18 ديسمبر، 2024 5:50 م

تلقفوها يا اولاد الـ… فالشعب نائم في سبات

تلقفوها يا اولاد الـ… فالشعب نائم في سبات

الطبيعة الانسانية السوية تسعى دائما الى الكمال ، ولا يقف تطورها عند حد، فهي كالنظرية النسبية …الفضاء يمتد بتقدم الزمن ، والامم “الحية” تنهض من الركام والدمار لتستعيد عافيتها ، ومن ثم تثبت اركان نهوضها وتنميتها، ولا عجب ان هناك امم اندثرت ولم يبقى منها سوى الاطلال ، او قل لا عجب ان هناك امم صمدت بوجه العواصف والزلازل، ولممت جراحها ، وامم اخرى بقى ذكرها تاريخ يدرس في المدارس.
العرب ، وللاسف الشديد، امة من النوع الثاني، فطالما تغنت قصائد شعراء البلاط بامجاد الماضي ، وطالما افتخرت باعمال الاموات، ولم تلتفت الى حاضرها البائس.
 المانيا ، او كانت تسمى سابقا بروسيا قبل الحرب الكونية الاولى، وقد تم تقسيمها الى دويلات وهو احد نتائج الحرب الاولى، لكون ان الحلفاء كانوا يدركون عظم خطر هذا الكيان، وبعد سنوات ، نهضت المانيا من جديد لتنتقم من الحلفاء ولتشعل حرب طاحنه امتدت على طول الكرة الارضية، وقد دمرت المانيا تدمير كاملا، ولست بصدد سرد وقائع تاريخية، بل يكفي ان اذكر ان الدمار وصل الى حد ان الحلفاء عام 1945 تقاسموا الغنيمة، حيث (نهبت) روسيا الشيوعية القسم الشرقي ، ونهب الغرب القسم الغربي ، من معامل ومصانع وحتى علماء، يكفي ان اذكر ان مؤسس وكالة ناسا والاب الروحي لبرنامج الفضاء الامريكي هو الماني كان يعمل في مصانع الرايخ الهتلري، لكن بالرغم من ذلك لم يبقى حجر على حجر في المانيا، الان اذهب الى المانيا لترى ماذ فعل هذا الشعب، قوى اقتصادية عظمى ، لم تتأثر بالازمات المتلاحقة، قوة صناعية لا يمكن ان يقول قائل اي كلمة تجاه الصناعة الالمانية ويقف باحترام امام الماكينة الالمانية.
وملخص القول ، عندما شاهد الالمان الدمار الهائل الذي حل ببلادهم وقفوا امام المستشار انذاك واجمعوا امرهم على اعادة البناء، المستشار قال كلمته الشهيرة “اذا كان المعلم والقاضي نزيه فالمانيا بخير”.
في بلادنا ، وبعد الغزو الامريكي والدمار الهائل الذي لحق ليس فقط بالمادة، بل بالروح والنفس العراقية، والذي مهدت له امريكا منذ سبيعنات القرن الماضي عندما جاءت بالهدام على رأس السلطة، الذي لم يبقي حجر على حجر، مسخ النفس والشخصية العراقية، بل وسلط على العراق اناس وموظفين كانوا يستجدون رغيف الخبز، ويحملون جنسيات غربية، وعوائلهم خارج العراق تنعم بنفط العراق، وعلى مدى 12 عاما نفس الشخوص ولكن بتبادل المناصب، تارة رئيس وزراء واخرى نائب لرئيس الجمهورية، تارة وزير مالية واخرى وزير داخلية ، والغريب ان الشعب يصفق ، وكانه صدام اللعين دربه على ثقافة التصفيق ، ولا يعلم الى اين ذهبت امواله ، وتحضرني قصة كنت قد سمعتها عندما اعتقلت في احدى سجون البعث، من احد رجال الامن ، حيث يقول “كنا عندما نريد نستعبد ونذل احد الاشخاص نقوم بمخطط معين، حيث في بادى الامر نضيق عليه في العيش ، كأن نحاربه في الرزق او الوظيفة ، ومن ثم نمنع عنه مثلا النفط او الغاز او نفتعل ازمة وقود او ازمة كهرباء او ماء، واخيرا نلقي القبض عليه باحدى التهم الجاهزة، وعندما يصل الى حالة من اليأس يذهب احدنا اليه، ويحاول ايهامه بانه سوف يجازف ويطلق سراحه ، وهو بهذا يكون مدين لذلك الشخص بحياته ، ومن ثم نرفع الحصار عنه بشكل جزئي ، وحسب عبارته ، نلقي اليه فتات فضلاتنا، وهو بذلك يكون شاكرا لنا.
الحال يعود بثوب اخر، السراق من الساسة ورجال الدين يغترفون من ثرواتنا وتلقى في البنوك الغربية، او اسهم شركات اوربية او امريكية وحتى اسيوية ، والشعب من دون موازنة وبطالة مستشرية ، ولكن عندما تلقى الينا فتات فضلاتهم ترى السذج يصفق ويحمد الله على هذه النعمة التي جرت على يد هؤلاء السراق…
واختم مقالتي بقول عن الامام الصادق عليه السلام
“مثلما تكونوا يولى عليكم”