منذ ازاحة المدعو نوري كامل من سدة الحكم والتحكم بمصير العراق وبمصير ومستقبل أبناء شعبه على مدى تسع سنوات عجاف , وحتى يومنا هذا مازال الحدث الأبرز الطاغي على الساحة الإعلامية وحديث الناس في عموم العراق والعالم هو حول ملابسات مجزرة قرابين الطيار الأمريكي المجرم ” سبايكر ” وليس قاعدة ” سبايكر “!؟, التي يتغزل باسمه ويتمنطق ويتمشدق به أغلب بيادق شطرنج الاحتلال الأمريكي البغيض والإعلام المأجور , والتي نجزم بأن جميع الشعوب والدول التي تم استهدافها أو غزوها بأقل أو بمثل ما استهدف به العراق على مدى أكثر من عقدين , بذلت جهود وطنية مخلصة ومضنية للتخلص من آثار العدوان والاحتلال ومحو واجتثاث جميع مخلفاته وتسمياته وآثاره السلبية في دساتيرها الوطنية وقواميسها وفي ثقافتها وتاريخها وجغرافيتها , بل وحتى في نفوس أبنائها من خلال نشر ثقافة الوعي والتربية والتعليم للأجيال التي لم تشهد تلك الحقبة , فلربما أول مرة يحدث في تاريخ الحروب والنزاعات وانتهاك السيادة الوطنية لأي دولة ولأي شعب وما يتبعها من احتلال واذلال وخراب ودمار يطلق أبناء .. أمة أو بلد أو حكومة أو جيش أسم قاتل وعدو وغازي على رمز سيادي وطني حتى لو كان على شبر واحد من ترابهم الوطني … إلا في العراق المنكوب والمبتلى منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا , مازالت الحكومة العميلة البائسة تطلق اسم الطيار الأمريكي الذي اسقطت طائرته فوق صلاح الدين إبان حرب عام 1991 على قاعدة جوية عراقية تخليداً لهذا المجرم .
نعم .. فهنالك مجازر أخرى شبيهة بهذه المجرزة وهي مجازر المعتقلين في السجون التي استولت عليها ما يسمى بـ” داعش ” في الموصل وأقضيتها ونواحيها ومنها سجن ” بادوش ” الذي كان فيه آلاف السجناء بغض النظر عن كونه أبرياء أو مدانين , فإن شهادات الناجين الذين يقدر عددهم بين 30 إلى 40 ناجي , تشبه إلى حدٍ كبير أهوال يوم القيامة , ولمن يريد أن يطلع على تفاصيل هذه المجازر يرجى متابعة هذا التقرير الذي نشرته ” هيومن رايتس ووتش ” .
بعد الاستيلاء على سجن بادوش قرب الموصل، قام مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف سابقاً بـ داعش، بفصل النزلاء السنة عن الشيعة، ثم أجبروا الرجال الشيعة على الركوع بطول حافة واد قريب، وأطلقوا عليهم النار من بنادق هجومية وأسلحة آلية، بحسب ما قال 15 سجيناً شيعياً ممن نجوا من المذبحة لـ هيومن رايتس ووتش. وقال الناجون إن المسلحين قاموا كذلك بقتل عدد من النزلاء الأكراد والإيزيديين.
قالت ليتا تايلر، باحثة أولى بقسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: “إن التفاصيل المروعة للمقتلة الجماعية لنزلاء السجن بيد تنظيم الدولة الإسلامية تجعل من إنكار عربدة تلك الجماعة المتطرفة أمراً مستحيلاً. وينبغي أن يدين الناس في أنحاء العالم، من أي عرق أو معتقد، هذه التكتيكات المروعة وأن يمارسوا الضغط على الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة”.
ترقى عمليات الإعدام الميداني الجماعية إلى مصاف جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية على الأرجح، بحسب هيومن رايتس ووتش.
قام مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية باقتحام سجن بادوش يوم استيلائهم على الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، والواقعة على بعد 10 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من السجن. ساق المسلحون ما يصل إلى 1500 نزيل في شاحنات، وقادوهم إلى بقعة صحراوية منعزلة على بعد كيلومترين من السجن، على ما قال الناجون. وكان النزلاء يقضون عقوبات على طيف من الجرائم، تتراوح بين القتل والاعتداء وحتى الجرائم الخالية من العنف.
وقد فصل المسلحون عدة مئات من الرجال السنة وعدداً أقل من الرجال المسيحيين وانطلقوا بهم في الشاحنات، كما قال الشهود. ثم قاموا بسرقة [متعلقات] الشيعة وأهانوهم هم وغيرهم من النزلاء المتبقين، وساقوهم إلى واد وأرغموهم على تشكيل طابور واحد طويل على حافته. وهناك جعلوا النزلاء يحصون أعدادهم في الطابور قبل فتح النار عليهم. ووصف أحد الناجين، وهو أ. س.، حصيلة الموتى:
في البداية قالوا: “على كل شخص أن يرفع يده ويقول رقمه”. وكنت رقم 43. وسمعتهم يقولون: “615”، ثم سمعت أحد رجال الدولة الإسلامية يقول :”سنأكل جيداً الليلة”. وسألنا رجل خلفنا: “هل أنتم مستعدون؟” فرد شخص آخر: “نعم”، وبدأ في إطلاق النار علينا من بندقية آلية. ثم بدأوا جميعاً في إطلاق النار علينا من الخلف، بطول الطابور.
وتحجب هيومن رايتس ووتش أسماء النزلاء الكاملة لحمايتهم من احتمالات التنكيل بهم.
قال تسعة من الناجين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات إنهم سمعوا زملاءهم النزلاء في نهاية الطابور ينادون من الآحاد بعد الخمسمئة وحتى 750. وسمع خمسة منهم أرقاماً بين 615 و680، بينما قال ناجون آخرون إن الإحصاء وصل إلى “المئات”.
وقد أصيب معظم الأشخاص بالرصاص في الرأس والظهر والجنب، كما قال الناجي ح. ك.:
احتكت رصاصة بمؤخرة رأسي وأصابتني رصاصة أخرى في ذراعي وسقطت معتقداً أنني فارقت الحياة وفقدت الوعي إثر ذلك لمدة حوالي خمس دقائق. وحين أفقت وجدت رجلاً مسناً يرقد فوقي كان أصيب بطلقة اخترقت رأسه. وقبل أن يبدوا بأطلاق النار علينا قمت بتقبيل وتوديع الرجال إلى يميني وشمالي لتبريء ذممنا لمعرفتنا أننا سنموت؛ وأخرجت صورة ابنتي وقبلتها. وكنت أدعو الله أن يحفظني من أجلها لأن ليس لي أحد في الخارج.
عاد المسلحون لإجراء جولة ثانية من إطلاق الرصاص حين شاهدوا أحد السجناء يقف، ولم يتوقفوا إلا عند نفاد ذخيرتهم، كما قال الناجون.
وقال الشاهد ف. س.: “كانوا يصيحون: ’هذه عدالتنا!‘ و’هذا حي، أطلق عليه النار ثانية!‘ أصابتني رصاصة، ثم سمعت أحدهم يقول: ’دعونا نرحل فقد نفد رصاصنا‘”.
سقط معظم المصابين في الوادي، كما قال الناجون. ثم أشعل المسلحون النيران في الحلفاء المحيطة بالوادي والتي بداخله، وامتدت النيران إلى الجثث.
وقد قدر الشهود نجاة 30-40 سجيناً، نجا معظمهم عن طريق التدحرج إلى الوادي والتظاهر بالموت، أو لأنهم احتموا بجثث سجناء آخرين سقطت فوقهم. وقال الناجون إن عدة رجال جرحوا بفعل الرصاص وتوفوا لاحقاً أثناء محاولة الابتعاد زحفاً أو على الأقدام.
وقام مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية باقتياد السجناء الذين زعموا أنهم سنة أو مسيحيين لمدة 4 ساعات إلى بقعة صحراوية أخرى، كما قال رجل سني كان ضمن المجموعة لـ هيومن رايتس ووتش. وقد عجز الرجل عن تحديد مكان البقعة، لكنه قال إن بعض أفراد المجموعة كانوا يعتقدون أنها بمحافظة الأنبار العراقية، بينما ظن آخرون أنها قد تكون في سوريا. قال الشاهد إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أخذوا 50-100 رجل من تلك المجموعة في الليلة الأولى، بزعم أنهم شيعة ينتحلون الانتماء إلى السنة. وقال إنهم لم يعودوا. وبعد 3 أيام قاد مقاتلو التنظيم البقية عائدين بهم إلى الموصل وهناك أطلقوا سراحهم، كما قال.
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 15 من الشيعة الناجين، و4 آخرين من نزلاء سجن بادوش، في إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم شبه ذاتي، حيث استسلموا للسلطات المحلية أو أمسكت بهم السلطات في أعقاب فرارهم من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. تمت المقابلات في سجنين كانت السلطات الكردية العراقية تحتجز فيهما هؤلاء الرجال. واستعرض جميع السجناء الشيعة تقريبا آثار رصاص أو حروق قالوا إنهم أصيبوا بها أثناء المذبحة.
وكان الناجون الجرحى قد تلقوا الرعاية الصحية. وقال جميع الناجين العرب إنهم يريدون نقلهم إلى سجون خارج كردستان العراق لأن معظم أقاربهم عاجزون عن الوصول إليهم في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية. وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول، قالت حكومة إقليم كردستان إن النزلاء الذي كان قد تم نقلهم إلى سجون أخرى تديرها الحكومة العراقية المركزية ومازالت واقعة داخل كردستان العراق.
قال 12 من النزلاء لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين والحراس في سجن بادوش كانوا قد هجروا مواقعهم عشية اقتحام تنظيم الدولة الإسلامية للسجن.
ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش ولا مسؤولي الحكومة العراقية من الوصول إلى سجن بادوش أو موقع المقتلة المزعومة لأن المنطقة لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقد قام التنظيم على نحو ممنهج بقتل وخطف وطرد مسلمين شيعة وأقليات دينية وعرقية أثناء اجتياحه العسكري للعراق، كما قام بتزويج سيدات وفتيات إيزيديات قسراً لمسلحيه.
وفي اليوم التالي لمذبحة 10 يونيو/حزيران، نفذ مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية مقتلة جماعية مشابهة للجنود الشيعة في مدينة تكريت، على بعد 225 كيلومتراً جنوب بادوش. زعمت الجماعة أنها أعدمت 1700 جندي شيعي في تلك المقتلة، ونشرت مقاطع فيديو على الإنترنت تصور مسلحيها وهم يطلقون النار على مئات من الرجال الأسرى.
وقد توصل تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش، يتضمن تحليلاً لصور الأقمار الصناعية، إلى أدلة قوية على وفاة 560-770 أسير، وكلهم أو معظمهم على ما يبدو من جنود الجيش العراقي، في تلك المذبحة، كما لم يستبعد التحقيق احتمال وفاة كثيرين غيرهم.
ووثقت هيومن رايتس ووتش عمليات إعدام تبدو غير مشروعة لما لا يقل عن 255 سجين سني في 6 مدن وقرى عراقية في يونيو/حزيران بأيدي قوات الحكومة العراقية، التي تتكون غالبيتها من الشيعة، وبأيدي مليشيات شيعية موالية للحكومة.
وقد أمر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول بإجراء تحقيق أممي في الجرائم التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، وينبغي لهذا التحقيق أن يتضمن المذبحة المرتكبة قرب سجن بادوش لتحديد المسؤولين عنها وضمان محاسبتهم، بحسب هيومن رايتس ووتش. ويجب على تحقيق الأمم المتحدة أيضاً أن يوثق الجرائم الكبرى التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية والمليشيات الشيعية الموالية لها، بما في ذلك الغارات الجوية العشوائية عديمة التمييز، وعمليات الإعدام الجماعي للسجناء السنة والإعدامات الميدانية للسنة في أرجاء البلاد.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن التحقيق الأممي ينبغي أيضاً أن يفحص ما إذا كان بوسع السلطات العراقية بذل المزيد من الجهد لحماية سجناء بادوش وسكان الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.
قالت ليتا تايلر: “رغم أن أي قدر من الإهمال الحكومي لن يمثل عذراً لفظائع الدولة الإسلامية، إلا أن على السلطات بذل كل ما بوسعها لحماية الشيعة وغيرهم من الذبح. وعلى السلطات العراقية فضلا عن ذلك أن ترتب بأسرع وقت ممكن لنقل الناجين من تلك المذبحة إلى سجون في أماكن أخرى من العراق يمكنهم فيها الحصول على زيارات عائلية منتظمة”.
روايات الشهود
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات فردية ومنفصلة مع 11 من الناجين الشيعة ومع النزيل السني الذي أفرج عنه تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك مع ثلاثة من نزلاء سجن بادوش، من بينهم إيزيدي واحد واثنين من السنة، الذين أفلتوا من الأسر صبيحة 10 يونيو/حزيران. وقدم الجميع تفاصيل وروايات متسقة. كما أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة جماعية مع 4 سجناء شيعة آخرين، فوصفوا بدورهم قيام التنظيم بفصل السجناء السنة عن الشيعة وقتل الشيعة.
قال الناجون الشيعة والسنة إن معظم أقاربهم لم يتمكنوا من زيارتهم في كردستان العراق بسبب خطر المرور بمناطق النزاع للوصول إليهم، وكذلك القيود التي تفرضها حكومة إقليم كردستان العراق على دخول العرب إلى كردستان العراق منذ استيلاء الدولة الإسلامية على مساحات شاسعة من العراق.
وقد اتفقت أوصاف الشهود لعملية إطلاق النار الجماعية مع نتائج بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، التي خلصت إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية قتل ما يصل إلى 670 من نزلاء بادوش الشيعة قرب السجن في 10 يونيو/حزيران.
فرار الحراس ودخول أفراد التنظيم
في اليوم السابق على الهجوم لم يقدم حراس السجن في بادوش للنزلاء طعاماً يذكر، ثم فروا في منتصف الليل، كما قال الناجون والرجال الثلاثة الآخرون الذين كانوا سجناء في بادوش آنذاك.
وفي توقيت الهجوم، كان السجن يؤوي ما يزيد على 3000 سجين في عنبرين كبيرين، أحدهما للجنايات والآخر للجنح، بحسب أقوال الشهود وكذلك مسؤولي السجون والمخابرات في كردستان العراق الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش. وكان بالسجن قسم منفصل للإيزيديين والمسيحيين وغيرهم من الأقليات العرقية والدينية.
في 9 يونيو/حزيران حصل معظم السجناء على قطعة خبز واحدة ولم يحصلوا على مياه معبأة، كما قال النزلاء. وقال سجين واحد هو ح. أ. إن أحد الحراس أخبره بأن الطعام نفد من السجن لأن القتال منع وصول شاحنات التوريد من الموصل. وقال عدد من الشهود إنه مع تعالي أصوات القتال في تلك الليلة، قام الحراس بإغلاق أبواب زنازين السجناء بأقفال ثلاثية، ووصف ح. أ. فزع السجناء:
كنا عاجزين حتى عن دخول الحمام. وبدأ المحتاجون إلى أدوية وسطنا في الصياح والصراخ لأننا لم نحصل على أقراصنا. كان هناك نحو 50 منا يصرخون في زنزانتنا. وكنا نصيح لطلب الماء أيضاً. لم يكن أمامنا للشرب سوى مياه الصنابير الملوثة. ولم يرد علينا أحد.
وقال سجين آخر، هو أ. ج.: “لم نعد نرى الحراس بعد منتصف الليل .. لقد فروا”. ومر براحة يده على الأخرى في حركة تدل على الفرار.
وقبل الفجر، جاء الحراس إلى زنزانة الإيزيديين التي تضم 90 نزيلاً وقالوا إنهم سيرحلون، بحسب السجين الإيزيدي ر. ك.
كان الحراس قد استبدلوا بثيابهم ثياباً مدنية، وقالوا لنا: “الموصل سقطت في أيدي الدولة الإسلامية. فروا إذا استطعتم”. لكن باب الزنزانة كان موصداً. وسادت الفوضى بالداخل. كنا نظن أن تنظيم الدولة الإسلامية إذا دخل سيقطع رؤوسنا جميعاً، لأننا في ذلك القسم كنا مسيحيين وأكراد وإيزيديين.
قال السجناء السابقون إنهم سمعوا قصفاً عنيفاً على مدار الليل، وبين الساعة 6 و8 صباحاً، كما قالوا، اقتحم مقاتلو الدولة الإسلامية السجن وكسروا أبواب الزنازين بمعونة النزلاء من أفراد التنظيم. وقد تمكن من النجاة العديد من السجناء الذين فروا على الفور، ومنهم ر. ك. أما من خرجوا في حوالي العاشرة صباحاً فقد وجدوا السجن محاطاً بالعشرات من مسلحي التنظيم، على الأقدام وفي عشرات من سيارات الشرطة العراقية وسيارات “همفي” وغيرها من المركبات العسكرية، التي افترضوا أن المسلحين اغتنموها من جنود الحكومة العراقية وشرطتها.
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع العشرات من سكان الموصل ومسؤولي إنفاذ القانون بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول فقالوا إن قوات الأمن العراقية فرت من الموصل قبل أن يدخل تنظيم الدولة الإسلامية المدينة.
تنظيم الدولة الإسلامية يطوّق النزلاء
شرع مسلحو التنظيم على الفور في تطويق نزلاء السجن الذين حاولوا الخروج وحاصروهم داخل ساحة السجن، كما قال 14 شاهداً لـ هيومن رايتس ووتش. كما استعاد المسلحون سجناء كانوا يحاولون الهرب على طريق رقم 1، وهو الطريق الرئيسي للخروج من السجن، بحسب الشهود.
وقال الشاهد س. س.: “كان أفراد التنظيم يطلقون النار على أقدام أي شخص يحاول استيقاف سيارة، وإذا ركب الشخص السيارة بالفعل فإنهم كانوا يوقفون السائق ويجبرون السجين على النزول”.
وكان جنود التنظيم يرتدون ثياباً تتراوح من زي المران الرياضي والدشداشات إلى الأزياء السوداء بالكامل أو المموهة، بحسب الناجين. وكان معظم المسلحين من عرب العراق، لكن بعضهم كان يتكلم العربية بلكنة أجنبية بحسب قولهم.
جمع المسلحون ما يصل إلى 1500 من النزلاء في تقدير الشهود، وقال اثنان من الناجين إنهم شاهدوا المسلحين يعدمون 3 أو 4 سجناء ممن قدموا أنفسهم على أنهم شيعة ميدانياً بالرصاص في ساحة السجن.
كما قام المقاتلون بالبحث دون نجاح عن 3 سجناء كانوا ينادون أسماءهم في مكبر للصوت، بحسب 3 من الشهود. وبعد ذلك استولى المسلحون على 3 شاحنات كانت تمر على الطريق رقم 1، بحسب الشهود، وبينها شاحنات حاويات ذات 18 عجلة.
وقال بعض الشهود إنهم رأوا 5 أو 6 شاحنات، بينما قال آخرون إنهم رأوا ما يصل إلى 9. وقالوا إنه في أواخر الصباح ـ كانت الساعة 11 صباحاً في تقدير 3 سجناء أجريت المقابلات مع كل منهم على انفراد ـ قام المقاتلون بشحن السجناء في الشاحنات. قال الشاهد ف. س. لـ هيومن رايتس ووتش: “قالوا لنا: ’سنأخذكم إلى دياركم‘. ثم أرغمونا على ركوب الشاحنات”.
وقام المقاتلون بقيادة السجناء على طريق رقم 1 إلى بوابة الشام، على بعد 4 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من سجن بادوش، بحسب الناجين. وقال الناجي ن. ح.: “كانوا يستعرضوننا أمام المارة، متظاهرين بأنهم حررونا من أسر الحكومة العراقية. وكان الناس يشيدون بهم لأنهم أنقذونا”.
ولكن الشاحنات استدارت عندئذ في اتجاه العودة إلى السجن، كما قال الناجون، وبعد نحو كيلومتر واحد انحرفت يساراً داخل الصحراء على طريق لا يزيد عن مدق على الرمال.
وقال نزيلان آخران تمكنا من الفرار في بداية استيلاء التنظيم على سجن بادوش لـ هيومن رايتس ووتش إن مسلحي التنظيم كانوا قد جمعوهم مع آخرين على جانب الطريق أو في قرية بادوش القريبة، ثم شحنوهم في شاحنات انحرفت بدورها عن طريق 1 إلى داخل الصحراء.
وبعد مسافة قصيرة قدرها بعض الناجين بنحو 800 متر إلى كيلومتر واحد من طريق 1، توقفت الشاحنات وأمر المسلحون جميع السجناء بالتجمع على جانب المدق.
لم يكن السجناء متأكدين بدقة من الطريق أو المسافة إلى موقع المقتلة، وقد قدم البعض روايات مختلفة قليلاً عن كيفية الوصول إلى هناك. وقال الجميع إنهم ليسوا من المنطقة وكانوا في حالة صدمة أثناء الرحلة. وقال أحد باحثي هيومن رايتس ووتش العراقيين إن آخرين من نزلاء بادوش الذين فروا يوم 10 يونيو/حزيران قالوا له إن التنظيم قام بقتل نزلاء شيعة أيضاً في موقعين آخرين قريبين في ذلك اليوم.
فصل السنة عن الشيعة
فور الوصول إلى الصحراء، قامت مجموعة من 20-40 مسلحاً بفصل العرب السنة عن بقية السجناء من الطوائف أو الأعراق الأخرى، بحسب الناجين الشيعة الـ12 وشاهد واحد سني.
وبدا أن ملتحياً يرتدي دشداشة هو القائد، كما قال العديد من الشهود. قال ستة إنهم اعتقدوا أن الرجل أفغاني بسبب لكنته وطراز ثوبه. وقالوا إن المسلحين كانوا ينادون الرجل بلقب “الحاج”، دلالة على الاحترام. ووصف الشاهد م. ر. أوامر “الأفغاني”:
كان يجلس في سيارة شرطة وينادي علينا من مكبر للصوت. وقال: “على السنة أن يقفوا على جانب، والشيعة والإيزيديون والأكراد على الآخر. وإذا وجدت شيعياً وسط السنة سأقطع رأسه بصفيحة معدنية”.
وأثناء استجواب سريع عن العقيدة والأسماء ومسقط الرأس وتفاصيل أخرى من جانب المسلحين، قدم نحو نصف الرجال أنفسهم على أنهم سنة. فقام المسلحون بشحن هؤلاء في 4 أو 5 شاحنات وانطلقوا بهم بعيداً، كما قال الشهود. وقال 3 شهود إن هؤلاء الذين اقتيدوا بعيداً كان بينهم ما يصل إلى 100 شيعي ينتحل صفة السنة.
وقال ح. ك. إن المقاتلين ضموا 15-20 كردياً وإيزيدياً إلى مجموعة الرجال الشيعة، ومنهم صبيين إيزيديين كانا محتجزين في قسم الأحداث بسجن بادوش. وقال سجين آخر إن رجلاً مسيحياً واحداً كان بدوره وسط هؤلاء الذين فصلوا عن السنة.
وبقي نحو نصف المقاتلين لحراسة السجناء الباقين الذين بلغ عددهم عدة مئات، كما قال الناجون. وتذكر الشاهد س. س. أن أحد الخاطفين قال: “لا تقلقوا يا إخوتي، سنلم شملكم على عائلاتكم”. وقال المسلحون للسجناء إنهم يتفاوضون مع السلطات العراقية لمبادلتهم بسجناء سنة محتجزين لدى القوات الحكومية، كما قال ثلاثة من الناجين لـ هيومن رايتس ووتش.
الإهانة والسرقة
قام مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية بإهانة السجناء الباقين بإطلاق الافتراءات الدينية، متهمين الشيعة بالخضوع لرئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت نوري المالكي، كما قال الناجون. ثم سرقهم المقاتلون.
قال أ. ج.: “أخذوا منا كل شيء ـ النقود والساعات والخواتم وبطاقات الهوية. وحين أرغمونا على التخلي عن كل متعلقاتنا، أدركت أنهم سيقتلوننا”.
وقال السجناء إنهم في ذلك الوقت كانوا يشعرون بالهزال، إذ لم يحصلوا على طعام أو شراب لما يقرب من 24 ساعة. وكان المقاتلون قد قالوا للسجناء إنهم يأخذونهم لإحضار طعام ومياه عندما انحرفوا داخل الصحراء، كما قال الشاهد س. س.، ولكن عند الوصول قالوا لهم: “ستجدون الماء في الجنة”.
وقال الناجون إن المسلحين أمروا الشيعة وبقية الأسرى الآخرين، عند الظهيرة تقريباً، بالسير في أزواج طوال عدة أمتار من جانب المدق الصحراوي نحو واد هلالي الشكل يبلغ عمقه 2-4 أمتار. وأرغم المسلحون السجناء على الركوع في طابور واحد بطول الحافة المقوسة للوادي.
وأطلق أفراد التنظيم النار على النزيل الأول فأردوه بعد سقوطه، كما قال أ. س.، الذي كان بجوار الرجل:
كان مرهقاً وضعيفاً من الجوع والعطش حتى أنه بدأ ينزلق إلى الوادي. أمروه بالعودة لكنه أشاح بيديه رافضاً. فقال أحد رجال التنظيم: “اقتلوه”. وهكذا أطلق آخرون من أفراد التنظيم النار عليه في جنبه، ثم في عنقه.
وقام المسلحون، الذين كان اثنان منهم على الأقل ملثمين، بجعل كل سجين يصيح برقمه في الطابور، من طرف إلى طرف. وقال خمسة ناجون إنهم سمعوا السجناء أو المسلحين ينادون بأرقام بين 615 و680. وقال ثلاثة آخرون إنهم سمعوا الإحصاء يصل إلى الآحاد بعد الخمسمئة، وقال رجل واحد إنهم سمع رقم 750.
وقال الناجي ن. ح. الذي حمل رقم 106 إن الكثيرين من المسلحين كانوا شباباً و”بعضهم متوترين”. وقال إن السرور كان يبدو على آخرين، ومنهم واحد تظارف في نهاية الإحصاء قائلا: “إنه قطيع لا بأس بحجمه”.
وقال عدد من الناجين إنهم شاهدوا رجلاً يصور الأحداث بكاميرا فيديو، إلا أن هذه المذبحة لم تنشر لها مقاطع على الإنترنت.
“دعونا نقتلهم كلهم معاً”
قال ثلاثة شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن المسلحين بدوا وكأنما يتلقون الأوامر من أجهزة لاسلكي، وكانوا في بعض الأوقات غير واثقين من كيفية التصرف. قال الناجي ن. ح.:
في البداية قالوا، لنقتلهم كل اثنين دفعةُ واحدة، ومن ثم قالوا لنقتلهم كل عشرة في دفعة واحدة، ومن ثم قالو؛ لنقتلهم جماعياً.
وقال الناجي س. س. إنه سمع المسلحين يتناقشون فيما إذا كان يجب قطع رؤوس السجناء:
وضع أحدهم سكينه على رقبة نزيل، بنية ذبحه، لكن الرجل الآخر قال: “عددهم كبير وأعدادنا لا تكفي، فدعنا نقتلهم بالرصاص”. وهكذا ذهب إلى الأول وأطلق عدة طلقات على ظهره. ثم فتحوا النار علينا جميعاً.
وقال ن. ح. إنه حين بدأ المسلحون في إطلاق النيران، “بدأت أفكر: ’هل مت بالفعل؟‘ وتدافعت صور عائلتي في ذهني، وبدأت في تلاوة الشهادة “. وفي تلك الأثناء كان بعض المسلحين يتغنون بالشهادة بدورهم ويصيحون: “الله أكبر!”، كما قال الناجون.
وقال ن. ح.: “كنا وكأننا جميعاً شيء واحد”، في تلميح إلى الصلوات المتزامنة للأسرى والخاطفين معاً، “لكنهم كانوا يقتلوننا”.
وتمكنت مجموعة من نحو 17 سجيناً، قرب نهاية الطابور، من الفرار عندما بدأ إطلاق النيران، كما قال أحدهم، وهو أ. ج.، لـ هيومن رايتس ووتش:
بدأوا في إطلاق النار علينا، وقتل بعض أصدقائي أو أصيبوا بالرصاص. احتكت رصاصة برأسي. وكان أفراد التنظيم يحيطون بنا، لكن بعضهم كانوا أمامنا وكانوا يخشون أن يصاب رجالهم برصاصاتهم، فاضطروا للتراجع إلى خلفنا. وحين رأينا هذا واصلنا الجري. وسقطت عدة مرات.
وقال أ. ج. إنه التصق بالأرض فيما كان أفراد التنظيم يفتشون الصحراء بالسيارات بحثاً عن الناجين. “سمعت طلقتين، وبعد رحيل التنظيم رأيت جثتي اثنين من أصدقائي. ظللت أجري حتى وصلت إلى شارع. ورأيت سيارة واستوقفتها”.
وبينما كان المسلحون يمطرون طابور الرجال الراكعين بالرصاص، كان الموتى والجرحى يهوون في الوادي، كما قال الشهود. وقال معظم الشهود إنهم نجوا عن طريق التدحرج إلى الوادي مع الموتى.
لكن بعد إطلاق الرصاص على كل من كان بالطابور، نزل المسلحون إلى الوادي أيضاً، كما قال الناجون. وقال الناجي أ. أ. إن الرجال أطلقوا النار عليه وعلى صديق من السجن كان يرقد بجواره:
كان وجهي في الرمال. سمعت خطوات رجل التنظيم. كان يقف فوقي وأطلق النار على الرجل الراقد بجواري في رأسه. وأطلق النار عليّ أيضاً لكن الرصاصة أصابت ساعدي الأيمن. سمعت حشرجة احتضار. وشعرت بشيء يتسلل من تحتي. كان دافئاً. كانت دماء صديقي حيدر. أخذت بعض تلك الدماء ولطخت بها وجهي ورأسي حتى إذا عادوا يظنونني ميتاً.
وقال الناجي أ. س. لـ هيومن رايتس ووتش إنه استخدم مدية صغيرة كان قد تمكن من إخفائها عن المقاتلين لإحداث جروح برأسه وعنقه حتى تجعله الدماء يبدو وكأنه أصيب بالرصاص. وقال إنه رفع رأسه بعد رحيل المقاتلين:
فرأيت جثة دون ساق، وأخرى منسوفة الرأس. صعد رجل إلى تلة قريبة ليرى أين ذهب تنظيم الدولة الإسلامية. ولمحت إحدى سياراتهم الرجل، فاستداروا عائدين. وعاودنا السقوط على الأرض. وبدأوا في إطلاق النار علينا من جديد. ثم قال أحد رجال التنظيم للآخرين “دعونا نرحل، لقد نفدت ذخيرتنا”.
إحراق موقع المذبحة
بعد المقتلة قام المسلحون بإشعال النار في نباتات الحلفاء على الأرض وفي أكوام منها، كما قال الناجون لـ هيومن رايتس ووتش. وامتدت النيران سريعاً وبدأت تلتهم بعض الرجال حديثي الوفاة، كما قالوا.
قال الناجي م. أ. إنه شاهد 12 من مسلحي التنظيم، 10 ببنادق آلية و2 ببنادق “إيه كيه 47” الهجومية، يقومون بالجولة الأخيرة:
كان الوادي في منطقة زراعية محصودة حديثاً. وتمثل مخلفات الحصاد علفاً للمواشي، كما أنها تشتعل كالوقود. أطلقوا النار على الأرض فاشتعلت المنطقة المحيطة بنا. وانتشرت النار سريعاً. بل إنهم أشعلوا النار في الحصاد المكوم على التلة. كنا محاصرين ومعزولين.
وقال م. أ. إن المسلحين أطلقوا الرصاص عليه وأحرقوه حين أشعلوا النار:
استخدموا خشباً صنعوا منها شعلةً من النار؛ ليحرقوا بها الجثة حتى يعرفوا أن الشخص قد مات أم مازال به نفس. فلما وصلوا إلي، قال شخص من تنظيم الدولية الإسلامية “داعش” الإرهابي، لشخص آخر: هذا الشخص ما زال به نفسٌ، في حين أني كنت مصاباً بطلقة واحدة في ذراعي، قاموا بإطلاق رصاصتين على قدمي اليسرى- في عضلة القدم اليسرى. وبعدها ذهبوا، ومن ثم عادت مجموعة ثانية من أولئك الذين نزلوا إلى الوادي للتأكد تأكداً تاماً من انتهاء أمر الجميع وقاموا يحرقون الجثث باستخدام الشعلة النارية الخشبية التي تحدثت عنها. وحين حان دوري وضعوا الشعلة النارية في قدمي اليمنى، وبقيت النار مشتعلة في قدمي في وقت كنت مضطراً لتحمل الألم لكي لا يعرفوا أني ما زلت على قيد الحياة. وحين رأوني على هذا الحال، قال أحدهم للآخر، بأن هذا الرجل انتهى أمره، اتركه واذهب للتالي.
أطلع م. أ. هيومن رايتس ووتش على آثار جراح الرصاص في فخذه وذراعه، وندبة حرق على كاحله، قال إنها نجمت عن الهجوم. وقال هو ومسؤولي السجن في كردستان العراق، حيث أجرت معه هيومن رايتس ووتش المقابلة، إنه خضع لخمسة عمليات جراحية بسبب جروحه.
الناجون 30-40 فقط
قال الشهود إن 30-40 سجيناً فقط نجوا من إطلاق النيران، وكان بينهم ثلاثة إيزيديين ومسيحي واحد، بحسب الناجي س. إ.
ووصف الناجون رؤية سجناء يموتون بعد ساعات متأثرين بجروحهم، لأن ضعفهم الشديد منعهم من الهرب. قال م. أ.: “كانت الشمس ملتهبة السخونة. ومن لم يمت بالرصاص أو الحريق، مات عطشاً”.
قدم الناجون روايات مروعة عن فرارهم، وقال بعضهم إن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية طاردوهم بالسيارات عبر الصحراء. قال ف. س. إن السجناء شربوا البول للبقاء على قيد الحياة:
أخذت بضعة خطوات وسقطت على الأرض لأنني كنت أفقد الكثير من الدماء. كنت مع مجموعة من 11 ناجياً. ولم يتعرض أحدهم للرصاص، فساعدني على السير. جلسنا تحت جسر. كان الرجل الذي ساعدني يجمع بوله في قارورة. وشربنا جميعاً من البول. لولا هذا لمتنا عطشاً.
وقال بعض الناجين إن بعض السنة المحليين خاطروا بأرواحهم لمعاونتهم على الهرب. وفي النهاية استسلموا جميعاً لقوات الأمن الكردية أو أسرتهم تلك القوات.
اقتياد السنة إلى البقعة الصحراوية الثانية
تولت مجموعة من المقاتلين اقتياد المئات من سجناء بادوش الذين زعموا أنهم سنة، إضافة إلى عدد أصغر من المسيحيين، إلى بقعة صحراوية ثانية، على ما قال رجل سني كان وسطهم لـ هيومن رايتس ووتش. وكان الموضع الجديد يبعد نحو 4 ساعات بالسيارة عن بادوش، بحسب قوله. قال الشاهد، الذي طلب حجب هويته: “كنا نرتعد خوفاً. وتوفي أربعة سجناء، بينهم رجل كبير السن، من العطش والحر أثناء الرحلة”.
وقال الشاهد إن قوات التنظيم احتفظت بالرجال في تجمع من الأكواخ الطينية. وقال إن الخاطفين قاموا، بمعونة السجناء السنة، بفصل من ظنوهم شيعة ينتحلون صفة السنة، وأخذوهم بعيداً عند الغروب. وقال إنه وغيره من الأسرى لم يروا الرجال الشيعة ثانية، ويخشى أن مقاتلي التنظيم قد قتلوهم.
قال الشاهد إنه لم يكن يعرف مكان الأكواخ الطينية، حيث اعتقد بعض أفراد المجموعة إن رجال التنظيم أخذوهم إلى محافظة الأنبار العراقية، إلى الغرب من بغداد، بينما ظن آخرون أنهم ربما يكونون في سوريا. وبعد 3 أيام أعاد المقاتلون شحن السنة والمسيحيين في شاحنات واقتادوهم في رحلة مدتها 3 ساعات عائدين إلى الموصل، حيث أطلقوا سراحهم بحسب قوله.
قال سجينان آخران لـ هيومن رايتس ووتش إنهما سمعا روايات مماثلة من نزيلين سنيين آخرين من سجن بادوش، كانا محتجزين معهما في كردستان العراق بعد أن أطلق تنظيم الدولة الإسلامية سراحهم. وقد رفض هذان السجينان السنيان طلب إجراء مقابلات معهما.