرير تلعفر ، يواجه عناصر داعش المحليين حالة من اليأس والرعب لما ينتظرهم من عواقب  قانونية وعشائرية واخلاقية وخيمة لما ارتكبوا او احتضنوا او ساعدوا الغرباء الاجانب من عناصر داعش لارتكاب جرائم بشعة وانتهاك الحرمات في مدينة كانت ولا تزال تحرص على قيمها ومثلها والاخلاق الكريمة التي حث عليها الدين الاسلامي الحنيف والأعراف العشائرية العريقة ولكل حادث حديث .

أحدث المقالات