26 نوفمبر، 2024 12:28 م
Search
Close this search box.

إن تسل أين قبور العظماء — فعلى الأفواه أو في الأنفس

إن تسل أين قبور العظماء — فعلى الأفواه أو في الأنفس

خطاب الى – محسن الخفاجي
لانك مميز تسبقنا بمراحل  وخطواتك اوسع وبريق سناءك اكثر القا ، سبقتنا حتى بالرحيل ايها الالق الشجاع الذي يبهر الابصار.ايها الجبل العالي والقامة العراقية التي ما فتئنا نفخر بها ، وتسمو بها المدينة . لأنك تحب الشمس غادرت وطن الظلام، وطن البؤس والقهر بمعطف خبّأت في جيوبه كل النهارات ، بل كل الام وطن يبكي من فرط الالم  .. وطن اثخنته الجراح واناخت كلكله المؤامره . رغم انك من اشجع فرسانه ، تقاتل الظلام بالكلمة الشجاعه التى لا اعرف انا ان اصوغها ربما من فرط خوفي . انك  مثال لاجتماع الإرادات، واستجابة القدرات مع حسن المقصد ميزته العمل الدؤوب مع الإصرار والمثابرة، واجمل ما فيه العناد والمشاكسة .
 محسن الخفاجي –
إن الذي غادر الحياة إنما هو جسده  أما روحة  وجذوة حماسه وكبرياؤه وعناده  فباقية معنا نكاد نلامسها كلما شرعنا بالكتابة او التحدث او الخطاب .فرحيله جعلنا نقف كل منا على دكته  وفي صومعته ومحرابه  نتساءل ، فاني وجدت نفسي مثله اعيش للاخرين  . والاخرون هم كيانك وسبب وجودك وتقدمك ،فكان الخفاجي هكذا لا يأبه ببهارج الدنيا ولا مراتبها صعودا او نزولا . بل كان ثابت على مثل هو اخطها لذاته ، ولم يقو احد على زحزحته عنها .ومعلوم اننا عندما نعيش لذواتنا فحسب ،  تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ،  تبدأ من حيث بدأنا نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود، أما عندما نعيش لغيرنا فإن الحياة تبدو طويلة عميقة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه الأرض.هكذا كانت فلسفته عندما نتجاذب اطراف الحديث اثناء زياراته القليلة لمكتبتي ، او حينما القاه في مقره العتيد مقهى الادباء. فكان عظيماً في كُلِّ ما قال او  فعل حكيماً في كل فكرة اراد البناء فوقها .فكان بناؤه رصينا وكنت اغبطه ، لا ادري من اين كان يستل الكلمات ويرصفها لتصفق له بلاغة اللغه ودلالة الالفاظ  وحسن البناء وبهاء الجمل في رمزيه أخاذة تاسر المتلقي . تواضَعْ وعجزنا عن تقليدِه فأصبحْ مثلا تكرهه الكبرياء ونفرت منه العجرفة  وخاصمه الغرور حتى وهو يحصد جوائز الادب متفوقا . نذر نفسَه للنَّاس وحمِل همومَهم وأصبح حمال همّ، يا عجباً رغم مرضك – ووحدتك – وآلامك  كنت  تسابقَ الرَّيحَ فتسبقها .  اختفيت بسرعة البرق وكلمح البصر. وأقسَمْتَ على ما يبدو ان تكون فوق العنان, فيا ساكنَ السماءِ ها هي أجراسُها تقرعُ .. والاجراسُ يا أخي لا تُقرع إلا لعظماءِ الرِّجال. برحيلك خسرنا شخصيا نبعا دافئا ، وخسرت المدينة طودا شامخا تفخر به ، وخسر العراق قائدا شجاعا يقول الحق ولا يبالي . بل خسرت الاجيال عطاء يندر ان يجود به احد . لانك ينبوع دافق يسقي الحياة بهجة ويرسم امام المتعلمين دوائر النجاح ومربعات التقدم ، وتعلم الناشئه خطوات الاصرار والمثابره – فكنت تربويا فنانا اديبا شاعرا مسرحيا كاتبا صحفيا بل قل موسوعيا تحمل بلدك في حدقات العيون وتبكي اذا بكى العراق – ولكن يبقى هنالك أشخاص يعبرون في دنيا البشر.. يأبون أن يكون مرورهم عادياً او عابرا . فما بناء الحضارة إلا تراكم بصماتهم ونتاج مدادهم . وعادة ما يكون هؤلاء جسور لعبور الخير ، وأرواح تطوف حولنا تدفعنا للامل والتفاؤل فكنت واحدا مميزا منهم يا ايها الذكرى . يرحمنا ويرحمك الله .

أحدث المقالات