تحاول الحكومتان المركزية والمحلية في نينوى، مد خطوة أولى نحو تحرير الموصل من قبضة داعش بقوة عسكرية ضاربة يجري تدريب عناصرها في معسكر خاص داخل محافظة أربيل. مع خشية من ان تؤثر الخلافات السياسية على حماستها كما أثرت من قبل على أمن نينوى سنوات طوال. ،
منذ إسبوعين واسم”قوة تحرير نينوى”يتردد كثيراً في وسائل الإعلام العراقية وصفحات موقع التواصل الاجتماعي(الفيسبوك)المعنية بأخبار الموصل، وعلى الرغم من ذلك ما زال الغموض يلف هذه القصة.
وفي معسكر الزيرفاني(القوات الخاصة الكردية)على مشارف مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، أعلن قائد شرطة محافظة نينوى اللواء خالد الحمداني يوم 11 تشرين الأول(أكتوبر)عن تشكيل قوة لطرد تنظيم داعش المتطرِّف من الموصل وباقي انحاء المحافظة، ومنذ ذلك الحين وتصريحات الحمداني وباقي المسؤولين المحليين تبدو متفائلة جداً حيال القدرة على هزيمة المسلحين الذين لم يصمد أمامهم نحو 80 ألف جندي وشرطي سوى أسبوع واحد.
يقول الحمداني وهو مسؤول المعسكر التدريبي لتلك القوة لـ “نقاش” هنالك 4500 متطوعاً يتلّقون اليوم تدريباً مكثفاً على حرب الشوارع وبمختلف أنوع الأسلحة، بينما ينتظر 560 آخرين الموافقات الأمنية للالتحاق بالتدريب.
“العدد الكلي سيصل إلى سبعة آلاف مقاتل أي ما يعادل سبعة أفواج من الشرطة القتالية ووزارة الداخلية وافقت على صرف رواتب نحو خمسة آلاف منتسب ممن التحقوا بالمعسكر بأثر رجعي منذ حزيران(يونيو)المنصرم” هكذا رد الحمداني على المشككين بأعداد المتطوعين.
لكن ذلك لا يعني تجاهل علامات الاستفهام الكبيرة التي يصرُّ على إثارتها البعض بقصد أو من دون قصد، ومنهم مسؤولون محليون، فالرقم الأقرب إلى الواقع كشفه مساعد للحمداني وطلب عدم ذكر اسمه إذ قال إن العدد( 2500 ) متطوع مبيناً إن المكان صغير والخيّم قليلة ولا تتسع للجميع، لذا فإن هؤلاء لا يتواجدون في المعسكر جميعاً.
عموماً الحديث يدور عن رجال شرطة فروا وعائلاتهم بعد سقوط الموصل بيد المتطرفين، وهذا عامل مهم يحسبه المسؤولون عنصر قوة في صالح عملية التحرير المرتقبة، فالمتدربون أمنوا على عائلاتهم في مدن إقليم كردستان، ناهيك عن رغبتهم الكبيرة في محاربة الذين نهبوا بيوتهم وقتلوا أقارب وأصدقاء لهم.
في سوق داخل أربيل اعترض أوقف شابٌ ضابطاً سبق وأن عمل تحت إمرته ، وطلب مساعدته في الحصول على فرصة للتطوع ، وبعد أيام قلائل ظهر الشاب على شاشات التلفزة وسط حشد من المتدربين وهم يطالبون نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي تزويدهم بالسلاح لمقاتلة داعش.
يبدو أن المعسكر يضم المتحمسين فعلاً للقتال ولا سيما المتضررون من الإرهاب، إلى جانب أولئك الذي انضموا له لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم بعدما قطعت وزارة الداخلية التي ينتسبون لها رواتبهم منذ حزيران(يونيو) الفائت .
محافظ نينوى أثيل النجيفي ونائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي هما من أشد الداعمين لهذه القوة، فالأول يتردد على المعسكر بنحو مستمر، وتربطه علاقة وطيدة بقادة الشرطة هناك.
المحافظ ينشر صور المعسكر على الفيسبوك بين وقت وآخر لكن هنالك ضباط ينتقدون ذلك، ويرون بان ثمة أسرار ينبغي عدم كشفها بما فيها هويات الضباط الذين ينخرطون في هذا التشكيل المسلّح.
المعارضون لحكم عائلة النجيفي وهم كثُر هذه الأيام يعتقدون بان المحافظ فشل في أداء مهامه لذا يحاول إيجاد موطئ قدم له في مرحلة ما بعد التحرير ويريد أن يتظاهر بأنه يتزّعم القوة الجديدة من خلال حديثه المستمر عنها.
كتلة النهضة ذات الأغلبية في مجلس المحافظة ترفض منح النجيفي أي دور في المرحلة المقبلة، وهو ما أكده عضوها خلف الحديدي.
وعلى الغرم من أن الكتلة تساند مشروع تحرير المحافظة، لكنها “تعترض بشدة على تفرُّد النجيفي بقرارته خاصة فيما يتعلق بتعيين ضباط لقيادة القوات الجديدة لم يدافعوا عن المدينة من قبل” يؤكد الحديدي. والغريب أيضاً أن “المحافظ وقائد الشرطة الحمداني أقصوا 100 ضابط وحركوا وزارة الداخلية لتفتح تحقيقات ضدهم بعد اتهامهم بالتخاذل” يضيف الحديدي.
بين هذا وذاك يخشى الضباط المتطوعون أن تعرقل الخلافات السياسية جهود تحرير نينوى، خاصة وأن الحمداني كشف عن اقتراب ساعة الصفر ويتوقع بدء العملية مطلع العام المقبل بالتنسيق مع القوات العراقية والبيشمركة، لكن الولايات المتحدة الأميريكية الطرف الأكثر فاعلية في الحرب ضد داعش، أكدت مراراً على لسان مسؤوليها الكبار بمن فيهم الرئيس باراك أوباما أن عملية تحرير الموصل ستكون صعبة جداً ولا يمكن أن تبدأ قبل عام من الآن.
اما الموصليون الذين أمضوا خمسة شهور تحت حكم التنظيم المتطرف وشاهدوا عن كثب قوته وبطشه واستماتته، لا يعولون كثيراً على القوة الجديدة، ما لم تحظَ بمساندة القوات العراقية والكردية والتحالف الدولي، وعلى المدى الأبعد يجد الموصليون شرطة نينوى قوة وحيدة مؤهلة لمسك ملف مدينتهم الأمني في مرحلة ما بعد التحرير إذا ما تم تشكيها وفق اسس مهنية بعيداً عن الصراعات السياسية.