بدأت مراسيم عاشوراء لاحياء ذكرى مقتل الامام الحسين في مدينة كربلاء العراقية هذا العام وقد هيمنت على اجوائها الاوضاع الامنية والعسكرية والقتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” حيث يردد المحتفلون شعارات ضد اوباما ومحاولات ارساله لقواته البرية الى العراق وكذلك بتمجيد الانتصارات ضد التنظيم واتهام سياسيين بالتواطؤ معه.
بدء توافد مواكب العزاء على كربلاء
وبدأت اليوم الاثنين مواكب العزاء بالتوافد على مرقدي الإمام الحسين بن علي بن ابي طالب وأخيه العباس في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وذلك وفقاً لجدول زمني ومكاني وضعه قسم المواكب والهيئات الحسينية التابع للعتبيتين الحسينية والعباسية لضمان انسيابية حركتها وعدم تقاطعها.
وعادة ما تبدأ مواكب العزاء منذ اليوم الأول من شهر محرم في كل عام وحتى العاشر منه والذي يوافق ذكرى استشهاد الإمام الحسين وأهل بيته وأنصاره في عام 61 للهجرة.
ومن خلال ماتنشره مواقع التواصل الاجتماعي ومن كربلاء نفسها فقد ظهرت عدة قضايا سياسية واضحة في اهتمام الاف المعزين الذين بدأوا بالتوافد على المدينة وسط خطط امنية صارمة احاطتها بقوات مسلحة واخرى لحماية الطرق اليها من المحافظات المجاورة مع بدء مئات الاف العراقيين بالتوجه اليها وقسم كبير منهم سيرا على الاقدام.
ولدى انطلاق مواكب العزاء الليلة الماضية ظهرت شعارات وهتافات تحذر الرئيس الاميركي باراك اوباما من ارسال قواته البرية الى العراق كما تتهم سياسيين بالتواطؤ مع تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” وتحيي انتصارات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي للمتطوعين ضده وخاصة اثر طرد مقاتليه خلال الايام الثلاثة الاخيرة من منطقة جرف الصخر الاستراتيجية (40 كم جنوب بغداد) بمحافظة بابل.
السياسية والمعارك ضد داعش حاضرة في المراسيم
وتهيمن التطورات الامنية والعسكرية والسياسية التي يشهدها العراق حاليا على اجواء مراسيم عاشوراء هذا العام حيث يرفع المشاركون ويرددون شعارات وهتافات حول هذه القضايا.
… ومن الشعارات التي يرددها المشاركون في مراسيم العزاء ويتداولها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي وذكرت قسما منها وكالة “نون” الكربلائية ما يحذر الرئيس الاميركي باراك اوباما من ارسال قواته البرية الى العراق حيث ردد المعزون ورفعوا شعارات تقول :
– خل يسمع اوباما وكل من صف وياه
ادخال القوة البرية ابدا مانرضاه
لتظن تدخلون لا لا متمرون
ياشهيد الله .. يومك ماننساه
… وحيت شعارات وهتافات اخرى الانتصارات ضد داعش قائلة :
– كسرت شوكة داعش والله آمرلي الابطال
بزود رجال الحشد الشعبي كل الهم ينشال
يا شهيد .. يومك ماننساه
… ثم تتهم هتافات اخرى سياسيين عراقيين من دون تسميتهم بالتواطؤ مع تنظيم داعش مرددة بالقول:
– موضوع الموصل تفصيلة نعرفة وكل من خان
بعض الساسة بداعش ايد وية اردوغان
باجر الدستور يكشف المستور
– ياشهيد الله .. يومك ماننساه
تبديل رايات المراقد المقدسة من الحمراء الى السوداء
وشهدت مدينة كربلاء الليلة الماضية مراسم تبديل رايتي قبتي ضريحي الامام الحسين واخيه العباس وسط حضور كثيف من المعزين كما تم تبديل راية مرقد الامام علي بن ابي طالب بمدينة النجف وضريح الامام موسى بن جعفر الكاظم في مدينة الكاظمية بالعاصمة بغداد وهي مراسيم اعتدات العتبات المقدسة على اجرائها في كل عام مع بداية شهر محرم والمباشرة بأحياء مراسيم عاشوراء حيث يجري استبدال الرايات الحمراء بأخرى سوداء.
وفي كلمة له بمراسيم كربلاء هذه فقد دعا رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري الى استلهام الدروس والعبر التي رسمها الإمام الحسين عن طريق نهضته التضحوية والإصلاحية. ومن جانبه قال نائب امين عام العتبة الحسينية افضل الشامي ان استبدال الراية هذا العام يتزامن مع عمليات تحرير مناطق عراقية من دنس الدواعش موضحا ان الكثير من الشخصيات التي كانت حاضرة في هذه المراسيم العام الماضي بقيت مرابطة على جبهات القتال لنصرة بلدها ومقدساتها . ودعا الشامي الى “تسمية منطقة جرف الصخر المحررة الى جرف النصر الذي سيتحول الى سيل عرم من الانتصارات يغرق كافة الارهابيين الذين يريدون للعراق شرا” بحسب قوله.
يذكر ان هذه هي السنة العاشرة التي تشهد فيها كربلاء إقامة مثل هذه المراسيم حيث لم تكن تقام سابقا وكان يكتفى بتبديل الراية فقط . وتشهد محافظة كربلاء ومحافظات اخرى استعدادات واسعة منذ أيام لاحياء مراسيم عاشوراء من خلال نصب العديد من سرادق العزاء لإحياء الشعائر الحسينية وسط اجراءات أمنية مشددة وخدمية وصحية واسعة.
مراسيم وسط اجراءات مشددة وتحذيرات من تفجيرات
واعلن في بغداد عن خطة أمنية شاملة يشارك فيها عشرات الالاف من العسكريين والامنيين لحماية ملايين المواطنين الذين بدأوا بالتوجه الى مدينة كربلاء وسط تحذيرات من تفجيرات ومحاولات تسميم تستهدفهم. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد العميد سعد معن أن القوات الأمنية شرعت بخطة خاصة خلال أيام محرم الحرام تشارك فيها مختلف صنوف القوات الأمنية اضافة لنشر عناصر استخباراتية بزي مدني وأخرى نسوية لتفتيش ومراقبة المشاركات في مراسيم عاشوراء . وأضاف العميد معن في تصريح صحافي وزعته وزارته واطلعت “أيلاف” على نصه أن القوات الأمنية ستطبق خطة أمنية خاصة بحلول شهر محرم الحرام وذكرى يوم عاشوراء .. مؤكدا اعتماد الجهد الاستخباري في تطبيق الخطة . و دعا المواطنين الى إتباع مجموعة من التوجيهات الأمنية الى جانب تأكيده على التعاون مع الجهات الأمنية فـي إيصال المعلومة والإخبار السريع عن أية حالات مشتبه بها.
ومن جهته حذر المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني القوات الامنية من تفجيرات قد تستهدف ملايين العراقيين لدى احيائهم مراسيم عاشوراء.. وشدد السيد احمد الصافي ممثل المرجع السيستاني خلال خطبة يوم الجمعة الماضي على القوات الامنية ضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع استهداف التجمعات التي تحيي الشعائر الحسينية خلال شهر محرم وضرورة الحذر واليقظة من استهداف التجمعات من قبل العصابات الإرهابية .. داعيا الأجهزة الأمنية إلى بذل كل جهودها من اجل الحفاظ على أرواح الناس وعدم فسح المجال لأي عمل إرهابي .
ويحيي المسلمين الشيعة في العراق والعالم ذكرى عاشوراء في العاشر من محرم الحرام من كل عام حيث تعد من أكبر المناسبات الدينية لديهم وهي مقتل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب في أجواء يخيم عليها الحزن وترفع الرايات السود وسط المجالس التي تروي السيرة التراجيدية للحدث. ففي العاشر من محرم وقعت مأساة الطف حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عشرات من افراد عائلته عام 61 للهجرة المصادف 680 ميلادية باعتبار هذه المناسبة اكثر الاحداث مأسوية في تاريخ الشيعة ولذلك تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية حيث يصلها مئات الالاف من الاشخاص سيرا على الاقدام من مختلف مناطق العراق.