17 نوفمبر، 2024 11:21 م
Search
Close this search box.

إيران بين الرصانة الدّبلوماسية وإنكسار هيبة الحرس الثّوري

إيران بين الرصانة الدّبلوماسية وإنكسار هيبة الحرس الثّوري

بعد السّقوط المدوّي للاتحاد السوفيتي وتفكّكه وانشغال القوى العظمى في ترتيب الدول التي نشأت من ركام القبضة الحديدية للكرملين، برزت في المنطقة قوتان متصارعتان على بسط النّفوذ من حولهما، هما تركيا وإيران حيث باتت ايران الشيعية تتخلى عن مبادئها في حماية شيعة أذربيجان لتناصر وتؤازر الدولة المسيحية (ارمينيا) ضد الأذربيجانيين ودولتهم، وكانت نقطة الخلاف مقاطعة (ناجورنا- كاراباخ) بوابة الدّخول التجاري للمبادلات التجارية مع بلاد القوقاز.
لكنّ النّظام السّابق في العراق رغم وهنه والحصار الدّولي الذي فرض عليه والعزلة العربية .. كان يجيد اللعبة الاستخبارية لإيقاف الزّهو الإيراني والتركي في الساحة العراقية من خلال تواجد المعارضين الاتراك والايرانيين متمثلا بمنظمة بمجاهدي خلق وحزب العمال الكردستاني على أراضيه كورقتي ضغط لردع  الدولتين ،حتى دخول قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية عام ٢٠٠٣ مما سهل على الإيرانيين التدخل السريع والنفوذ الواسع نتيجة توفر الارضيّة الدينية التي وفرها صدام حسين من خلال الحملة الإيمانية الدّينية بذلك صار من اليسير للإيرانيين التحرك بين الأوساط الشبابية التي تمرّنت على الحملة الإيمانية وأصبحت ثقافتها الشائعة .. وتعد الحملة الدينية لصدام حسين من الأخطاء القاتلة في تاريخ العراق الحديث لبناء مقومات الاسلام السياسي وتوسع تنظيماته.
مع الوجود الامريكي بات التمدد الإيراني في العراق واضحا ومباشرا، اما في المناطق الغربية تدخل بوجه سوري مستغلا نفوذه في المؤسسة الاستخبارية السورية وبرز ذلك التدخل جليا بعد انتخابات عام ٢٠١٠ حين اصر الإيرانيين على استبعاد اياد علاوي زعيم القائمة العراقية الفائزة وتثبيت نوري المالكي رئيسا للوزراء.. اما ما كان للدور الإيراني في نفوذه بواسطة المالكي ليجبر الولايات المتحدة على المغادرة دون اكتمال بناء المؤسسات العراقية وتعثر منظومة الإعمار حتى بات مهيمنا على القرار الأمني والاقتصادي وربط جميع الصلاحيات بشخص المالكي للتمكن من ادارتها والنفوذ فيها جليًّا وبوضوح للمواطن العراقي البسيط .. ان البلد يقاد بواسطة القائد سليماني، وان جميع من تولى سلم المسؤولية ان يحج لطهران ويطوف بكعبة الولي الفقيه حتى يتنعم بمنصبه حتى بلغت الصورة حد السخرية والتهكم في الشارع العراقي بحضور رئيس البرلمان النجيفي مجالس العزاء لوالدة سليماني.
     وعرف الجميع ان زمام المبادرة كانت تدار بواسطة ضباط من الخط الثالث او الرابع في مكتب سليماني في حكم العراق لكافة مؤسساته الأمنية والعسكرية والنفطية والاقتصادية والبنكية .. حتى باتت ايران تسخر من الحصار الدولي عليها لان بوابة العراق تغنيها عن العوز المالي والحصار الاقتصادي وحتى المقاطعة البنكية.
      في هذه الظروف استعادت ايران وجودها الدولي في اعلى مراحله مع القوى العالمية من خلال التلويح بالورقة الضاغطة باحتلال العراق والانسحاب الامريكي بخفي حنين بغية تثبيت المشروعية الدولية لبرنامجها النووي والإسراع في انتاج القنبلة الذرية حتى باتت الخارجية الإيرانية تتصدر واجهة الاعلام العالمي بنشاطاتها.
     حتى فوجئت القيادة الإيرانية باحتلال ثلث العراق من قبل الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وقد نشا ذلك التنظيم الإرهابي بين سوريا وإيران وهما الدولتين التي يتصدرها القرار والتواجد الإيراني .. حتى باتت داعش على الحدود الإيرانية في محافظة ديالى حينها نجد ان الأدوات الإيرانية عاجزة عن درء الخطر ليس لحماية العراق بل للدفاع عن حدودها من خطر داعش مما جعل القائد العام للحرس الثوري الإيراني يتواجد بنفسه شخصيا لفك الحصار عن مدينة أمرلي الذي صمد ابناؤها بالحفاظ عليها حيث يستغرق التقدم من ديالى الى أمرلي بعمق مسافة ساعة واحدة في ارض جرداء للوصول الى المدينة المحاصرة … وبقيادة سليماني وجميع مناصريه من الميليشيات العراقية والجيش والشرطة وأفراد الحرس لمدة شهرين بغية الوصول للمنطقة المحاصرة وبمساعدة الطيران الامريكي .. هنا يكمن العجز والوهن لتبدو ملامحه جلية بحضور سليماني بشخصه لساحة معركة لا تحتاج الا لسرية دبابات تطهر الطريق المؤدي للمدينة المحاصرة وفك الحصار عن ابنائها الأبطال الشجعان ..لقد سقطت الاقنعة والحرس الثوري ليس قادرًا على مواجهة ثلة من الإرهابيين القتلة من داعش.. وبذلك تقاس مكامن القوة والضعف.
*[email protected]

أحدث المقالات