دعوة رئيس الوزراء لمحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين ضبابية لاتخرج عن اطار الدعاية الاعلامية ولاترتقي الى مستوى وحجم الفساد المستشري بمؤسسات الدولة عموما ، لان حاجز المحاصصة وامكانيات اللصوص التضليلية والوصولية وخطوطهم الامدادية مع شخصيات ذات تأثير على مفاصل حيوية في ادارة الدولة واستغلالهم للاوضاع الامنية والسياسية القلقة بالبلاد تقف امام تحقيق الجزء الادني لهذه الدعوة الميتة سريرياً.
كان الاجدر على السيد العبادي التحدث عن آليات واضحة ومحددة مطمئنة للمواطن تفضي عن تغليظ التشريعات واصدار القوانين المشددة لملاحقة الفاسدين لاسيما الذين يحتمون بوسائل شتى اهمها مافيات الكتل السياسية المتنفذة التي تحرص على تكرار الزمر الفاسدة التي تحوم حولها شبهات الفساد من خلال حرصها في الاستحواذ على المناصب والتحكم بموارد الدولة بشكل يزيد من حجم السرقات الذي يعوق جهود الدولة التنموية ويزيد من قوة ونفوذ الارهاب بكل صوره وتشكل عامل اساسي في استمرار الفوضى وعدم الاستقرار .
على السيد العبادي تشكيل غرف متابعة وطنية نزيهة لرصد كل مايكتب بوسائل الاعلام الوطني والعالمي عن ملفات او شبهات الفساد لمتابعتها والتحقق منها بشكل جدي بعيدا عن عقدة المؤامرة على الحكومة او نيات التسقيط السياسي التي كانت حكومة المالكي تؤمن بها وتلاحق وسائل الاعلام او الصحفيين الذين يؤشرون بشكل مهني ووطني حالات الفساد ، كما تتطلب هذه المهمة الوطنية تشجيع ودعم الاعلام الوطني المستقل للتركيز على كشف الفساد وملاحقة الفاسدين او رصد حالات الفساد العامة مع وضع آليات تشجيعية لوسائل الاعلام او للصحفيين الذين يهتمون بالصحافة الاستقصائية كميدان حرب لملاحقة مظاهر الفساد والفاسدين من اجل اعادة الحياة لتشريع شبه مغيب الذي يعطي الحق والحرية للصحفي في الوصول للمعلومة والتعبير الحر عن الرأي دون ملاحقة او مضايقات مقصودة ومنظمة ترعاها مؤسسات الدولة.
دعم الحكومة الجاد والمهني الصادق لمحرري الصحافة الاستقصائية الحرة هو السبيل الامثل في هذه المرحلة القلقة والمحرجة لاحياء دعوة العبادي في تقليل او تطويق مستوى الفساد في مؤسسات الدولة ، على ان تكون هناك آليات داعمة ومشجعة تدعو لتنشيط هذا العمل الصحفي الذي يعتمد على جمع الوثائق والمعلومات او تأشير حالات الفساد العامة بشكل مهني يعتمد الاستقلالية والحيادية.
بودي ان تحضى هذه الرؤية الوطنية بعناية السيد رئيس الوزراء بعيدا عن نمطية دعم التشكيلات والاسماء الصحفية التي تدور في فلك الفضائيات وتتصارع امام ابواب السلاطين من اجل التسميات والحوافز والزلفى ، نحتاج الى قادة وجنود الساحة الصحفية الحقيقيين الذين يصنعون الحياة ويواجهون المصاعب فهم من يستطيع تولي هذه المهمة الصعبة والحيوية وليس اصحاب التنظيرات الاعلامية الذين وجدوا ضالتهم في كسب المنافع على حساب معاناة شعب ونكبة .