لقد كانت خطبة إمام المسجد في مونتريال (كندا) للأسابيع الخمسة الماضية مركزة على حرمة الموسيقى والغناء, لقد حاول جهده لانزال النص القرآني ليتماشى مع الروايات التي تزخر بها كتب الحديث . كان منحى أكثر المحدثين تغليب الحديث على النص القرآني واخضاعه له مع إن كلام الله يعلى ولا يعلى عليه . لا أريد الخوض في أعماق هذا الموضوع لكن ماأريد الوصول اليه هو أهل الموسيقى والغناء لم يذبحوا ولم يقتلوا أحدا من المسلمين أو العالمين في زمان كثر الذبح والقتل من مدعي الدين .
أغلب الخطباء وأمة الجماعه وفي عمل غير واعي يحاولون ان يبعدوا الانتباه عن ضحايا مدعي الدين ويركزوا على ضحايا وهميين لغيرهم .
في اعتقادي إن أهل الغناء والموسيقى ليس لهم قوانين خاصه بهم وإنما قوانينهم والسلطة التي يخضعون لها هي قوانين السلطة الدنيويه اما المتدينين فلهم قوانينهم وسلطتهم الخاصه بهم والتي تتضارب في اغلبها مع قوانين السلطة الدنيوية. وبسبب هذا التضارب ينتج عنه دماء ودمار وخراب . كل من السلطتين يكابر ويتهم الاخر بتجاوز حدوده ونسي بان الصدام حتمي وأكيد لتعارض قوانين السلطتين وبالتالي تضارب اتباعهما.
ألسلطه ألدينيه تفرق بين ألرجل و ألمرأه أما ألسلطه ألدنيويه فتساوي بينهما, ألسلطه ألدينيه تفرق بين أفراد ألشعب هذا مسلم و هذا ذمي و حتى ألمسلم تفرقه بين مؤمن و مسلم أما ألسلطه ألدنيويه فتساوي بينهم, الى آخره من ألتناقضات بين ألسلطتين و منها قطع ألرقاب و ألجزيه و ألرجم و قطع أليد.
ولكي لا نظلم ألدين ألآلهي يجب ألتنويه ألى أن ما أقصده هو ألدين ألمذهبي أي ألدين ألذي صاغه ألفقهاء على هواهم أو على هوى سلاطينهم و ألذي أمعنوا به في أذلال ألشعوب.
فأذا كان لبعض ألفقهاء ألحق بأن يشكل ألدين طبقاً لذوقه متخذاً من ألتشدد منحى له فما ألذي يمنع ألبعض ألآخر من أن يشكله على ذوقه أيضاً و لكن متخذاً من ألتخفيف عن ألناس منحى له. فهذا أبو نصر ألفارابي و هو فيلسوف مسلم من أشهر كتبه كتاب ألموسيقى ألكبير, و هناك بحوث في تطوير نظرية ألموسيقى للشيخ ألرئيس أبن سينا, و كذلك لأبن رشد و ألكندي.
اذاً ألدين ألذي أضاف ألأنسان بصمته عليه متناقض بداخله و بين أتباعه, فأي جهه نتبع و أي دين نتبع. هل علينا أن نقسم ألناس ألى أثنيات دينيه فئويه لنجعل ألأوطان تحرق نفسها أكثر من ألذي يحصل ألآن!!!
في العالم الديمقراطي ولكي يتخلصوا من هذا التضارب قاموا بألفصل بين السلطتين واصبحت سلطة الكنيسه مستقلة ولها اتباعها وقوانينها وحدودها كما هي السلطة الدنيوية, وعند تجاوز اتباع احدى السلطتين إلى داخل حدود السلطة الاخرى يصبح خاضعا لها أو ضيفا عليها.
يقول علي ألوردي ” أن ألدين و ألدوله أمران متنافران بألطبيعه, فأذا أتحدا في فتره من ألزمن كان اتحادهما مؤقتاً, و لا مناص من أن يأتي عليهما يوم و يفترقان فيه. و أذا رأينا ألدين ملتصقاً بألدوله زمناً طويلاً علمنا أنه دين كهان لا دين أنبياء”