23 ديسمبر، 2024 11:18 م

عبارات.. “هي والماكو سوه”!

عبارات.. “هي والماكو سوه”!

عبارات لطالما سمعها المواطن العراقي، اليوم وأمس وأمس الأول، وقبل أربع سنين، وقبلها بأربعة أعوام، على لسان ساسة الساحة العراقية الجديدة، ومن أرباب الكتل والقوائم، ومن الشخصيات القيادية في البلد. وهي عبارات سامية تهدف الى تحقيق النتائج المجدية من اجتماعات الرؤوس، لاسيما حين يكون المرؤوسون على أحر من الجمر، انتظارا لما تجود به كف أحدهم، وهو في حقيقة الأمر ليس جودا، بل واجب مناط الى الرأس، ماعليه إلا إتمامه وإتقانه، وهو حق للمرؤوس عليه.

من تلك العبارات؛ تقارب وجهات النظر.. تلاقح الأفكار.. توحيد الآراء.. توافق الرؤى.. رأب الصدع.. لم الشمل.. حلحلة الأزمة.. تفتيت الصراعات، وغيرها مما يستخدمه المتكلم من السياسيين والمتحدث من المسؤولين. وبلدنا في ظرفنا الحالي بأمس الحاجة لتفعيل مثل هذه العبارات، وترجمتها الى سلوك ونهج على أرض الواقع الذي بدا مريرا من جراء الخلافات والاختلافات التي لها أول وليس لها آخر، فلايكفي التلويح بها في اللقاءات الإعلامية او الخطب الرنانة في اجتماعات ومؤتمرات هي أصلا خارج نطاق خدمة البلاد وملايين العباد.

وبعد التجارب المحبطة التي مُرر المواطن في حلقاتها الضيقة، بات يصعب عليه الوثوق 100 % بمصداقية تلك العبارات، فهو بين مصدق -من وحي الأمل- ومكذب -من واقع الحال- لها. وماتزعزع ثقته هذا إلا نتاج ثماني سنين عجاف، مرت عليه خلالها جميع أصناف الضحك على الذقون، والتحايل والالتفاف والخديعة والمكر. وما يؤلم أنها حيكت عليه من أبناء جلدته وأبناء محلته او مدينته او محافظته، بعد أن رشحوا أنفسهم خدمة له وللبلد، فاستحدثوا عبارات ومصطلحات عصرية بامكاننا تسميتها جسرا للعبور، والعبور هنا قطعا لن يكون إلا على أكتاف المواطن.

من جانب آخر تكون هذه العبارات أقرب الى الطلسم والغموض منها الى الوضوح والشفافية، حتى لكأنها ضرب من الوهم او السراب، يتمنطق بها قائلها لغايات في قلبه، ولغرض بعيد عن فحوى ماتحمله مفرداتها من رقي ثقافي ونضوج عقلي ووعي اجتماعي، فضلا عن الشعور الوطني. فأيقن المواطن -الذي وضع يده على خده بانتظار حقه من لدن مسؤوليه- أن ليس كل مايقوله المسؤول كان قد بلوره في عقله، وليس كل مايبلوره في عقله يكون صادقا في طرحه، وليس كل مايطرحه يكون جادا بتطبيقه، وليس كل مايتم تطبيقه عاجلا على أحسن وجه، سيتم تطبيقه آجلا بذات المواصفات، الى أن باتت تلك العبارات كما يقول مثلنا: (هيّ والماكو سوه) وهذا بفضل ماحصده المواطن من تصريحات الساسة، الذين مافتئوا يطلقونها عبر كل وسيلة إعلام ونشر أتيحت لديهم.

فهل أضحى أرباب الكتل والأحزاب ومتبوئو المناصب العليا في البلد، يمتهنون صياغة العبارات وسبك الألفاظ أكثر من اتقانهم تفاصيل واجباتهم ودقائق مامناط بهم من مسؤوليات والتزامات مهنية تجاه المواطن؟ وهل ظنوا أن مستلزمات القيادة الحكيمة ومقومات القائد الحكيم، هي تحليه بالمفردات الوطنية وترديده العبارات الطنانة ليغرد بها هنا وهناك، لإثبات وطنيته ومهنيته دون الالتفات الجدي الى مصالح بلده؟ لاأظنهم (غشمه) فهم سيد العرافين.. وكذلك المواطن..!

*[email protected]