رغم وضوح الادلّة والمعطيات الميدانية التي تُثبت فشل (فتوى الجهاد) على ارض الواقع.. إلّا ان احدا من اولئك الانهزاميون الانبطاحيون لم يستطع ان يُصدّق او يستوعب حقيقة هذا الفشل. وأوّل ما يُحتج عليك به عند نقاشهم حول هذه القضيّة بأنه لولا الفتوى والحشد الشعبي لكان (داعش) الآن قد احتل كربلاء والنجف.
ولكي نكون اكثر وضوحا في التعبير عن رؤيتنا حول هذا الفشل لابد من استعراض وبيان الاسباب الحقيقية التي كانت وراء فشل الفتوى وانعكاساتها السلبية على المجتمع كـ نتيجة حتميّة ترشّحت عنها من جهة.
ومن جهة ثانية: ولم تكن مجرد فتوى فاشلة فحسب بل كانت محاولة بائسة لأحياء (مولود ميّت) أي انها اساسا (فتوى الجهاد) قد وُلِدَت ميّتة.
من خلال مناقشة النقاط التالية سنبيّن ونكشف كيفية ولادة الفتوى ميتة.. ويليه اسباب الفشل وما ترشّح عنه من مساويء ومفاسد..
كيفية ولادة فتوى الجهاد ميتة؟:
اولا لأن المنهج العام والسلوك العام المعروف والمشهور المتعارف لمن تصدّى لعنوان المرجعيّة والفتوى خلال فترات الاحتلال هو منهج (الأنبطاح والبساطيّة) للمحتل.
اي انها (مرجعية الفتوى) لم يعرف لها موقفا وطنيّا سابقا يذكر أزاء الاحتلال وما ترشّح عن الاحتلال، بل على العكس كانت معروفة ومشهورة بأنبطاحها الكامل للاحتلال، وكانت البساط الذي داسَه وسحق عليه الاحتلال والمفسدين من اهل التسلّط والفساد طوال الفترات السابقة.
ثانيا لم تعرف المرجعية كيفية قراءة الاحداث والوقائع (الايجابيات والسلبيات) وما هي الكيفية التي ستترجم فيها الفتوى على ارض الوقاقع، وكيف سيتم التعامل مع الفتوى وكيف ستطبّق في هذا الخضم المرتبك من قبل القوة الميدانية ومَن في يدهم أمر العباد والبلاد؟.
ثالثا وفق هذه الحيثيات والمواقف الانهزامية وقصر النظر في القراءة والتحليل السياسي والميداني والاجتماعي والشرعي من جهة. وعلى هذا القدر والواقع المخزي من الانبطاحية والبساطية للاحتلال ولاهل التسلّط والفساد، ولا موقف يذكر لها على الساحة الوطنية تربّى المجتمع، غالبية المجتمع التابع لها تربّى على ذلك. كيف يُطلب منه الآن من المجتمع مع هذه الحال ان يخرج للقتال حتى لو كان تحت غطاء وعامل وطائلة الشرعية..؟ بالتأكيد سوف لن يخرج المجتمع للقتال، وبالتالي يتأكد ان الفتوى ميّتة.
اسباب فشل الفتوى وما ترشّح عنها من نتائج عكسيّة ومؤثّرة انسحبت على المجتمع:
اولا أعمّ الناس لم تصدع بالطاعة والامتثال للفتوى رغم ادعاء هذه الجهة ومَن يتبعها ويروج لها بأن وراءها من الاتباع 300 ثلاث مئة مليون شيعي في العالم الاسلامي، وهذا اكبر دليل على فشل الفتوى.
أي انهم يدّعون ان اتباع ومقلدة هذه المرجعية يبلغ عددها في العالم ثلاث مئة مليون تابع ومقلّد.. اذن اين هذا العدد الهائل من الفتوى ولماذا لم يمتثل بالكليّة طالما ان المسئلة دينية من ناحية، وعقيدية من ناحية اخرى؟. وهذا هو الفشل الاكبر.
ثانيا حتى مع الفتوى لو سلمنا بصحّتها وطنيّا وشرعيّا.. ماهي النتائج الايجابية التي تمخّضت عنها..؟ بالتأكيد لم تُسجّل او يوجد لها اي نتائج ايجابية على الاطلاق. بل ما سُجّل وأثبته الواقع هو انهم الجيش والمليشيات والحشد الشعبي وباقي القوى الامنية الاخرى من انكسار الى انكسار ومن فشل الى فشل ومن هزيمة الى هزيمة.. فماذا كانت النتيجة سوى الدماء والتحشيد الطائفي.
ثالثا أشارت المرجعية ولأكثر من مرة من خلال وكلائها من على منابر الجمعة الى الفساد والدموية وحالات القتل والسلب والنهب للاموال وانتهاك الاعراض وبيوت الناس السنّة، بيوت السنّة، اعراض السنّة اموال السنّة، قتل السنّة من قبل الجيش ومجاميع الحشد الشعبي، وهذا هو عين الفشل.
رابعا بعد الخسائر والهزائم والقتل في الجيش وخسائر الاراضي والمدن والمناطق والاموال والآليات والاسلحة والفشل الميداني والانكسارات المتلاحقة التي مني بها الجيش والحشد الشعبي امام قوى الارهاب (داعش) لجئت نفس الجهة صاحبة الفتوى وحكومتها الى الاميركان الى دول الاحتلال طلبا لنصرتها وانقاذها وحمايتها بما سمّته الاستعانة بـ (القوات الصديقة) لهو مصداق واقعي من اعظم واكبر مصاديق فشل الفتوى.
خامسا بسبب القراءات الخاطئة من قبل المفتي لواقع المكوّن الاجتماعي العراقي عُمّمت الفتوى من قبل الجيش والمليشيات والحشد الشعبي على جميع الناس السنّة في الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى وبغداد والمناطق الاخرى التي تضم السنّة وأعتبروهم عدوا حاله حال (داعش)، دون النظر والالتفات والاخذ بالاعتبار الى انهم (السنّة) قد رفعوا السلاح بوجه الدولة بسبب ما تعرّضوا له من قمع وتهميش وجوع وحرمان وانتهاكات، وبالتالي يجب التفريق بينهم وبين قوى الارهاب. وهذا سبب قوي جدا مانعا للفتوى ومن اسباب فشلها..
سادسا فشل الجيش والمليشيات والحشد الشعبي والفتوى والقوى الامنية المشتركة الاخرى بتحرير المدن والاراضي والمناطق التي سقطت بيد داعش. ولم تستطع تحرير تلك المدن، ولم تُرجع الناس المهجّرة وتعيدهم الى محافظاتهم وبيوتهم، بل حصل العكس الهروب والفشل العسكري والتعبوي بكامله. وهذا من اقوى تجلّيات فشل الفتوى على الواقع.
كان على الحكومة العراقية ومنذ البداية وقبل ان تتأزم الامور وتنحى هذه المناحي المأساوية وتتّجه الى الدموية والفساد، وقبل ان تُمنى الدولة والجيش بالخسائر والارواح والاموال وقبل ان تخسر المدن والاراضي والمناطق وقبل كل هذه الانفلاتات الامنية وقبل ان تصل الأمور الى الحال والاوضاع الصعبة الذي وصلت له الآن، ومن اجل ايقاف هذا المد المرعب والقاتل والفتّاك ان تأخذ بجميع الحلول والخيارات السلمية التي سبق وطرحها السيّد الصرخي الحسني في الساحة الاجتماعية والثقافية والوطنية وقدمها لهم في اكثر من محفل واكثر من خطاب واكثر من بيان واكثر من محاضرة.. (ايضا من البداية أشرنا له في اكثر من مقالة) إلّا ان العند والتكبّر والطغيان والفساد والتسلّط والخيانة والذلّة والخنوع والانبطاح من قبل المالكي وحكومته الفاسدة وتعنّتها وتجبّرها وسيرها مع مَن لا اهليّة ولا قدرة ولا كفاءة ولا امكانية علمية او فكرية او ثقافية لهم.. اوصل امور البلاد من سيّء الى اسوأ وراكمها ودفعها الى الحال الذي وصلت له الآن.
المصيبة الاعظم والطامّة الاكبر بالرغم من كل هذه الخسائر والمفاسد والدماء والمساويء المستمرّة الهائلة لازال غالبية المجتمع العراقي ينظر وينتظر الحلول من هؤلاء انفسهم، سواءا من الساسة الفاشلون او من الرموز الانبطاحيّون.