23 نوفمبر، 2024 5:11 ص
Search
Close this search box.

قراءة في ماهية الديمقراطية (المقومات.. التحديات.. الأفاق المستقبلية)

قراءة في ماهية الديمقراطية (المقومات.. التحديات.. الأفاق المستقبلية)

مقدمة
أرتبط مفهوم الديمقراطية وتطورها بتطور المجتمع البشري، وان أسلوب الإنتاج السائد في المجتمع هو الذي يحدد طبيعة وهدف الديمقراطية، ويعد شكل الملكية هو المفتاح الرئيس لفهم وتحديد طبيعة النظام الحاكم ومحتوى الديمقراطية، وهناك علاقة وثيقة بين شكل الملكية والديمقراطية ولا يمكن الفصل بينهما.
 تعد مسألة الديمقراطية من إحدى أهم واعقد المسائل التي تواجه الشعوب وقواها السياسية اليوم، وان الموقف من الديمقراطية ينبغي إن ينظر إليه من زاوية وهي إن الديمقراطية لا يمكن إن تكون مفهوماً وإطارا عاماً بلا حدود وبلا ضوابط، فإذا جرى التعارف اليوم على إن مفهوم الديمقراطية يعني حكم الشعب، وهذا المفهوم ينطبق حصراً على المجتمعات اللاطبقية، فالديمقراطية كانت ولا تزال تحمل طابعاً طبقياً وإيديولوجيا في آن واحد.
هناك بعض التساؤلات المشروعة حول مستقبل الديمقراطية في العراق، ومنها: هل إن قادة الأحزاب السياسية المتنفذين في الحكم وغيرهم يؤمنون بالديمقراطية، وبالتداول السلمي للسلطة قولاً وفعلاً؟ هل لدينا سلطات حكم ديمقراطية حقيقية وهناك فصل فيما بينهما وبدون تدخل على هذه السلطة أو تلك؟ هل تواجه الديمقراطية اليوم مخاطر جدية تؤدي إلى انتكاسها وفناؤها والتحول إلى نظام ديكتاتوري من نمط جديد؟
المحور الأول: الديمقراطية- ماهيتها وتطورها التاريخي
 إن الديمقراطية- تعني شكل من الحكم السياسي، من السلطة الحكومية يتميز بمشاركة المواطنين في الإدارة وبتساويهم أمام القانون، وبتوفير قدر معين من الحقوق والحريات، وان التاريخ لم يعرف الديمقراطية العامة، بل شهد أشكالا مختلفة من الديمقراطية، وان طبيعة النظام القائم هو الذي يحدد شكل ومضمون الديمقراطية في المجتمع، وان الديمقراطية كانت ولا تزال تحمل طابعاً طبقياً ومنحازاً لصالح الطبقة الحاكمة والقابضة على السلطة السياسية والاقتصادية في المجتمع.  أن الديمقراطية في المجتمعات الطبقية في المجتمع العبودي والإقطاعي  والرأسمالي كانت ولا تزال تحمل طابعاً طبقياً وهي عكست وتعكس ديمقراطية الأقلية الحاكمة، ديمقراطية النهب والاستغلال والاستحواذ على ثروات الشعوب، وان المواطن في ظل هذه الديمقراطية الطبقية يفقد أهم حقوقه الرئيسة والمشروعة وفي مقدمتها حقه في العمل، حقه في التعليم والعلاج والسكن المجاني وغيرها من الحقوق الأخرى.  إن الديمقراطية في المجتمعات الطبقية وخاصة في المجتمع الرأسمالي، ما هي إلا شكل من أشكال ديكتاتورية الطبقة الرأسمالية الحاكمة، يتم استخدامها وفقاً لمصالحها وأهدافها السياسية والاقتصادية والإيديولوجية وان شعارات  (( الديمقراطية وحقوق الإنسان..) ما هي إلا شعارات يراد بها خداع وتضليل الجماهير من اجل تحقيق أهداف محددة تكون في خدمة مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة بالدرجة الأولى.
    أن ازدواجية المعايير أو أسلوب الكيل بمكيالين حول مفهوم الديمقراطية ما هو ألا دليل حي وملموس على ذلك، وتستخدم هذه الشعارات كأدوات ضغط سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية ضد الدول والشعوب الرافضة للنهج الأمريكي بهدف ترويضها أو تقويضها، وان ما حدث ويحدث في البلدان العربية تحت سيناريو ما يسمى بالربيع العربي، إلا دليل حي وملموس من اجل تحقيق أهداف متعددة لصالح الامبريالية الأمريكية بالدرجة الأولى، ويعكس مأزق وأزمة النظام الرأسمالي العالمي بشكل عام والنظام الرأسمالي الأمريكي بشكل خاص. أن من أهم السمات والخصائص التي تتميز بها الديمقراطية الطبقية هي تكريس هيمنة الطبقة البرجوازية على السلطة والاقتصاد والإعلام، وكما تكرس وتعمق التفاوت الاقتصادي- الاجتماعي في المجتمع، وهي تنتج البطالة  والفقر وتفشي الجريمة داخل المجتمع، وكما تؤجج الصراعات والنزاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية… وتدفع المجتمع والاقتصاد في مأزق وأزمات حادة وعامة وشاملة ومتكررة.
     إن السمة الرئيسة للديمقراطية البرجوازية في النظام الرأسمالي وخاصة في مرحلته المتقدمة- الامبريالية تؤدي إلى قيام ديكتاتورية سلطة الطبقة البرجوازية والى ديكتاتورية رأس المال المالي وبالتالي قيام ديكتاتورية الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الامبريالي.
المحور الثاني: شروط نجاح الديمقراطية
      إن من الشروط الرئيسة لنجاح الديمقراطية في العراق هي تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية ورفاهية الإنسان، وان يكون الإنسان الجوهر الرئيس للديمقراطية، وينبغي إن يتم تشريع قانون للأحزاب السياسية قانوناً ديمقراطياً وعادلاً، نابع من واقع وظروف العراق ويضمن حق العمل السياسي العلني وضمان حق التكافؤ في النشاط بين الأحزاب وفق القانون، ومن الضروري إن يتم تشريع قانون جديد للانتخابات تساهم فيه جميع الأحزاب السياسية من اجل تحقيق العدالة والتكافؤ في العمل السياسي بين الأحزاب، ويجب إقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة قولاً وفعلاً من اجل إبعاد شبح احتكار السلطة وعدم ظهور الديكتاتورية، ومن الضروري إن يتم التمويل المالي للأحزاب السياسية من قبل السلطة التنفيذية ووفق القانون والضوابط الواضحة، ومن شروط نجاح الديمقراطية هو العمل على ضمان حق كل حزب من إن يتبنى إيديولوجيته الخاصة به، وان يكون لديه برنامج ونظام داخلي معلن للشعب وينشط من خلاله وينظم حياته الداخلية، وكما يجب ضمان التكافؤ والنزاهة والشفافية في العمل السياسي ومنع استغلال المال العام لصالح الحزب أو الأحزاب الحاكمة، ويجب إن تقوم العلاقة بين الأحزاب السياسية على أساس الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، علاقة تتميز بالشفافية والموضوعية وغير منحازة لأي طرف إقليمي أو دولي، بل يجب إن يكون الولاء الوطني للوطن وللشعب أولاً وأخيرا.
     إن هذه الشروط الرئيسة وغيرها إن تحققت سوف تبني مجتمعاً ديمقراطياً تتحقق فيه الحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والكرامة للمواطن. وفي الوقت نفسه يتم إبعاد شبح عودة الديكتاتورية من جديد للعراق، إن تحقيق هذه الشروط هي مسؤولية جماعية تتحملها الأحزاب السياسية الوطنية والشعب العراقي في آن واحد.
إن من اخطر النتائج الاقتصادية والاجتماعية(( للديمقراطية المستوردة)) في العراق منذ احتلال العراق ولغاية اليوم قد تمثلت بالاتي:
1- تنامي معدلات البطالة ولاسيما وسط الشباب، إذ تشكل البطالة نسبة 28% من إجمالي القوى العاملة، وتشكل نسبة البطالة بفئة عمرية مابين 15-24 سنة للعام 2006 نسبة 50،5% من إجمالي القوى العاملة، ووجود مابين 6-7 مليون أمي وأكثر من (4) مليون عراقي مهاجر داخل وخارج العراق، وان 70% من سكان العراق لا يحصلون على إمدادات المياه الصالحة للشرب، وان 80% من سكان العراق لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي، وان 30% من أطفال العراق يعانون من سوء التغذية، وان 44% من سكان العراق يقل دخلهم عن 85 دولار، وان مستويات الفقر في الريف العراقي قد بلغت 65% وهي في تزايد مستمرة.
2- تعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع العراقي بدليل في العام 2007 فأن 20%  من الأسر تحصل على 43% من مجموع الدخل على مستوى العراق، بينما يحصل 20% من الأسر الفقيرة على 7% من مجموع الدخل على مستوى البلاد، وكما تبلغ حصة الفقراء من إجمالي مصروفات موازنة عام 2012 مايعادل 42%، في حين تبلغ حصة الأغنياء 85%.
3- انهيار شبة كامل للقطاعات الإنتاجية( الزراعة والصناعة)، وتدهور مستوى التعليم وعودة الأمية، ناهيك عن أشباه الأميين، وكذلك تدهور الخدمات الصحية والكهرباء والماء الصالح للشرب، وتفاقم مشكلة السكن، وفقدان الأمن والاستقرار للمواطنين، إن هذا الوضع غير طبيعي وينذر بخطر جدي على مستقبل المجتمع والاقتصاد والعملية السياسية برمتها، بالمقابل نلاحظ خطر عودة عسكرة الاقتصاد والمجتمع، ونمو الإنفاق العسكري والأمني بدليل وخلال 6 سنوات(2006-2011) بلغ الإنفاق العسكري والأمني أكثر من 64 مليار دولار ويتوقع إن يتزايد هذا الإنفاق في المستقبل.
4- تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري بشكل مرعب داخل منظومة السلطتين التشريعية والتنفيذية… وأصبحت هذه الظاهرة تشكل(( مرضاً سرطانياً إن صح التعبير)) القاتل الذي ينخر في جسم المجتمع والاقتصاد العراقي، فالبرجوازية الطفيلية والبيروقراطية، والبرجوازية التجارية والإدارية قد تشابكت مصالحها مع مصالح السلطة وبشكل قوي ووثيق، مما سهل ذلك التسريع في عملية غسيل الأموال، تهريب الأموال وبكل الطرق الممكنة وبشكل غير قانوني، بدليل بلغ حجم الأموال المهربة- حسب تقديرات لجنة النزاهة النيابية نحو 130 مليار دولار، وكما تشير تقديرات أخرى وخلال 5 سنوات، فأن الفساد المالي قد كلف المجتمع العراقي نحو 250 مليار دولار.
5- إبقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا تابعاً ومتخلفاً ومشوهاً، اقتصاداً وحيد الجانب أي اقتصاداً ريعياً، يعتمد على واردات النفط والتي تشكل 93% من إيرادات الاقتصاد، وهو اقتصاد مرتهن وخاضع(( لتوجيهات ونصائح)) المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين.
6-غياب الثقة والتعاون الجاد والحقيقي بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وضعف في استقلالية القضاء العراقي، وأصبحت السلطة القضائية تتأثر بالسلطة التنفيذية وتنفذ رغباتها…. وهذا يشكل إنذاراً خطيراً على العملية السياسية والديمقراطية في العراق وتضع مقدمات أساسية لظهور بوادر عودة الديكتاتورية.
المحور الثالث: الإخطار المحدقة التي تواجه الديمقراطية
    إن الديمقراطية الحقيقية هي ممارسة وسلوك واعي وهادف، وهي فعل وتطبيق عملي في المجتمع من اجل خدمة المواطنين وتحقيق المصلحة العامة، وعليه فأن من أهم المخاطر التي تواجه الديمقراطية في العراق هي الأتي:
الخطر الأول: يكمن بالتدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون الداخلية للعراق سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وانعكست مضامين ذلك على تأجيج حدة الصراع وتفاقم مستوياته وأبعاده بين قادة الأحزاب السياسية المتنفذة في الحكم، فضلاً عن انعكاساته السلبية على البنية المجتمعية والاقتصاد العرقي، لاسيما إذا علمنا إن العامل الخارجي يعد العامل الموجه والمهيمن والمنظم لانساق العامل الداخلي، ومن هنا ينشأ الخطر على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
الخطر الثاني: يكمن بالكارثة الحقيقية والمحدقة على الشعب العراقي والتي تتمحور في محتوى الدستور العراقي والمعمول به حالياً، وصياغاته المتناقضة والذي تم أعداده على عجالة ووفق   (( مبدأ السلق والمراوس)) وهذا مخالفاً للاشتراطات الأساسية للديمقراطية، فأصبح هذا الدستور المصدر الرئيس لافتعال الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية… في المجتمع العراقي.
الخطر الثالث: يكمن بالعمل(( بمبدأ)) خاطئ وقاتل وغير ديمقراطي، ألا وهو نهج المحاصصة الطائفي/ القومي/ السياسي سيء الصيت والذي طبق(( وبشكل مبدع)) في الرئاسات الثلاثة وهي رئاسة الجمهورية، رئاسة السلطة التشريعية، ورئاسة السلطة التنفيذية وقد تعمق هذا النهج الخاطئ في السلطتين التشريعية والتنفيذية على مستوى المحافظات والمركز، لذا ينبغي رفض هذا النهج والأخذ بمبدأ المواطنة بدلاً من نظام المحاصصة المنتج للازمات وبشكل مستمر وعلى مختلف الأصعدة والميادين.
الخطر الرابع: يكمن في غياب الثقة من قبل غالبية أبناء الشعب العراقي بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وكذلك غياب الثقة السياسية بين قادة الأحزاب والكتل الرئيسة والمتنفذة في الحكم بعضهم مع البعض الأخر.
الخطر الخامس: يكمن في إن(( الديمقراطية)) في العراق تسير اليوم في اتجاه خطير وهو عسكرة الاقتصاد والمجتمع، وظهور المليشيات المسلحة بشكل غير قانوني والتي تعود مرجعيتها وهويتها إلى غالبية الأحزاب السياسية المتنفذة في الحكم، وأصبحت تستخدم كأداة ضغط وعنف ضد الخصوم السياسيين وغيرهم، وأصبحت هذه المليشيات تملك القوة والسلطة في المجتمع والاقتصاد، وتؤجج الصراعات الطائفية/ القومية.. مما يمكن إن يؤدي ذلك وغيره إلى إشعال الحرب الطائفية وبالتالي تقسيم/ تفكيك العراق إلى(( دويلات مستقلة)).
الخطر السادس: إن جميع هذه المخاطر وغيرها يمكن إن تساعد وتخلق المقدمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية لظهور نظام ديكتاتوري في العراق من نمط جديد، ولكن هذا النظام إن ظهر بفعل عوامل داخلية أو خارجية سيكون مصيره الفشل وعدم تحققه على ارض الواقع.
المحور الرابع: الأفاق المستقبلية للديمقراطية في العراق
      إن الديمقراطية الشعبية هي خيار مهم وأساس أمام الشعب العراقي والأحزاب السياسية، ويجب على قادة الأحزاب السياسية العراقية المشاركة في السلطة أو غير مشاركة من إن يعترفوا بالحقيقة والواقع الموضوعي وهو البدء بالحوار الشفاف والهادف والعملي من اجل إعداد مشروع سياسي واقتصادي- اجتماعي وطني وديمقراطي في شكله ومضمونه بهدف حماية وحدة العراق أرضا وشعباً، ويجب أقرار هذا المشروع في السلطة التشريعية لكي يصبح هذا المشروع قانوناً ملزماً على جميع السلطات والأحزاب السياسية من اجل خدمة الشعب العراقي، ومن الضروري إن يتضمن هذا المشروع الوطني المهام الآتية:-
أولاً: من اجل الخروج من مأزق(( الديمقراطية المستوردة)) وتحقيق الأمن والاستقرار ينبغي إقرار مرحلة انتقالية ولفترة زمنية محددة من عام 2015 إلى عام 2025، والعمل بالنظام الرئاسي للمرحلة الانتقالية فقط وتشكيل حكومة مركزية حازمة وصارمة وعادلة ومهيمنة وغير طائفية هدفها الرئيس إعادة أعمار العراق اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً بهدف الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
ثانياً: الإقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية في هيكلية الاقتصاد العراقي، وان يكون نشاط هذه الأنماط واحداً مكملاً للأخر، وان يلعب قطاع الدولة الدور الرئيس والموجه والمنظم لهذه القطاعات وفق إلية قانونية وإدارية واضحة، ومن الضروري إعطاء الأولوية لتطوير القطاعات الإنتاجية المادية بهدف خلق الإنتاج ومعالجة البطالة، والعمل على تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق رفاهية وسعادة المواطن العراقي.
ثالثاً: العمل الجاد على مكافحة البطالة والفقر والأمية… وفق إستراتيجية وطنية واضحة المعالم والأهداف، وضمن خطة اقتصادية- اجتماعية طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد، ويجب إقرار هذه الخطة من قبل السلطة التشريعية من اجل إن تصبح قانوناً ملزم التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية، وإقرار حق العمل دستورياً وضمان حق التعليم والعلاج والسكن المجاني وفق الدستور، ويجب مكافحة الفساد المالي والإداري في السلطتين التشريعية والتنفيذية وإنزال أقصى العقوبات بما فيها عقوبة الإعدام وفق القانون العادل، لأن الفساد المالي والإداري والإرهاب وجهان لعملة واحدة.
رابعاً: ينبغي العمل على دمقرطة السلطة التنفيذية من خلال خلق جهاز إداري كفوء ومخلص ونزيه، والعمل على رفض نهج المحاصصة الطائفي/ القومي/ السياسي سيء الصيت وإحلال محله مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وكذلك العمل على دمقرطة وسائل الإعلام المختلفة ودعمها مادياً وفق القانون العادل.
خامساً: من اجل ترسيخ وتطوير الديمقراطية الشعبية وتعزيز مسارها السياسي والاقتصادي- الاجتماعي في المجتمع يجب تشريع عدة قوانين مهمة وفي مقدمتها قانون الأحزاب السياسية، وتعديل جذري لقانون الانتخابات وجعله قانونا منصفاً وعادلاً لجميع الأحزاب السياسية، والقيام بأجراء تعداد سكاني واضح المعالم والأهداف، وتشريع قانون لنبذ التطرف الديني والسياسي والقومي ومحاسبة كل من يسعى ويبشر بذلك، وإحلال محله مبدأ التعايش والتسامح السلمي داخل المجتمع العراقي، وإقرار مبدأ المواطنة والمساواة في المجتمع العراقي.
سادساً: العمل على تشريع قانون يضمن الحق العلني والمشروع للمنظمات الجماهيرية والمهنية في النشاط والعمل، وان يكون لهذه المنظمات الجماهيرية والمهنية دوراً شعبياً ورقابياً مسموعاً وكبيراً وان يؤخذ به من قبل السلطة التنفيذية.
سابعاً: من الضروري على قادة الأحزاب العراقية والكتل السياسية المتنفذة في الحكم من إن يرفضوا وينبذوا قولاً وفعلاً وبشكل علني أمام جماهير الشعب العراقي نظام المحاصصة الطائفي/ القومي/ السياسي المقيت، والرفض والتخلي وحل جميع المليشيات المسلحة العسكرية وبكافة ألوانها واعتبارها غير قانونية وحصر السلاح تحديداً في يد الجيش والشرطة وقوات الأمن، وهذا يتطلب تشريع قانون خاص بذلك.
ثامناً: يجب على قادة جميع الأحزاب السياسية العراقية وقادة المنظمات الجماهيرية والمهنية من إن يعلنوا وبشكل رسمي رفضهم لفكرة الأقاليم، لأنها تمثل البداية الخطيرة والحقيقية لتفكيك العراق واختفاءه من الخارطة السياسية، وإقرار هذا الموقف المبدئي سوف يفشل جميع المشاريع الظالمة المعدة للشعب العراقي من قبل قوى دولية وإقليمية.
 تاسعاً: النضال من اجل السلام والتعايش السلمي داخل المجتمع العراقي، وبين الأحزاب السياسية العراقية، واحترام الرأي والرأي الأخر، فبدون السلام والتعايش السلمي في المجتمع لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار، ولا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية- اجتماعية التي يجب إن يكون هدفها الإنسان أولاً.
عاشراً: ينبغي عدم الأخذ بنماذج الديمقراطيات الغربية- الأمريكية سواء في الميدان السياسي أو في الميدان الاقتصادي- الاجتماعي، لأن هذه النماذج لا تتلاءم مع واقع وظروف وتطلعات الشعب العراقي، لأن هذه النماذج من الديمقراطيات قد أفرزت وأنتجت وكرست نتائج سلبية وكارثية وفي مقدمتها تنامي معدلات البطالة والفقر والتضخم النقدي وتفشي الجريمة والمخدرات، لاسيما في وسط الشباب وتنامي معدلات المديونية والمتاجرة بالسلع الحية وإنتاج الأزمات المختلفة وغياب العدالة الاقتصادية- والاجتماعية في المجتمع.
الخلاصة
     إن الديمقراطية في العراق اليوم هي في مأزقاً حقيقياً، وان الشعب العراقي يواجه اليوم وضعاً غير عادياً، وان الشعب العراقي وأحزابه السياسية يعيشون أزمة عامة وشاملة نابعة من بنية النظام السياسي والاقتصادي- الاجتماعي الحاكم، نعتقد هناك خيارات أمام الشعب العراقي وقواه السياسية وهما:  الخيار الأول: ينبغي على كافة قيادات الأحزاب السياسية العراقية الحاكمة وغير الحاكمة الجلوس سوية من اجل الحوار الجاد والتفاهم وتقديم التنازلات وتغليب المصلحة الوطنية للعراق على المصلحة القومية والطائفية والسياسية بهدف إعداد وتنفيذ المشروع الوطني للمرحلة الانتقالية، هذا المشروع الوطني هو الذي سينقذ الشعب العراقي من التمزق والاحتراب اللامشروع.  الخيار الثاني: في حالة عدم تحقيق الاحتمال الأول أو فشله ولأي سبب كان، فأن مصير ومستقبل العراق أرضاً وشعباً يسير نحو المجهول- المعلوم، وسوف تعم الفوضى وعدم الاستقرار، وكما لا يستبعد احتمال نشوب حرب طائفية أو تفكيك العراق إلى (( دويلات مستقلة)) وهذا ما يخطط له أعداء الشعب العراقي من قوى دولية وإقليمية.
   إن جماهير الشعب العراقي وأحزابه الوطنية يرفضون الخيار الثاني، وعليه سوف ينتصر الخيار الأول ألا وهو الخيار الشعبي الوطني والديمقراطي الذي يمثل طموحات الشعب العراقي، فلا ديمقراطية بدون أحزاب  ديمقراطية، ولا ديمقراطية شعبية بدون دولة ديمقراطية حقيقية، ولا تنمية اقتصادية- اجتماعية حقيقية بدون استقرار سياسي واقتصادي وامني.

أحدث المقالات

أحدث المقالات