صمت دهراً، ونطقه كفراً، هكذا وصف معظم الحكماء، والعلماء؛ اولئك الذين يصمتون ازاء الأمور الحقة..
منذ أن تولى حزب البعث مقاليد الحكم في سبعينات القرن المنصرم، بانقلاب دموي راح ضحيته مئات من علمائنا، ومثقفينا، وشيوخنا، وشبابنا؛ بسبب تلك الهمجية التي كان يتعامل فيها ذلك الحزب..
معظم الدول العربية، والإقليمية، قد غضت الطرف عما يقوم به حزب البعث خلال ثلاثة عقود ونصف من جرائم، وإبادة كبيرة، ومقابر جماعية، وسجون رهيبة، وحصار إقتصادي، وحروب طاحنة؛ حرقت الأخضر مع اليابس، وجعلتنا نأن تحت وصايا الأمم المتحدة” والبند السابع” نتيجة الإغراءات العربية، والرعونة البعثية..
حيث أصبح العراق أشبه بساحة حرب مفتوحة أمام التدخلات الإقليمية، والعربية، وتحمل قسوة الحروب، وما نتج عنها؛ أفواج من الأرامل، والأيتام، والتخلف الكبير الذي جعلنا خلف الشعوب بشوط طويل، بمباركة الدول العربية، وصمتها عن كل ما يقوم به نظام البعث، من جرائم ضد الإنسانية على ابناء الشعب العراقي، وكان ذلك النظام يستمد عزمه، وقوته من حكام” الرمال، ورعاة الإبل، والماعز..
بعد أن غرست مخالبهم في أجسادنا، و قطعت أنيابهم أوداجنا خلال العقود المنصرمة، التي تكالبوا علينا من كل حدباً، وصوب، وجعلونا أشلاء متناثرة أمام كواسر الفلوات، ونواصب الحقد، وحساد العقيدة؛ عادوا اليوم بلباس جديد، ووجه يحمل كل صفات الحقد، والكراهية، وثارات التشفي، من أجل إعادة تلك الأيام التي كان فيها دورهم كبير؛ حيث يقومون بمد البعث بيد، ويغطوها باليد الأخرى..
الفتوى الأخيرة للمرجعية الدينية في النجف الأشرف، قد زلزلت عروش هؤلاء الحكام، حيث نهضت من خلالها جميع الفصائل الشيعية في العراق، وقلبت جميع الموازين، وخلطت الأوراق، والخطط المطروحة على الطاولة العربية، والإقليمية، ورسمت مسارات سياسية، وإنسانية، وأخلاقية جديدة؛ ووضحت للعالم مدى مستواهم السياسي، وتعاملهم المزدوج..
دولة الإمارات، التي صمتت طويلاً ازاء الجرائم التي إرتكبت بحق الشعب العراقي طيلة عقود، كشفت نقابها اليوم، وجاءتنا بالأمر الأكثر غرابة؛ فقد ساوت بين العاقل، والمجنون، وبين الحب الجيد، والرديء..
الفصائل الشيعية، التي تقاتل من أجل حماية” أعراض السنة”، لا يمكن نجعلها بصف من إنتهكها…