-1-
من أشد السنوات وطأةً على العراقيين ، السنوات الثمان التي سيطرت فيها الحكومة السابقة على مقاليد الأمور (2006-2014) في العراق.
وطفت على السطح مظاهر رهيبة كان الاستحواذ الكامل على السلطة أبرز ملاحمها ، وارتفعت مناسيب الفساد المالي والاداري – لتشكّل مع استفحال الارهاب وجرائم التكفيريين المرعبة ، والتي انتهت بتدنيس (داعش) لثلث التراب العراقي الطاهر وأوقعت من الفظائع في الارواح والمقدّسات والممتلكات ما جعل الوطن والمواطنين أمام أعظم التحديات الخطيرة – انعطافة خطيرة كبرى في تاريخ العراق لم يشهدها من قبل على الاطلاق .
وكل ذلك لم يوقف السعي الحثيث لنيل الولاية الثالثة ، والتي لم تكن تعني الاّ الدمار الكامل لما تَبَّقى للعراق المنكوب بِمَنْ لا يُحسن الاّ فنّ الفشل …
والويل ثم الويل لمن يُعلن معارضته للولاية الثالثة ، ولقد آثر معظم السياسيين المحترفين الوقوف على التل بانتظار ما ستسفر عنه نتائج ذلك المسعى المحموم …
-2-
رُتبت الأمور بدّقة …
وَوُزِعت الأراضي والأموال …
وتَمَّ استنفار أجهزة الدولة باتجاه الانحياز للولاية الثالثة …
واستُغِلت المواقع والمناصب الرسمية أبشع استغلال للوصول الى تلك
الغاية …
وكانت السيارات الحكومية تباشر مهماتها الموَكلة اليها عَلَناً ودون حياء..!!
هذا فضلاً عن المال العام الذي أُنْفِقَ بسخاء وكأنه مال شخصي موروث…!!
-3-
وفي ظلّ تلك الأجواء ، علا صوت المرجعية الدينية الرشيدة متمثلةً بسماحة السيد السيستاني –دام ظله- ، ليضع النقاط على الحروف ، حتى انه – دام ظله – طالب برئيس (جديد) لمجلس الوزراء ، الأمر الذي لا يقبل جدلاً أو تأويلاً .
وبناءً على هذا الموقف السديد حُسم امر التغيير،
ووقى الله العراق شر الولاية الثالثة .
-4-
وقد استقبل سماحتُه رئيس مجلس الوزراء الجديد الدكتور حيدر العبادي، في اشارة واضحة منه تَظهر دعمه واسناده …
-5-
والسؤال الآن :
هل فكّر الذين يُطالبون بابتعاد ” المرجعية ” عن التدخل في الشؤون السياسية بتغيير مواقفهم ؟
أم أنهم ما زالوا على مواقفهم السابقة ؟!!
انهم لم يستطيعوا ازاحة الكابوس ، ولم تتِم الإزاحة الاّ بتدخل مباشر من المرجعية العليا .
انّ عليهم ان يدركوا أنَّ أهمّ ما تعنى به المرجعية الدينية العليا هو الحفاظ على مصالح البلاد والعباد ، فالمرجعية هي الحصن الواقي للأمة مما يتهددها من أخطار وأزمات .
ورحم الله السيد جعفر الحلي الذي خاطب المرجع الأعلى في عصره بالقول :
يا حاكماً لم يخف عزلاً لمنصبه
لكنْ متى شاء فالحكّامُ تنعزلُ
مُرْ وأنْه واحكم فأنت اليوم مُمْتَثَلٌ
والأمر أمرُك لا ما قالتِ الدُولُ
-5-
وانّ فتوى المرجعية (بالجهاد الكفائي) هي الأخرى نقطة مضيئة في سجل المواقف الرائدة التي اتخذتها المرجعية لصيانة البلاد، ودحر الاعداء الأوغاد .
-6-
وهكذا تتواصل حلقات الاشراق في مسار المرجعية الدينية العليا ، ابتداءً بقيادتها الأمة في ثورة العشرين، وانتهاءً بمواقفها الرصينة الراهنة .
ومن هنا :
كان المساس بها خطاً أحمر لا يعبّر الاّ عن جهل أو حقد