تتحدث اغلب كتب التنمية البشرية اليوم عن الارداة والصبر والعزيمة والثبات والتحمل من اجل حياة أفضل وتذكر هذه الكتب مئات العباقرة والمشردين الذين أصبحوا فيما بعد يديرون العالم نتيجة إصرارهم ومواصلتهم وثباتهم في وجه الأعاصير المختلفة التي واجهوها في حياتهم ,,تنتشر كتب التنمية البشرية اليوم بشكل كبير وهناك عشرات او مئات المحاضرون في الوطن العربي يقومون بمحاضرات وبرامج تهتم بتنمية الإنسان وهذا شيء جيد لان الإنسان بحاجة إلى تنمية قابلياته ومهاراته وكشف مواطن ضعفه ورفدها بالعلاج التنموي المناسب بدلا من تركها تضمر وتضمحل لتخلق في نهاية المطاف إنسان سلبي ضعيف متذمر قلق مرتبك ليس لديه صبر وقوة وتخطيط من اجل رسم الأهداف والتماس طرق مناسبة في الوصول إليها وتحقيقها ,, لكن الذي نلاحظه ان هذه الكتب او هؤلاء المحاضرون لم يأخذوا بنظر الاعتبار تغاير واختلاف القيم الإسلامية عن القيم الغربية فنلاحظ المحاضرون يتحدثون بكلام طويل عريض عن تجارب وعناوين عريضة لرجال نجحوا في الغرب ولو جيء بهؤلاء الرجال نفسهم إلى هنا وأتُيحت نفس الفرصة أمامهم لما تحقق لهم النجاح لاختلاف المجتمع هنا عن المجتمع هناك فلكي تنجح التنمية البشرية في المجتمع العربي على وجه العموم والمجتمع العراقي على وجه الخصوص لابد من دراسة خصائص الشخصية العربية والعراقية ومعرفة ميولها وتجاذباتها وقيمها وأعرافها وتقاليدها دراسة شاملة والتزود بقيم ومبادئ الإسلام الحنيف وهضمها ومعرفة صحيحها من سقيمها وغثها من سمينها وبعد ذلك يعاد إنتاج هذه القيم والمبادئ بصيغة وطريقة علمية ومناسبة وممنهجة
كما يفعل الغرب ألان في طريقة طرح قيم ومبادئ التنمية البشرية في كتب تباع منها ملايين النسخ كــ (كتاب العادات السبع وكتاب دع القلق وابدأ الحياة وكتاب كيف تكسب الأصدقاء) ومئات الكتب غيرها التي تلقى صدى واسع جدا هناك والتي تناسب أذواق وطبائع مجتمعهم ,,لدينا أعظم كتاب في التنمية البشرية وهو نصوص بشرية قالها الإمام علي بن ابي طالب وجمعت في نهج البلاغة لكن المؤسسة الدينية والكُتاّب والمحاضرون في مجال التنمية البشرية غافلون عنها او متغافلون لها علما ان نصوص نهج البلاغة هي نصوص إسلامية طافحة بالصدق والإخلاص والتجربة وخاصة الجزء الرابع المتمثل بالكلمات القصار,, خذ مثلا قوله ع” ((من لان عوده كثفت أغصانه ))
فهذه الكلمة القصيرة البليغة تبين كيف ان الإنسان الذي يكون لين تكثر وتتوسع علاقاته كما العود اللين يكون كثيف الأغصان وفي نص آخر (أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان ، و أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم) والصديق نسيب الروح ,, في حين يطرح في مجال معين في التنمية البشرية الغربية هذا النص: كيف ترضي رئيسك بالعمل ويذكرون عدة نقاط فيها من التكلف والتصنع والتزلف والنفاق ما تأباه نفس كل حر بينما التنمية البشرية في الإسلام تضع كيف ترضي ربك في المقام الأول ,,نلاحظ ديل كارينجي يقول في كتاب دع القلق وابدأ الحياة واضعا حلا وعلاجا لمواجهة القلق المستمر الذي يفتك بالحضارة اليوم فيضع هذا الحل ((ما هو أسوء شيء يمكن ان يحدث )) ولا يمكن لعاقل ان يرى هذا حلا للمشكلة فالذي يحدث هو الكثير ربما خسارة أو ضياع او تشتت او سير نحول المجهول بينما يضع نهج البلاغة نص رائع مستمد من الإيمان الحقيقي بالله ((و ألجئ نفسك فى الأمور كلّها إلى إلهك فإنّك تلجئها إلى كهف حريز ، و مانع عزيز)) . إننا نناشد المؤسسة الدينية والمثقفون والمعنيون من اجل إخراج نهج البلاغة الى النور من خلال إبراز نصوصه الصادقة بحلة جديدة وبطريقة مناسبة تتناسب مع متطلبات الحاضر في التنمية البشرية الإسلامية لان هذا النهج كنز معرفي عظيم أفضل من مئات الكتب الغربية التي تدرس اليوم في التنمية البشرية.