عندما تحدث الفوضى … ويندلق الموت اندلاق البحر على ارض مسطحة … وتختلف الرايات والاهداف… وتضيع الحقيقة في افواه المنظرين … ويغفل الضمير عن المسار الحقيقي … وتتلاطم الآراء بين مد وجزر … وتنحني الرقاب لعدم المبالاة … ويصطاد الماكرون في الماء العكر … عندها لن يكون للكلمة من دور وتتربع العبثية على خواطر خلقت لتكون ميتة … وبلا اطاله لن يبقى سوى التوفيق من الله والتمسك بالمنطق الذي لابد ان نجعله كعبة الحقيقة لنتمسك بها باعتقاد جازم … فلا بديل … فالجلوس على مائدة معاوية ادسم والصلاة خلف علي اتم والوقوف على التل اسلم .
داعش يتحول من خطر شرق اوسطي الى خطر دولي والسبب ان هناك العديد من المقاتلين المنتمين تحت رايته هم من الاجانب وهؤلاء يشكلون خطرا حقيقيا على شعوبهم وحكوماتهم عند عودتهم …ناهيك عن خطورتهم التي تترجم حقيقتهم وحقيقة الفكر الذي ينتمون له وهم يطبقون قواعدهم في العراق وسوريا وحتى في مصر بأسلوب فوضوي لا يستند الى دستور سلوكي منتظم … القتل فقط والسيطرة على منابع النفط … لقد تحدثت في المقال السابق عن حقيقة داعش واسباب خلق هذا التنظيم ومن ورائه .
واليوم يطل علينا السيد اوباما بإطلاله جديده تفسر حقيقة داعش ومن يقف خلفهم بامتياز لكن في الحقيقة تلك الكلمات التي ستكتب بحاجة عقل لبيب يرتكز الى معطيات واقعية قبل ان يحكم على الغاية من كتابة مثل هذا المقال .
فعندما يقول السيد اوباما اني سأرسل قوات امريكية تعدادها 1500 جندي عملهم استشاري لتدريب القوات العراقية وتقديم المشورة !!!؟
يا سيد اوباما … عندما كان الارهابيون يصولون ويجولون في سوريا ويمارسون اعمالهم الاجرامية على الشعب السوري اين كنت؟
نعم لقد كنتم موجودين تلتزمون الصمت عن المجازر المرتكبة وعن اكلي الاكباد بل كنتم تمولون الارهابيين بالدعم اللوجستي والتكنلوجي لأنكم وهذه حقيقة تكافحون الارهاب وفق مصالحكم التي تقضي بحماية امن اسرائيل نعم هو الواعز الحقيقي من كل تلك الفوضى الخلاقة او المنظمة فترك كبح جماح داعش او بالأحرى مساندتهم في الانتشار والسيطرة في مناطق شرق اوسطية في العراق والشام وحتى في مصر من خلال الاخوان اللامسلمين ودورهم في هز صورة الجيش المصري وإضعافه … وفي الحقيقة من التفت لذلك حفاظا على عرشة لا بدافع الواعز القومي او الاسلامي بل بدافع المصلحة
والحفاظ على العرش الملكي هم العائلة المالكة في السعودية والتي اصبحت بعيده سياسيا نوعا ما عن امريكا رغم التاريخ المشرف في علاقتهم وقريبة عاطفيا من اسرائيل … واعتقد ان المعالم واضحة ضمن هذا المضمار وكيف للدور السعودي من تأثير على الاقتصاد الامريكي والخلافات المفتعلة والغير مفتعلة بين الكيان الاسرائيلي وامريكا خصوصا بالملف الفلسطيني وكذلك بالعلاقة النفطية بين امريكا و السعودية وهذا ما اكدة الخبير النفطي الجزائري عبد الوهاب بوكروح حيث قال (إن التحولات الهيكلية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الطاقة خلال
العشرية الأخيرة وتجاوز الإنتاج النفطي الأمريكي لنظيره السعودي للمرة الأولى في التاريخ في أيلول/سبتمبر الماضي ينذر بانقلاب حاد في العلاقات بين الولايات المتحدة وشركائها العرب والقائمة بشكل اساسي على تأمين امدادات النفط. )
لذلك عندما بادرت العائلة الحاكمة بدعم السيسي والجيش المصري لتيقنها بان تنظيم داعش هو كيان مصنوع امريكيا كما صنعت القاعدة والغاية منه تهديد المحور النفطي العربي وخلق الفوضى والعبثية فيه … والذي بدورة يؤثر على وجودهم كعائلة حاكمة … ناهيك عن الحقيقة الاخرى المتمثلة بتركيع الجيوش العربية الوطنية و القومية لإبعاد خطرها عن الكيان الصهيوني مثل الجيش العربي السوري والعراقي والمصري .
وكما اوضحت في المقال السابق ( (سيد اوباما … بالعراقي(خلي ايولن) فغايتك اسقاط نظام الاسد ) )
بان امريكا قد فشلت بإسقاط نظام الاسد من خلال دعمها للجماعات المتطرفة في سوريا والسبب الاخر هو الفيتو الروسي لهذا قامت بهذا الالتفاف للحصول على الدعم الدولي … وحسب قولهم في القضاء على داعش لكن الحقيقة هو الالتفاف على نظام الاسد والفيتو الروسي والحصول على شرعية دولية تمكنه من العمل على الارض وعدم الاكتفاء بالضربات الجوية بل المشاركة الفعلية في التخطيط وربما حتى التنفيذ لإسقاط نظام الاسد طبعا لا داعش … اما ما يخص الضربات الجوية فالأمر مضحك لان تلك الضربات لم تخدش كيان داعش بخدش واضح يوقف تحركاته وفعالياته العسكرية والمتابع
الفطن يلتفت الى ذلك … ومن هنا تظهر حقيقة امريكا وحقيقة تحركاتها التي تتماشى مع مصالحها واهم تلك المصالح التي لاحت في افق التحليل السياسي العقلائي والتي لا يختلف عليها اثنان هو استمرارية الوجود الصهيوني وكذلك الوجود الداعشي … وتتجسد المهمة الاساسية في هذا الكيان الارهابي هو ايجاد خلخلة في الميزان النفطي للعراق وسوريا بالإضافة الى اسقاط نظام الاسد الذي يمثل حلقة الوصل بين الجمهورية الاسلامية ايران واكبر خطر على الكيان الصهيوني الا وهو حزب الله … اما ما يحصل من انخفاض في اسعار النفط واضح ولا يحتاج الى محلل اقتصادي ليصيب
الترجمة الفعلية وراء مثل هذا الانخفاض فالمستفيد الاكبر هو امريكا واسرائيل لان داعش تقوم ببيع النفط المهرب بأسعار واطئة تؤثر على سعر النفط في السوق العالمية والكل يعلم ان امريكا من اكبر الدول المستهلكة لمصادر الطاقة … لكن السؤال الذي يتبادر للذهن كيف يباع النفط ؟؟؟ وكيف تسدد مستحقات هذا النفط؟؟؟
انا اقول لكم تسدد نفقات هذا المنتوج من خلال الطائرات المحملة بالأسلحة والعتاد التي تهبط في المطارات التي يسيطر عليها داعش في سوريا والعراق ولا اعتقد ان هذا الامر يخفى على احد .
نعم هذه هي الحقيقة فما يثير الانتباه تصريح الضابط في جهاز مكافحة الارهاب البريطاني تشارلز شويبردج حيث قال ( ان وكالة الاستخبارات الامريكية والاستخبارات البريطانية دفعتا دولا خليجية لتمويل وتسليح تنظيمات مسلحة في مقدمتها داعش ).
اما عن عودة ما يسمى بالمستشارين العسكريين الامريكيين الى العراق وقرار السيد اوباما بإرسال 1500 جندي امريكي لأغراض الاستشارة والتدريب لمقاتلة الارهاب !!! والذي بصراحة يجبرنا على طرح تساؤل واضح … اين كان السيد اوباما عندما كانت القوات العراقية مهددة بالانهيار بسبب ما حصل بالموصل ؟
والذي اضع الف خط احمر تحت هذا الحدث وعلى الاشخاص المعنيين والمتسببين بمثل تلك الكارثة .
اليس من الاولى ان تطلق سراح الطائرات ال اف 16 والاباتشي التي تعاقد العراق عليها مع امريكا بمبلغ 41 مليار دولار؟
وهل ان 1500 جندي سيقلبون المعادلة على ارض الواقع ؟
بالتأكيد لا …لان طائرات الحلف لم تغير من الواقع شيء فكيف ب 1500 جندي؟
فان كان الغرض من تواجدهم هو تدريب القوات العراقية فاعتقد ان الاردن مكان مناسب لذلك … وان كان وجودهم استشاري فاعتقد ان التكنلوجيا والاتصالات كفيلة برسم خارطة المعركة وايصال المعلومات والاستشارات بكل حرفية … ام انكم شعرتم بتنامي فيلق القدس الايراني في العراق لهذا تحركتم لاعادة كفة ميزانكم الاعور لمرحلة تعادلون فيها النفوذ الاجنبي على ارض العراق؟
فان لم يكن الغرض من هذا التواجد لا التدريب ولا الاستشارة فما هو السبب يا ترى ؟
وعلى فرض ان امريكا جادة في محاربة داعش ولا احسن الظن بهذه الفرضية وان تنزلنا وقلنا كذلك فباعتقادي ان طائرات الحلف والقصف الجوي بالتنسيق مع غرفة العمليات العراقية قادرة على قلب المعادلة … لكن بصريح العبارة وانا لا احسن الظن كثيرا بأمريكا لان حضورها للعراق بات واضح المعالم … الا وهو نصرة ولدها البار داعش وتقديم الاستشارة والدعم في تخطيط المعارك على ارض العراق وحتى في سوريا على ان يتم ذلك بأسرع وقت ممكن والعجيب بالأمر ان السيد اوباما سيرسل تلك القوات حتى قبل ان يوافق الكونجرس الامريكي على تمويل تلك العملية !!!!!
وما يدعم هذا الطرح هو ان السيد اوباما فكر الان بإرسال قوات غير قتالية للعراق !! بعد ان حققت القوات العراقية والحشد الشعبي ومسلحي العشائر انتصارات كبيرة على المعسكر الداعشي لم يحققه القصف الجوي طوال هذه الفترة للحلف الدولي … والذي ادى الى تراجع الهيمنة المتطرفة في الاراضي العراقية بسبب عودة هيبة الجيش العراقي وارتفاع المعنويات والذي ادى بدورة الى التفاعل مع الاحداث والتعاطي مع المتغيرات بتخطيط عسكري سليم وناجح من قبل المنظومة العسكرية الجديدة في العراق خصوصا بعد التغيير .
لهذا اجد ان التواجد الامريكي الاستشاري حسب قولهم هو بالأحرى وجود قيادي في غرفة العمليات العسكرية العراقية للهيمنة على القرارات المهمة بحجة تطور المنظومة العسكرية الامريكية على المنظومة العراقية وانهم الاصلح لقيادة المعارك ومن هنا سينكشف ضهر الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي ومسلحي العشائر للنفس الامريكي في ادارة المعارك وهذا بدورة يعد شيء خطير جدا لأني وعلى يقين ان داعش هم صناعة امريكية … عندها ستكون الثمار الاستخباراتية ثمار دسمة بالنسبة للدواعش لما سيحصلون عليه من معلومات وتحركات للقطعات العسكرية العراقية … لأنه
وبصريح العبارة الوجود الفعلي الامريكي على ارض الواقع وقريب من مصدر اتخاذ القرار في المنظومة العسكرية العراقية يختلف اختلاف جذري عن ادارة العمليات الامريكية في ما لو كانت خارج الحدود والشخص العسكري سيدرك ذلك .
لكن ان كان ولا بد من وجودهم فعلى القيادة العسكرية العراقية ان تلتفت لذلك وان لا تجعل مصدر القرار مشتركا معهم وان يفصلوا غرفة العمليات وان يستثمر وجودهم استثمار على المستوى التكنلوجي وتحديد الاهداف ومشاطرة القصف الجوي والتأكد من كل معلومة تصدر عنهم وابعادهم عن مصادر المعلومات العراقية بشكل مباشر والاقتصار على اطلاعهم على معلومات مغربه على يد ضباط اكفاء قادرين على موازنة المعطيات وما لا يضر بالهدف الحقيقي من وراء تلك العمليات الا وهو القضاء على داعش … بالإضافة الى عدم اعطائهم الفرصة والتخويل لفرض ارادتهم على القادة العسكريين
العراقيين لأني وبصراحة اجد ان التواجد الامريكي في العراق مجددا هو لترتيب هيكلة الوجود الداعشي من خلال اعادة انتشار منظم يرجح كفتهم بالسيطرة على الارض مرة اخرى وسد الثغرات التي يمكن للقوات العراقية استغلالها في هزيمتهم تلك الهزائم المتكررة والتي اثبتت قدرة الجندي العراقي وقدرة القيادة العسكرية العراقية على تغيير الواقع وخلق الانتصار … والذي بدورة سيفشل المشروع الذي خلق من اجله داعش وهذا المشروع بالدرجة الاولى هو حماية امن اسرائيل هذا الكيان الغاصب … والا كيف تفسر لي قتل داعش للمسلمين السنة قبل الشيعة والمسيحيين …. والقدس
تحترق ؟؟؟؟؟؟؟؟