لاينبغي لنا كموالين ومحبين لأهل بيت الرسول (ص) أن يهنأ بعضنا البعض، بتبادل رسائل التهنئة أو بغيرها، في الأول من محرم عند غرة كل عام قمري بحجة بدأ العام الهجري الجديد، فهذا إن حدت فهو إما جهل أو مروق وصلف، واكثر مايؤذي هذا، يؤذي رسول الله(ص) وآل بيته الكرام(ع) والحجة القائم (عج) خاصة.
فالأول من محرم بما يسمى ببدأ العام الهجري الجديد، ماهي إلا “بدعة وصلف ومروق وتسمية جاهلية”، بدأت من عصر صدر الإسلام وبعد وفاة الرسول الأكرم (ص) حصرا، وأنَّ هذا التقويم ليسَ هو بتقويم أهل البيت عليهم السّلام حتّى نعتمدهُ في تعيين بداية العام الهجري ونهايته، بل هو تقويم أعدائهم.فالهجرة كانتْ في شهر ربيع الأوّل وليسَت في مُحرّم..
أن من جعل التقويم السنوي يبدأ في مُحرّم هو (الخليفة الثاني)،فهو أوّل من أرخ السنة بمُحرّم الحرام، ليصرف أنظار النَّاس وعقولهم عن هجرة النبيّ الأعظم(ص) والمنقبة العظيمة لمبيت الوصيّ أمير المؤمنين (ع) على فراشه.
بل الأمر أعظم مما ذكرنا ،وهو أنَّه أرادَ “إحياء سنَّة الجاهلية قبل الإسلام”، وأراد كذلك محو ذكرُ النبي الأعظم (ص) وأهل بيته الأطهار (ع).
حيث إن مبدأ رأس السنة كان عندهم في محرم، حسبما ينصُّ على ذلك كبار علماء المُخالفينكإبن كثير في البداية والنهاية.
وأجتهد أيضا، بتحرَّيم كثيرً من الأحكام التي نزلت على رسول الله، ومنها تحريمه لزواج المتعة، ومنع قول”حيَّ على خير العمل” في الاذان وغيرها من الأحكام، والتي عمل بها المسلمون في حياة رسول الله (ص).
واعتمدها النظام الاموي المنحرف -أي بداية السنة الهجرية من محرم- فيما بعد، ك”شماتة” بقتل ريحانة رسول الله ابي عبد الله الحسين (ع) في شهر محرم الحرام، ولتحويل انظار المسلمين عن تذكر جريمة التاريخ تلك.
وللمتتبع لاحداث التاريخ، يجد أن رأي الامام علي بن ابي طالب (ع) في أن بداية السنة الهجرية تبدأ في (1) رمضان من كل عام، هو الرأي الصائب الذي يجب إعتماده، لأنها تسبق ليلة القدر، وهي الليلة التي وصفها أمير المؤمنين وبسند النص القرآني أنها -“فيها يفرق كل أمر حكيم”-.
فرأسُ السنة عند أهل البيت الكرام عليهم السّلام هو”شهرُ رمضان المُبارك “،يقول أمير المؤمنين (ع):”إن أوَّل كل سنة أول يوم من شهر رمضان”.(وسائل الشيعة-ج3)
وفي موضعٍ آخر يقول(ع):”ورأس السنة شهر رمضان”.(التهذيب -ج1)
وهذا هو الصحيح، ولا غرابة.بل إنّ الغريب أن لايكون شهرُ رمضان بداية السنة،فُنحن نعلم جميعاً أنّ الله تعالى يقُدّر للإنسان في ليلة القدر تقديرات سنة كاملة لحياته يكتب فيها الآجال والأرزاق والابتلاءات والعطاءات.فإذا كانت ليلة القدر ليلة التقدير لسنة كاملة ، فمن الطبيعي أن يكون شهرها”شهر رمضان” هو التأريخ الصحيح لبداية السنة..
نستنتج من هذا، إن السنة الهجرية إذا قدر لها أن تبتدأ في الأول من رمضان المبارك، فهذا يعني أن امتداد العام الهجري يقع بين شهرين كريمين، وهما شهر رمضان في غرتها وهو شهر الله سبحانه وتعالى، وشهر شعبان في آخرها وهو شهر رسول الله الأكرم صلوات الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ، ويعني أيضا أنها تفتتح في ليلة القدر التي تقع في رمضان الكريم، وتختتم في ليلة النصف من شهر شعبان المبارك، وما بينهما وفي منتصفها بشهرها السادس-أي صفر- تقع زيارة أربعينية ابي عبد الله الحسين (ع) روحي له الفداء، والتي ورد ذكرها في القرآن المجيد.
ودعونا نقف على احداث هجرة الرسول الأكرم (ص) ولنرى هل أن للأول من محرم علاقة بهذه الهجرة المباركة؟
إذ بدأت الهجرة في يوم الخميس في 27 صفر 1 هج، الموافق9 ايلول/ سبتمبر 622م.
ووصل (ص) إلى قباء قرب المدينة المنورة، يومالجمعة 13 ربيع الأول 1هج، الموافق24 ايلول/ سبتمبر 622م، وهي أول زيارة إلى المدينة المنورة لأداء صلاة الجمعة.
وقد غادر (ص) قباء واستقر بالمدينة المنورة يوم الاثنين 23 ربيع الأول 1 هج، الموافق 4 تشرين الأول/أكتوبر 622م.
وبعد وصول النبي الأكرم (ص) واستقراره فيها، سميت المدينة المنورة بهذا الاسم، وأيضا مدينة الهجرة والسنة، كما وصارت الهجرة إليها من سائر الأنحاء الأخرى.
“والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”(الحشر:6).