في الوقت الذي ينعم النواب والوزراء المحسوبون على المناطق والمحافظات السنية بالمكاسب والامتيازات التي حصلوا عليها ويستمتعون بأوقاتهم وسفراتهم إلى مختلف العواصم، ناسين او متناسين قومهم وأبناء جلدتهم وآهاليهم وأقاربهم وهم يرزحون تحت وطأة النزوح ومشاق الإقامة في مناطق كردستان هربا من القصف والترويع، ينشغل رجل من أبناء الفلوجة المدينة التي شهدت ويلات ومعاناة وما زالت تتعرض الى الموت بصواريخ النار والبراميل المتفجرة والحصار، في تفقد حشد النازحين ويمضي معهم أياما يواسي جراحهم ويلبي طلباتهم ويخصص جانبا من ماله في اسعاف مرضاهم وتوفير الدواء لهم وتأمين وسائل تعليم أبنائهم وهم يواجهون الغربة عن مدنهم ومناطقهم.
هو الشيخ خميس فرحان الخنجر، الفلوجي المنبت والانباري العشيرة والعراقي الوطن والعروبي الأصيل والإسلامي الوسط، الذي شمر عن ذراعيه وجند رجالا يقودهم الى معسكرات النازحين ومخيمات الهاربين من رصاص قوات الحكومة وقسوة اهل الجور الجدد الذين حلوا في الديار بقصد نصرة المعذبين والمهمشين كما قالوا، لكنهم تحولوا الى غزاة وفاتحين.
خميس الخنجر لا يؤمن بالمراسلة في تقديم العون إلى أهله وناسه المشردين في مدن الصقيع في كردستان، كما تفعل لجان الحكومة التي تطلق على نفسها تسميات الإغاثة والمساعدة، فما أغاثت نفساً ولا ساعدت أحداً، لذلك أخذ ترك عمله وأشغاله وراح يجوب في اربيل والسليمانية ودهوك وزاخو يحمل المؤن والطعام والخيام وأدوية الشفاء وكراريس الكتابة والأقلام للتلاميذ والطلبة ويبني مدارس تستقبل الطالبات والطلاب المنقطعين عن الدراسة بعد ان دمرت مدارسهم في مناطقهم الأصلية وينظم فرقا صحية ويزودها بما تستلزمه من معدات واجهزة طبية ويستدعي معلمين واطباء ويوكل اليهم مهمات انسانية وتقديم خدمات بعد ان يوفر لهم المعاش ويوصيهم بالاحسان والرأفة، انه يفعل كل هذا ليس طلباً لدعاية انتخابية فهو ليس نائباً أو وزيرا، فقد غادر هذا الميدان بعد ان صنع نواباً ووزراء كان يحسن الظن بهم ولكنهم انقلبوا على انفسهم وقلبوا ظهر المجن له وبعضهم سعى الى الوقيعة به ولكن فشلت خططهم كاشفة عن دناءة نفوسهم.
وعندما ذهب مراسل وكالة (العباسية نيوز) الى جموع النازحين في اربيل وسألت عددا منهم عن مساعدات يقال انها وصلت اليهم من لجنة اغاثة النازحين الحكومية ومنظمات الامم المتحدة يهز الناس رؤوسهم ويسكتون ولكنهم سرعان ما يلهجون باسم الشيخ ابن الخنجر ويتحدثون بأسى عن وفود الحكومة التي تأتيهم وهي تضم وزراء وموظفين ومرافقين يحملون كشوفا وسجلات ويجمعون النازحين ويلقون عليهم مواعظ في الصبر ووعودا في الهواء ويعودون الى بغداد حيث مقراتهم ودوائرهم بسيارتهم الفارهة ومخصصات ايفادهم، حتى منحة المليون دينار التي تدعي حكومة حيدر العبادي ونائبه صالح المطلك المكلف بملف النازحين انها خصصتها لكل عائلة لم تصل اليهم، ومن وصلت اليه فهي منقوصة، وتتصاعد الاحتجاجات ولكن من يسمع، وتكثر الحكايات المؤلمة ووزراء الحكومة ونواب الشعب يتنافسون في اطلاق التصريحات الطنانة التي لا تشبع جائعا ولا تغني محروما.
ولان خميس الخنجر ادرك سلفا ان اهل الحكم والسلطة وهم كانوا من اسباب هذا النزوح الجماعي سواء بتواطؤهم مع سياسات شريكهم نوري المالكي او صمتهم عن قول الحق، لا يتحركون الا وفق ما تمليه عليهم مصالحهم الشخصية والعائلية والفئوية، فقد اتجه هو بنفسه الى حيث يقيم اللاجئون والمهجرون والنازحون واقام بينهم يحمل بيديه فرشا وبطانيات وقناني الغاز والنفط يوزعها بلا تمييز او استثناء، ويتحسر كثير من الذين اضطروا الى ترك منازلهم ومغادرة مدنهم وهم يجدون ابن الخنجر – هكذا يسمونه – بينهم ووسطهم وهو رجل لا صاحب منصب ولا يحمل صفة حكومية بينما يسمعون بان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أو نائب رئيس الوزراء صالح المطلك في اربيل جاءا لاغراض سياسية. ويقول عفان أحمد السبعيني الذي قاد اهله واغلبهم نساء اولاده واحفاده الى اربيل من الموصل انه يسمع بان محافظ الموصل ورئيس واعضاء مجلس المحافظة يقيمون في اربيل ولكنه لم يشاهد أحدا منهم يزورهم ويتفقدهم بينما شاهد خميس الخنجر عدة مرات يسعى اليهم ويستجيب لاحتياجاتهم، ويتدخل شاب في الحوار مع هذا الشيخ الموصلي قائما وعرّف نفسه بانه باسم الجميلي من الفلوجة وقال للشيخ وماذا نقول نحن ومن ديرتنا كثير من النواب والوزراء وبعضهم اقارب لنا لم يسألوا عنا مجرد سؤال!.
المدرسة التي شادها خميس الخنجر في اربيل لابناء النازحين نموذجية في مواصفاتها وسميت باسم شاعر العراق الكبير معروف الرصافي وقد استقبلت منذ افتتاحها المئات من الطلبة الذين اجبرتهم ظروف نزوحهم عن الانقطاع ومواصلة تحصيلهم الدراسي، بينما وزارة التربية التي تولاها مؤخرا قيادي في الحزب الاسلامي بالموصل غير معنية بما يواجهه الطلبة النازحون من معاناة ومتاعب .
انها وقفات بادر اليها خميس الخنجر من تلقاء نفسه تدفعه غيرته على اهله وشعبه يقدم لهم خدمات يقول انها واجبة عليه، في حين ينصرف كثير من نواب ووزراء ومحافظي واعضاء مجالس المحافظات المنكوبة في عقد الصفقات والتلاعب بالاموال المخصصة للنازحين التي تزعم الحكومة انها 500 مليار دولار لا يُعرف اين وزعت وكيف صرفت؟!