يوغل العقل المتسلط بقوة النص في استباحته للعقل وجره الى حظيرة لا تفكير مقابل النص , و لا عصيان لولي الامر ولا طاعة الا له , فتراق الدماء وتهتك الاعراض , باسم ذلك المقدس ( النص الديني ) وبين العقل و النص معركة بدأت بعد وفاة الرسول ولم تنتهي بعد لكنها تركت خلفها أشلاءً و أجساداً بلا رؤوس , و ستهتك بالانسانية جميعاً اذا لم يتدارك الامر .
أصحاب النص هم المنتصرون دائماً . فمنذ ان قُمع العقل المتحرك للمعتزلة و دب العقل المتخلف للنصوصيين , لم يوقد ضوءً او شمعةً او حتى فانوساً متعباً من الدخان في الشارع العربي و الإسلامي . هناك محاولات فردية يقوم بها أصحابها ثم ما يلبثون الا ان يختنقوا بغبار المجتمع اللاهث وراء شعارات وخطابات ونصوص لا يعرفها و لا يجيد تطبيقها الا فيما يتعلق بالقتل او الاحتيال .
وبهذه الحالة يخلق هذا المجتمع الخانق لأفراده حالة من التردد و الانكفاء على الذات , ويبقى السؤال الأساس عن سر الازمة سؤالاً مكبوتاً محبطاً و يظل الحديث عن تأويل العقائد او نقد التراث حديثاً محرماً إلا لمن تسول له نفسه .
الازمة التي يحترق بها الشرق الاوسط الان هي ليست مؤامرة( أمريكية , إسرائيلية , امبريالية كما كان يصفها …)
لكن الحقيقة, إنها إحتيال من قبل العقل الديني , لتغليف العقل العام بنصوص و خرافات , لكي يرتفع اشخاص على حساب اخرين . هي تشبه السمسرة على حساب الدين , هذه السمسرة لا تسمح لعقل المسلم الحر ان يفكر خارج الاطار المعرفي للنصوص و التقاليد التي نشأ عليها الاهل و المجتمع .
اننا بالوقت الذي ننزف من جراحتنا بسبب تلك النصوص , يجب علينا ان نتحلى بالصبر و الشجاعة لكي نعمل مراجعة مهنية و دقيقة لكل موروثنا النصوصي وان يكون الحديث النبوي هو الأول بتلك المراجعة .
الرسول الذي جاء للناس بالرحمة و الخلق و الاحسان , حوله أصحاب النص على قاتل و قاطع طريق و رجل لا يجيد العيش الا بالقتال و انتهاك الاعراض , كما في الحديث ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده لا شريك له) ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي ) وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري)
من خلال هذه الاحاديث يجب ان يرتفع العقل الإسلامي الواعي فوق العاطفة و ينتفض الضمير على النص , ويتساءل المرء سؤلاً مضمراً او معلناً , هل حقاً هذه أخلاق رسول بعث للعالم أجمع ؟ هل هذه اللغة تتناسب مع شخص قال عنه الله , وما ارسلناك الا رحمة للعالمين .
هذا الحديث الذي لا يفرق بين مستواه الأخلاقي من هو مبعوث من الله للناس اجمعين , وبين قاطع طريق يريد ان يقتل الناس ليعيش هو تحت ظل رمحه !لاضير ان يتلذذ هو بقتل الناس وسلبهم وتيتيم أطفالهم , بينما يعيش هو في راحة بال و إطمئنان ورغد عيش في ظل سيف ورمح .
من يقبل هذا الهراء على رسول الله كمن شارك في سب الرسول و تشويه رسالته وربما تنصل , وانا لا اشك ان اكثر المسلمين اليوم تنصلوا من حيث يشعرون او لا يشعرون عن رسالة الله السماوية و الإنسانية .
النص ليس فيه روح انه جامد متيبس أما العقل فهو الحياة التي يتحرك بها الناس .