قليلة هي اعمال عادل امام الهادفة والغير كوميدية او الكوميديا السوداء ، الا انها تتسم بعمق وبانسانية لا حد لها . ومن تلك الافلام فلم ( المنسي) والعراق نجده في اعمال عادل امام الهادفة بوضوح كما في فلم طيور الظلام وفي مسلسل العراف و فلم الارهابي، كذلك نجده في فلم المنسي. المنسي فيلم مصري أنتاج سنة 1993 بطولة عادل إمام ويسرا وكرم مطاوع وأخراج شريف عرفة وسيناريو وحيد حامد، وتدور أحداث الفيلم خلال يوم واحد، ويتناول الصراع بين رجل أعمال فاسد ومتسلط، يريد تقديم سكرتيرته كضحية لتاجر ثري لإنهاء صفقة تجارية مهمة بالنسبة له، وبين شاب فقير وبسيط وضعته الظروف في طريق هذه الفتاة، ويسعى لإنقاذها متحدياً رجل الأعمال وحراسه. وكما نجد الفساد الاداري وسقوط القيم والمتاجرة بالرقيق في الفلم نجده في ارض الواقع العراقي كما هو في لرض المصري لتقارب الواقع الاجتماعي بين البلدين . وكما ان المواطن المصري البسيط يحلم كذلك المواطن العراقي البسيط يحلم ايضا ويكتفي بحلمه وكل ما يطلب ان لا يصيبه اي شيء من علية القوم وهو ايضا لا ينتظر منهم اي غيره ولا يسرق شيئا ليس له ويدافع عن غيره ولا يلقى من هذا الدفاع الا الاذى والضرر وهو يؤمن بانه من الضروري ان يقوم بما يجب القيام به لانه مجرد واجب فقط ويكتفي بالامل والحلم ويخشى لن يتحول حلمه الى حقيقة ،يخشى ان يكتشف انه كان وهما او كذبة فالحلم افيونه الدائم يخشى ان يسرق الغير والعدو حلمه متاجرا بدمه ويعجز كثيرا عن فهم الاعلام الخدعة والتضليل ويقف مصدوما مشلولا امام الكوارث والجرائم والمذابح السياسية رغم انه غير استغلالي وغير انتهازي، الا انه يقوم باكتشاف البطل في نفسه ويرفض الاعتراف بالهزيمة ليحقق حريته عندما يواجه الاذلال دفاعا عن نفسه ليجد انه ما زال انسانا ، في المقابل لا يرى قادة القوم ان غيرهم عبيد وحيوانات ووحوش بشرية حاقدة لا تستحق اي احترام او اي تعامل انساني بل يجب قمعها وترويضها يجب استغلالها ويجب خداعها والحذر منها لانها غادرة وهم بشر جهلة سذج يعتقدون انهم شيء يستحق الحياة الا انهم يمكن خداعهم بسهولة ، في مجتمع الطغاة الطبقي تتم المتاجرة بالدين بالقومية بالطائفة بالوطن بالشرف بل بكل شيء ويتم التمثيل الخادع بين اضداد في صراعات كاذبة بين الاخوة الاعداء امام السذج من الاتباع من نفس الطائفة او الدين او القومية لمنافع طبقية ، ولا غرابة في ان اشكال الصراع الطبقي رغم اختلافها في التفاصيل واحدة في اصلها، ورغم ان الشعوب تستحق مصيرها الا انها قادرة على ان تصنع قدرها وتغير مصيرها وان تتخلص من غيبوبة الاستسلام وافيون الامل الكاذب كي لا يبقى المواطن منسيا.