23 نوفمبر، 2024 3:29 ص
Search
Close this search box.

لابُدَّ من التمحيص

لابُدَّ من التمحيص

-1-
من الصعب على متوخي الوصول الى الحقيقة التسليم بكلّ ما يسمع ..، وبكل ما يقرأ …

فكثيراً ما يسمع أو يقرأ عن الحادث الواحد روايات متضاربة وهنا يحار:

بايّها يأخذ ؟

وما هي موازين ترجيح احداها على الروايات الأخرى ؟

وقديما قيل :

” وما آفة الاخبار الاّ رواتُها “

-2-

ومعنى ذلك :

ان مهمة المؤرخ خطيرة للغاية وعسيرة أيضاً ..!!

ومهمة المتلقي الواعي لا تختلف عن مهمة المؤرخ …

-3-

من هنا يخضع الفقهاء الأحاديث المروية عن المعصوم (ع) الى لونيْن من التمحيص :

الأول : التمحيص السندي فيبحثون عن الرواة وأحوالهم، وعلماء الامامية يأخذون برواية ” الثقة ” – وهو الذي لا يكذب – وان لم يكن إماميّاً –

وهكذا هُشِّم حاجز الطائفية …

الثاني : التمحيص الدلالي ، فهل تدل الرواية بمنطوقها على حكم إلزامي معيّن أو لا تدل على ذلك ؟

-4-

ومن المعايير المهمة التي تركها لنا أهل البيت (ع) في هذا المجال :

انهم أمرونا بعرض الأحاديث على كتاب الله تعالى ، فما وافق الكتاب يؤخذ به ، وما خالفه يُضرب به عَرْضَ الجدار .

-5-

دعاني الى هذه المقدمة قضية وقعت قبل أيام .

اتصل بي أحد الأحبة وقال لي :

ان فلانا – وهو صديق عزيز – قد توفيت أمُّه ، وستقام الفاتحة على روحها في المكان الفلاني .

وحين اتصلتُ بمدير مكتبه قال لي :

لست على علمٍ بذلك

ثم استدرك وقال :

انها ليست أمّه بل عمته …

وأخيرا :

انكشف لي أنها لست أمّه ولا عمته ، بل ان لها علاقةً سببيّه بأخيه ..

-6-

أقول :

يقع هذا الحادث قبل أيام ويضطرب الكلام فيه الى هذا الحدّ، فما بالك بما وقع من الحوادث منذ قرون ؟!

-7-

إنّ هناك شخصيات أسطورية .. لم يكن لها وجود في الواقع

اقرأ مثلا ما كتبه المرحوم السيد مرتضى العسكري بعنوان :

مائه وخمسون صحابي مختلف .

ورحم الله الشاعر د. الوردي حيث قال :

وكفرتُ بالتاريخ كلُّ خُيوطِهِ

نُسِجَتْ على نَوْلٍ من الأهواءِ

-8-

وبناء على ذلك فان التقارير المرفوعة الى المسؤولين لابُدَّ ان تخضع لتمحيص شديدٍ، خشية ان تكون مكتوبة بدوافع مغموسة بالشبهات،

ومنها تقارير المخبر السري سيئة الصيت – والتي تتعرض للكثير من الرجال بغير الحق …

-9-

بل حتى الاخبارات الشفهية الموجهة ضدّ الاشخاص، لأنها قد تكون مصطبغة بلون من الحسد أو العداء، وفي هذا يستوي المسؤلون وغيرهم .

-10-

ان النمّام الذي ينّم لك، ينم عليك أيضا،

وهو من مرتكبي الكبائر الذين يقعون في مستنقع الفسق بمحض ارادتهم …

فكيف تصدّقه وتعمل برأيه ؟

انه يريد أنْ يوقع العداوة بينك وبين أحبابك،

فهو اذن من الشياطين ..!!

فحذارِ منه ومن كُلّ شياطين الانس والجن .

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات