النفط في العراق كان ومايزال نقمة على أهلهِ أكثرَ منهُ نعمةً عليهمْ ؛ والرخاءْ والنماءْ مسمياتٌ ليسَ إلا ؛ فيما يحسُدنا الآخرون على ما نملكهُ من نِعمٍ شتى ، عقودٌ عدة مضتْ منذُ أكتشافَ النفط في البلاد وكان من الأجدرِ بالحكوماتِ المتعاقِبة أنْ ترتقي بالبلاد وأقتصادهِ وشَعبه ؛ لكننا لمْ نرَ سوى الحروب العبثية التي أنهكت البلاد والشعب ناهيك عن الاقتصاد .
في العام 2003 أنطوت صفحة سوداء من تاريخ العراق مع آلامِها وشرورِها ؛ لمْ يكدْ يُصدق العراقيون إنهم سينظرون مستقبلا زاهراً ، وما أنْ تنفسوا الصُعَداء حتى ساءَتْ أحوالهُم وتشتَّت أبصَارَهُم بين حَالمٍ بغدٍ أفضَلْ وقاتلٍ يَبحثُ عَنْ فريسَته وسياسيٌ مُتسلّق غيرَ آبهٍ بأهله ؛ يتربصُ بكعكةٍ علّهُ يغتنمُ منها حِصةً قبل أنْ يسبقهُ اليها أقرانُه .
ساسةٌ أساءوا الحُكم وإدارة البلاد ففرقوا الشعب لسوء تقديرهم بأهوال أفعالهم ونتائج قراراتِهم ، فالحكومة السابقة بنَهجها السيئ وسوءِ أدارتها للأمور وَسّعتْ الهوّة بين بغداد واقليم كردستان وبدلا من ردمها بحلول ناجعة ؛ عمقتها لحماقة منها ؛ فعطّلت قانوناً محورياً مهماً هو النفط والغاز الذي لا غنى عنه ؛ وبسببهِ لمْ تنتظم العلاقة بين المركز والأقليم في إنتاج وتصدير النفط ؛ وتسببت بخسارةِ ميزانية الدولة لعشرات المليارات من الدولارات وكادت تصل بالبلاد الى هاوية التقسيم ؛ وكلُ هذا جرى لان عقولاً متحجرةً لا تُفكرُ إلا بمصالحها الضيقة غيرَ آبهةٍ بالمصلحة العامة هي من عقدت المشهد وقادت ملف النفط الى ما آلت اليه الامور .
اليوم وبعد اشهر قلائل على توليه وزارة النفط ؛ أنبرى وزيرها عادل عبدالمهدي؛ لمهمة معقدة حاملا معه رؤيته والحلول ؛ متوجها الى كردستان ليعقد اتفاقا عجز الآخرون عن إنجازه ؛ لحنكتهِ السياسية وعقليتهِ الأقتصادية التي أعادت قطار النفط الى مساره الصحيح بعد ان ضل طريقه وكبد الدولة خسائر فادحة وجرّها الى ويلات جسام.
ذلك الإتفاق ؛ ليس مقايضة؛ بل هو الخطوة الأولى نحو حلولٍ شاملةٍ وعادلةٍ ودستوريةٍ لجميعِ الأمور العالقة؛ وهو بداية الطريق نحو حلحلةِ جميع الإشكالات العالقةِ بين الأقليم والمركز التي ستُنعش الأقتصاد بعودة الأنتاج وزيادة التصدير ليُدِرَّ أرباحاً على خزينةِ الدولةِ بمليارات الدولارات لتُعِمَ فائدتها على عمومِ العراق وشعبه بعد أن عانى الأمرّين.