مع بداية عهد جديد لحكومة العراق، كان أمل العراقيون أن تكون يداً قوية، تقضي على النزاعات والصراعات بين الكتل السياسية، ليغدو الأمان من جديد سيداً للموقف.
أغلب المتتبعين؛ يرون إنها حكومة تغيير بالشعارات فقط، ودليلهم هو وجود نفس شخوص الحكومة السابقة، ولم يختلف سوى تغيير مناصبهم، لكن الحقيقة؛ إن هنالك شخوص لم ينالوا فرصة كبيرة لاستثمار إمكانياتهم في خدمة العراق، بسبب طغوتة الحكومات السابقة.
وسط ترقب الشعب العراقي؛ الذي انقسم بين متفائل ومتشائم، لأداء الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي، وكابينته الوزارية، ألتي ضمت نخبة من القيادات السياسية، الممثلة لكتلهم المرشحة لهم، أثيرت انتقادات كثيرة، تطعن بالحكومة الحالية، وتشكك بمصداقيتها في أن تكون خير خلف لشر سلف، وذلك ما دفعنا الى طرح مجموعة من التساؤلات حول أداء الحكومة الجديدة، وما يفترض بها أن تحقق في ظل حقبتها الحالية لأربع سنين قادمة، مبتدئة بكشف ما ستعجز عن فعله.
لا يحتاج العراقيون حكومة تلبي طموحاتهم بالرفاهية الدائمة، والازدهار، والعدالة الاجتماعية، وتمنحهم إكسير الخلود في احدى الجنان على الارض، بقدر ما يحتاجون لحكومة؛ تستطيع أن تكون صريحة معهم، تبلغهم ما باستطاعتها فعله، وما لا تستطيع، وهو أمر افتقرت إليه سابقاتها، بسبب اعتمادها على الوعود دون تنفيذ، فأصبحت محض أكاذيب.
كيف لا تختلف؛ وقد بينت لنا أكذوبة الموازنة، ألتي استغلتها الحكومة السابقة كورقة ضغط، بينما هي من أضاعت على المختصين؛ تقدير واردات البلد في السوق الدولية؟ كيف لا تختلف؛ وقد كشفت عن خلل مهم، وهو اعتماد اغلب الحكوميون على الغلو في الإنفاق، مهملين التخطيط له، في تحديد وجود الموارد والإمكانيات، الموازية للمبالغ المصروفة؟ كيف لا تختلف؛ وقد كشفت ألية الإقتصاد العراقي، المتبعة من قبل الحكومة السابقة، المعتمدة على النفط فقط، والذي بات يشكل 95% من موازنة الدولة، مؤكدين بأن الاستمرار بها سيقود البلد الى الإفلاس؟
الجهات الحكومية الحالية، اقترحت تعديل وتصويب الاليات السابقة، والتمهيد الى إطلاق إمكانيات الدولة العراقية، وإستثمار الموارد، وإطلاق العنان للإقتصاد الأهلي والشعبي، ألذي سيخلص العراق من الأزمة المالية المزعومة، ويقضي على أزمة إدارة أموال وموارد البلد بصورة خاطئة، مشخصنة نتاجها الوطني، كما حصل سابقاً، وخير مثال على ذلك؛ التجربة الإيرانية، 30 مليار دولار قيمة الموازنة، وتدير بها مجتمع كامل، وكذلك تركيا؛ 202 مليار دولار، التي تفوق العراق بالتعداد السكاني والمساحة.
أخر ما شهدناه؛ هو استضافة مجلس النواب لثلاث وزراء من الحكومة العراقية الجديدة، لمناقشة الموازنة العامة لسنة 2014، وما دعانا للاستغراب؛ إن وزير النفط عادل عبد المهدي كان مدعو في تلك الاستضافة، رغم إن لا علاقة له بذلك، والذي وضح بكلامه مقترحات مهمة، من شأنها الانتقال بالواقع العراقي من أغلب النواحي، وخصوصاً الاقتصادي منها، هؤلاء هم من كنا نفتقر لدورهم في الحكومات السابقة، التي عمدت على إقصاء وتهميش الإمكانيات والطاقات المعطاءة، منهم من إستقال، ومنهم من هاجر هارباً من التهديد، ومنهم من تم إغتياله.
هيمنة السراق على السلطة المركزية في الحكومات السابقة، منعت ازدهار العراق، والاستفادة من عقول وخبرات الأصلاء من ساسته، لذا وجب أن نساند الحكومة الجديدة لتفعيل دور أولئك المصلحون.
نخشى أن يتم اغتيال تلك العقول النيرة، بسبب ما يكتنزونه من علم ومعرفة تدر على العراق وشعبه ذهباً، على يد سماسرة الفساد.