19 ديسمبر، 2024 10:59 م

الأديان دعواتها أمرت بالنقيضين لذا البعث ولادة طبيعيّة

الأديان دعواتها أمرت بالنقيضين لذا البعث ولادة طبيعيّة

حتّى يُهيّأ للمرء أحياناً في خضمّ الأحداث الّتي نعيشها الآن أفصحت بما لا يقبل الشكّ أنّ الدين ليس سوى “تجمّع لمقاتلين” , “والدين” والحالة هذه : “وثيقة عهد” لجماعة “مسّها الظلم” كما تعتقد ويُشاع .. فمن هذه الوثيقة الدين تفرّعت المذاهب وانقسمت , والمقسّم تقسّم حتّى بات من الصعب العثور على الأصل , والمذهب يسنّ منه صاحبه ما يشاء فيقوّل “بالاستنباط” ما لم يقله النصّ رغم “ألوهيّة” النصّ كما يُفترض .. التاريخ البشري جميعه حروب وجميعها شُنّت لأهداف دينيّة في ظاهرها , وأصل الدين “مظلوميّة” : ( أذن للّذين ظُلموا . الآية ) .. كما لا يوجد دين مسالم وآخر غير مسالم : ( وما غنمتم . الآية ) , إذ لا يمكن للإله تغيير كلمته , فالإله كلمته أبديّة , وإلاّ ما أصبح إله , فجميعاً “الأديان” تدعوا للإسلام : ( ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون )  القرآن , داعش استنبطت : الإسلام دين البشر جميعاً ومن عصى فالقتل .. ليس وحدها داعش ,  فللشيعة نصّهم “للبعض منهم أقصد” الداعي للقتل : ( يا لثارات أهل البيت ) يعني جميع من استشهد من آل البيت أوصوا من يدّعون انّهم اتّباعهم بأخذ الثأر لهم لذا أصبحت ( كلّ الأرض كربلاء ) وهنا القتل أعمّ وأشمل .. جميع “الأديان” تدعوا للتسامح في بعض آياتها لكنّا إن دقّقنا نجدها تلك “نزلت” في ظروف ضعف ! , فمتى تقوى الشكيمة تغيّرت لهجة “التنزيل” من التسامح إلى العنف , ويوجد مثل عراقي دقيق : “بس تصير بأظافيره طحين” ! وذلك ينطبق على الفرد أو الجماعات .. خذ المسيحيّة مثلاً : “إن صفعك على خدّك الأيسر فأدر له خدّك الأيمن” , لكن ما أن تأتيهم  فرصة قوّة قلبوا ظهر المجنّ , كالغرب المسيحي مثلاً , أصبح استعماري ما أن تشكّلت لديه عوامل القوّة بعد عصر التنوير , فقد سرقوا الذهب المكدّس في كنائس المكسيك عدى ما سفكوه من دماء نهبوا تلك الأموال الطائلة والّتي موّل بعضها “العصر الصناعيّ” .. لقد أبادوا شعوباً بأكملها باسم “الربّ” , فباسمه صنعوا من فروات رؤوس الهنود الحمر ومن سلخ جلودهم وتكسير عظامهم مداليات وأحزمة وأحذية وحلي ومكشّات أتربة باهضة الأثمان! : ( واضربوا لا تشفق أعينكم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك ) . حسقيال .. ( يقول الربّ :تجازي السامرة أنها تمرّدت على إلهها بالسيف يسقطون تحطّم اطفالهم والحوامل تشقّ ) . هوشع .. قد من يقول تعاليم المسيح سلميّة , لكنّ المسيح قال ( ما أنا إلاّ متّبع وصايا الربّ ومتمّم لنواميس الانبياء قبلي ) .. “المعادلة” اختلّت .. فالمسلمون استوجب عليهم أخذ الدين “كلّه” أو تركه كلّه , تضايق أتباعه فأخرج “المستنبطون” منهم بدعة التفسير! حقّ أريد به باطل ففي ذروة حرارة الوحي اشترط الإسلام على “أهل الكتاب” دخول الإسلام أو الجزية أو القتل : ( وَدُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا في سبيل الله فإن تولّوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليّاً ولا نصيرا ) وهو ما تفعله داعش ..أحياناً نحكم على الأشياء مسبقاً وكانّه تسليم لا شعوري لذا عوّدت نفسي انا مثلاً أرقبها باستمرار , فكم ساورني القلق سابقاً من حقائق مثبّتة في القرآن لا تلائم منطق الواقع أواريها بحجج لأحافظ على حلمي الجميل , وكم كنت أيضا أغبط الاقوام الّتي دخلت الإسلام <لمعاصرتهم أعظم الفاتحين إنسانيةً> لكنّي مع الطرح الملحّ مع نفسي مثل استملاك بعض الصحابة للأراضي الزراعيّة في البلدان المفتوحة , أواري , أو تأخذني مشاغل الحياة , أتجرّأ أحياناً فأردّد مع نفسي <يا تُرى أليست لتلك العقارات أهل ؟ فبعض من وضع يديه عليها كغنائم بأسماء أحفادهم لغاية اليوم > .. قبل أيّام حدثت مشكلة بين جارين مسيحيّة عجوز وصبي مسلم “ابن أخي المرحوم” , الصبي حطّم ببندقيّة صيد زجاج إحدى نوافذ بيت المسيحيّة والمسكينة لكثرة ما عانت منه سابقاً رغم ودّها الكثير له باعترافه هو استدعت العجوز الشرطة هذه المرّة وأصرّت على عقوبته تقدّم أحد أفراد الشرطة وكان شابّا وهمس بأذُن الصبي الّذي أقف جنبه : “يمعوّد خللي تولّي مسيحيّة إحنه ويّاك!” لربّ قائل حالة شاذّة , أقول له نعم لأنّ بقيّة الشرطة الحاضرين تربيتهم “شمرة عرب” أهل غيرة فعلاً لم يتربوّا لا في حوزات ولا في جوامع وضعوا الصبيّ في سيّارتهم مراعاة لمشاعر العجوز “فرّوه” قليلاً ثمّ أعادوه .. عطّلت وظيفة العقل في سبر أغوار التعامل الأمثل مع الآخر ومع الحياة ومع الوجود عندما حوّلنا أنفسنا إلى حالة استلاب عقلي بأيدينا لصالح “الكهنة” باسم الاسلام فعدنا , بالتدريج , إلى عصور مظلمة سبقت الإسلام بكثير ..

الأفكار الجديدة بعد سلسلة تجارب من قراءات للتاريخ وللصراع ؛ إنساني أو دموي , نأو بأنفسهم أصحابها أوّل الأمر , ومع التعمّق بعد ممارسات في التطبيق تبلور “التنوّر” استسقى من بعض الحضارات القديمة كالإفريقيّة والاغريقيّة , تبلورت عقائد لم يألفها الإنسان إلاّ لدى النازعون للحرّيّة “كالصعاليك أو أهل الكهف أو الأحناف” أطلق عليها فيما بعد باليسار , إلى أن بات كلّ معارض للموروث يُنعت باليساري .. اليسار هذا وجد من يتحزّب له فاتّسعت رقعة المريدون فأصبحت إيديولوجيّات , عُرف عن اليسار مساواة الجميع أمام بما يحمي الجميع , وهي رؤية اجتماعيّة نبعت من حصيلة رؤى جديدة هدفها التخلّص من عقد الماضي لأجل تعايش منطقي على أنّ تتاح الشراكة للجميع .. فبغضّ النظر , برزت بشكل أو بآخر أحزاب حاولت الجمع بين الماضي والفكر الجديد , نجح البعض منها في بلدان العالم الثالث كحزب البعث مثلا الّذي شجّع الغرب على تأسيسه هو وبقيّة الأحزاب القوميّة والليبراليّة “كمصدّ بوجه الهجمة الشيوعيّة خوفاً من نيلها المصالح الغربيّة وتأسيسها الأحزاب الدينيّة حتّى أوصلوا الأمر لتأسيس حزب ديني مخلوط باليساريّة أسموه الحزب الاشتراكي المسيحي!” والبعث نطرحه هنا كنموذج وكمثال لمسه الشعب العراقي وعايشه طويلاً , فكره مستمدّ أساسيّاته من بعض مكوّن الفكر الشيوعي إذ رغم ميول الحزب البرجوازيّة كما يقول البعض قد تُحسب على “الوطنيّة الرأسماليّة” كمّا عبّر ستالين في تقريره في المؤتمر الشيوعي 1921 ورغم ضعف في منع اختراق مكوّن ثورته الثانية “1968” وهو ما حصل فانتكس , فرغم نجاحه هنا ؛ توسّع كثيراً في هدم الحواجز المورّثة والتناحر بين مكوّنات المجتمع العراقي رغم أخطاء في التطبيق كثيرة منها منع الحزب لممارسة طقوس عاشوراء بدل ما يراهن على نضج الوعي تديجيّاً .. تدخّل الغرب السريع بإشعاله “حرب الثمان” ربّما قرأ البعث ما لم نقرأه فسارع اختراق ما طالما اعتبره الغرب خطّ أحمر .. حرب الثمان من أضرارها أعادت الموروث الديني يعمل في العراق ثمّ المنطقة , وما نراه اليوم عندنا نتاج رضى غربي كامل ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات